في عالم كرة القدم، تسعى الأندية دومًا إلى اعتلاء منصات التتويج، ورفع رايات الفخر أمام جماهيرها. كل بطولة تمثّل فرصة لكتابة فصل جديد من المجد، وكل مشاركة تُسجَّل في تاريخ النادي بأحرف من ذهب.
لكن في بعض الأحيان، تأخذ اللعبة منحًى غير متوقع، وتغادر المألوف لتدخل مناطق غير مأهولة، كما حدث مع النصر، الذي دوّن اسمه كأول نادٍ سعودي ينسحب رسميًا من بطولة خارجية، في واقعة لا تزال محفورة في أرشيف الكرة السعودية.
وضمن سلسلة “قصة سعودية” التي يقدمها موقع “كووورة” أسبوعيًا، نسلّط الضوء هذا الأسبوع على حكاية انسحاب “العالمي” من إحدى البطولات الخليجية، والتي شكّلت لحظة نادرة ومثيرة للجدل في تاريخ المشاركات الخارجية للأندية السعودية.
كأس الخليج للأندية 1982.. البداية والانفجار
في عام 1982، انطلقت النسخة الأولى من بطولة الأندية الخليجية أبطال الدوري، بمشاركة خمسة أندية تمثل دول الخليج: النصر من السعودية، العربي الكويتي، الرفاع البحريني، الريان القطري، والأهلي العماني.
دخل النصر البطولة بطموحات كبيرة، وكان يمثل الكرة السعودية في أولى نسخ هذه المنافسة الإقليمية. ولكن على عكس التوقعات، لم يكن التتويج أو المنافسة على اللقب هو الحدث الأبرز، بل كان قرار الانسحاب المفاجئ.
الشرارة.. احتجاج تحكيمي يُشعل الأزمة
خاض النصر سبع مباريات في البطولة، لكن المباراة التي شكّلت نقطة التحول كانت أمام الرفاع البحريني، والتي انتهت بالتعادل 1-1. حينها، اعترضت إدارة النصر بشدة على قرار اللجنة المنظمة بتبديل طاقم التحكيم المقرر لتلك المباراة.
صحيفة “الجزيرة” السعودية وثّقت في تقاريرها آنذاك أن النادي رفع احتجاجًا رسميًا بسبب التغييرات التحكيمية، ورفض لاحقًا السفر إلى سلطنة عمان لخوض المواجهة التالية أمام الأهلي العماني.
قرار تاريخي.. وانسحاب رسمي
رفض النصر خوض مباراته الأخيرة، ما دفع اللجنة المنظمة لاحتساب نتيجة اللقاء لصالح الأهلي العماني بنتيجة 2-0 وفقًا للوائح، وتثبيت انسحاب النصر رسميًا من البطولة.
هكذا، خرج النصر من المنافسة بطريقة غير متوقعة، ليُصبح أول نادٍ سعودي يُسجل انسحابه رسميًا من بطولة خارجية، بحسب ما وثّقه عدد من المؤرخين، وعلى رأسهم عمرو بن سراج فقيه، ممثل النادي الأهلي في مشروع توثيق الكرة السعودية.
وفي نهاية المطاف، تُوّج العربي الكويتي بلقب النسخة الأولى من البطولة، فيما بقي انسحاب النصر حدثًا استثنائيًا في تاريخ الكرة الخليجية والسعودية.