من أجل نصف دستة مباريات.. هل يستحق أرنولد 10 ملايين؟
أثار إعلان ريال مدريد تعاقده مع النجم الإنجليزي ترينت ألكسندر أرنولد، من ليفربول، الكثير من الجدل، بعد أنباء عند دفع النادي الملكي 10 ملايين جنيه إسترليني، لضمان مشاركته في بطولة كأس العالم للأندية 2025 في الولايات المتحدة.
هذا القرار، الذي أثار دهشة الجماهير واستياء المحلل الإنجليزي جاري نيفيل، يعكس رؤية استراتيجية للنادي الملكي لتعزيز صفوفه قبل البطولة العالمية الاستثنائية، خاصة في ظل أزمة مركز الظهير الأيمن التي عانى منها الفريق خلال الموسم الماضي.
أزمة على الرواق الأيمن
عانى ريال مدريد خلال الموسم الماضي من أزمة واضحة في مركز الظهير الأيمن، بعد إصابة الظهير الأساسي داني كارفاخال بتمزق في الرباط الصليبي، مما أبعده عن الملاعب لفترة طويلة.
وكان كارفاخال، الذي يُعتبر أحد أفضل الأظهرة في العالم، العمود الفقري للجبهة اليمنى بفضل توازنه الدفاعي والهجومي، إلى جانب قدرته على تقديم تمريرات حاسمة.
وترك غيابه فراغًا كبيرًا، تفاقم مع استعداد النادي لتوديع لوكاس فاسكيز، الذي لعب بشكل مؤقت في هذا المركز.
AFP
ولم يكن فاسكيز، رغم تفانيه، الخيار المثالي بسبب افتقاره للخبرة الكافية في هذا الدور، خاصة في النواحي الدفاعية، مما أثر على تماسك الفريق في بعض المباريات.
وفي محاولة لسد هذا الفراغ، لجأ المدرب السابق كارلو أنشيلوتي إلى الاستعانة بلاعب الوسط الأوروجوياني فيديريكو فالفيردي في مركز الظهير الأيمن في عدة مباريات.
وقدم فالفيردي، الذي يُعرف بتعدد استخداماته وقدرته على تغطية مساحات واسعة من الملعب، أداءً لا بأس به، لكنه لم يتمكن من تعويض الدور الهجومي والإبداعي الذي يقدمه ظهير أيمن متخصص.
هذه التجربة، رغم نجاحها النسبي، كشفت عن الحاجة الماسة للاعب يمتلك الرؤية والدقة في التمرير، بالإضافة إلى القدرة على التحرك بسلاسة بين الدفاع والهجوم.
أرنولد.. الحل الفني المثالي؟
يُعد أرنولد، البالغ من العمر 26 عامًا، واحدًا من أفضل الأظهرة في العالم، بفضل قدراته الاستثنائية في بناء اللعب وصناعة الفرص.
وخلال مسيرته مع ليفربول، أظهر ترينت براعة لا مثيل لها في تقديم التمريرات الحاسمة، حيث سجل 23 هدفًا وقدم 92 تمريرة حاسمة في 354 مباراة مع الريدز في جميع البطولات.
هذه الأرقام تعكس دوره البارز كصانع ألعاب من مركز الظهير الأيمن، وهو ما يتماشى تمامًا مع أسلوب ريال مدريد الهجومي المتوقع، تحت قيادة المدرب الحالي تشابي ألونسو.
وبالتأكيد يمنح انضمام أرنولد قبل كأس العالم للأندية، فريق ألونسو ميزة فنية كبيرة، فالبطولة التي ستقام في الفترة من 14 يونيو/ حزيران إلى 13 يوليو/ تموز 2025، تضم مجموعة من أقوى الأندية في العالم، مثل مانشستر سيتي، وبايرن ميونيخ، وإنتر ميلان، وباريس سان جيرمان، والهلال السعودي.
EPA
وفي مثل هذه المنافسة، يحتاج ريال مدريد إلى لاعب يمتلك القدرة على تغيير مجرى المباريات بتمريرة واحدة، وهو ما يجيده أرنولد، حيث ستكون قدرته على إرسال كرات عرضية دقيقة، بمثابة سلاح حاسم لدعم المهاجمين مثل كيليان مبابي وفينيسيوس جونيور، بينما رؤيته الاستراتيجية ستمكن الفريق من السيطرة على وسط الملعب بشكل أكبر.
تأثير ترينت
من الناحية الفنية، يتميز أرنولد بقدرته على اللعب كظهير هجومي يتحول أحيانًا إلى لاعب وسط، مما يمنح ريال مدريد مرونة تكتيكية عند الحاجة.
وسيستفيد تشابي ألونسو، المعروف بفلسفته الهجومية، من قدرات الدولي الإنجليزي في بناء الهجمات من الخلف، على عكس فالفيردي، الذي كان يلعب في المركز بشكل دفاعي أكثر، بينما يستطيع أرنولد أن يضيف بُعدًا هجوميًا مميزًا، خاصة في المباريات التي تتطلب اختراق دفاعات متكتلة.
علاوة على ذلك، يمتلك ترينت خبرة دولية كبيرة مع منتخب إنجلترا، حيث شارك في بطولات كبرى مثل كأس العالم وكأس أمم أوروبا.
هذه الخبرة ستكون حاسمة في بطولة عالية الضغط مثل كأس العالم للأندية، حيث يحتاج الفريق إلى لاعبين يتمتعون بالهدوء والثقة في اللحظات الحاسمة.
جدوى اقتصادية محتملة
دفع ريال مدريد 10 ملايين جنيه إسترليني لضم ترينت مبكرًا قد يبدو مبلغًا كبيرًا للاعب كان بإمكانهم ضمه مجانًا بعد أسابيع قليلة، لكن هذا القرار يعكس الطموح الكبير للنادي في الفوز بالبطولة، التي تقدم جوائز مالية ضخمة تصل إلى 100 مليون يورو للفائز.
وقد يكون وجود أرنولد العامل الحاسم في تحقيق هذا الهدف، خاصة أن الفريق يعاني من نقص في هذا المركز، بالإضافة إلى ذلك، انضمام اللاعب مبكرًا يتيح له التأقلم مع أسلوب اللعب والتكتيكات الجديدة قبل انطلاق البطولة، مما يعزز انسجامه مع زملائه.
ورغم الفوائد الفنية، قد يواجه أرنولد تحديات في التأقلم السريع مع ريال مدريد، خاصة مع الضغط الإعلامي والجماهيري الذي يرافق النادي.
كما أن الانتقال من الدوري الإنجليزي إلى الإسباني يتطلب تعديلات على أسلوب اللعب، لكن خبرة ترينت وذكاؤه الكروي يجعلانه قادرًا على التغلب على هذه التحديات.