شرط الـ40 مليون ريال يفجر أزمة الرئاسة في قلعة الراقي
تشهد أروقة النادي الأهلي السعودي حالة من الترقب والجدل، بعد أن عاد ملف الرئاسة إلى الواجهة مجددًا، إثر التطورات الأخيرة التي وضعت رئيس مؤسسة النادي غير الربحية، خالد الغامدي، أمام مفترق طرق حاسم بين الاستمرار أو المغادرة.
وفي الوقت الذي يحتفل فيه جمهور الأهلي بعودة الفريق إلى الواجهة القارية بعد التتويج بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة، طفت على السطح أزمة إدارية قد تُلقي بظلالها على استقرار الكيان الأخضر، إذ بات مستقبل الغامدي مهددًا بسبب اشتراطات مالية وتنظيمية جديدة.
الغامدي بين خيارين لا ثالث لهما
وبحسب صحيفة “الرياضية” السعودية، تتَّجه شركة الأهلي إلى وضع خالد الغامدي أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما؛ إما دفع 40 مليون ريال لنيل حق رئاسة مجلس إدارة المؤسسة غير الربحية مجددًا، أو ترك المنصب ليُسمَّى رئيس جديد من داخل المجلس أو خارجه.
ووفقًا للصحيفة، فإن الشركة تنوي ترشيح من تراه مناسبًا للمنصب إذا لم يُسدِّد الغامدي المبلغ المحدَّد، في وقت يُنتظر فيه أن يُعقد اجتماع حاسم خلال الأسابيع المقبلة لحسم هذا الملف الذي أثار اهتمام الشارع الأهلاوي.
وفي الوقت الراهن، تُدار أعمال الشركة عبر اللجنة التنفيذية التي يرأسها أحمد الشنقيطي، إلى حين البت في مصير القيادة الإدارية للنادي.
وتشير الصحيفة إلى أن النظام الجديد يمنح المجلس صلاحية تعيين رئيس بديل في حال عدم الالتزام بالاشتراط المالي المطلوب، ما يجعل الاجتماع المرتقب بمثابة محطة مفصلية في مستقبل الغامدي على رأس الأهلي.
التزامات مالية وضوابط جديدة
وكشفت الصحيفة أن خالد الغامدي سبق أن سدَّد للمؤسسة غير الربحية مبلغ مليون و150 ألف ريال مقابل عضويته النخبوية التي وفرت له الأصوات اللازمة خلال الانتخابات، فيما تُقدَّر ميزانية مجلس إدارة المؤسسة بنحو مليون ريال.
كما تمنحه عضويته في المؤسسة، إلى جانب وجوده في مجلس إدارة الشركة، مزايا ومخصصات يصل مجموعها إلى نحو 600 ألف ريال سنويًا.
إلا أن الملف لا يقف عند حدود الأرقام فقط، إذ أشارت الرياضية إلى أن مجلس إدارة المؤسسة لم يُنفذ سوى هدف واحد من أصل 6 مدرجة ضمن مسؤوليته، والمتمثل في ترشيح عضوين للمجلس، بينما لم يلتزم ببقية الأهداف المقررة حتى الآن، ما يزيد من الضغوط على القيادة الحالية.
تشريعات جديدة تغيّر خريطة الرئاسة
وفي يوليو/تموز الماضي، كشفت الصحيفة ذاتها عن تشريع جديد يُنتظر صدوره ينظم آلية رئاسة مجالس إدارات المؤسسات غير الربحية في الأندية المملوكة للشركات.
وينصّ التشريع على ضرورة دفع مبلغ 40 مليون ريال في عام واحد لكل من يرغب في تولي رئاسة المجلس، وهو ما يعني أن انتخابات المؤسسات ستفقد أهميتها التقليدية، إذ ستحتفظ المؤسسة بمقعدين في مجلس إدارة الشركة دون اشتراط أن يكون أحدهما للرئيس.
وبالتوازي مع ذلك، أشارت تقارير صحفية إلى أن وزارة الرياضة تعمل على إقرار لائحة تنظيمية جديدة تخص آلية الرئاسة في الأندية المملوكة للشركات، تتضمن تمديد مدة الولاية إلى 4 سنوات بدلًا من سنة واحدة، مع إلزام الرئيس بدفع 10 ملايين ريال سنويًا نظير تولي المنصب.
وتستهدف هذه الخطوة تعزيز الاستقرار الإداري والحوكمة المالية، في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها الرياضة السعودية ضمن مشروع التخصيص ودخول الشركات الكبرى على خط ملكية الأندية.
التحول المؤسسي في الأندية السعودية
ويُذكر أن التحول المؤسسي في الأندية السعودية بدأ فعليًا منذ يونيو/حزيران 2023، عندما أعلن الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وزير الرياضة، إطلاق مشروع الاستثمار والتخصيص، الذي شمل تحويل أربعة أندية كبرى إلى شركات هي الهلال، الأهلي، الاتحاد، والنصر.
واستحوذ صندوق الاستثمارات العامة على نسبة 75% من أسهم تلك الأندية، مقابل 25% للمؤسسات غير الربحية، التي تضم أعضاء الجمعيات العمومية وممثلين عن النادي.
انتخابات مثيرة وسيناريوهات مفتوحة
وكانت انتخابات الأهلي الأخيرة قد شهدت أحداثًا درامية، بدأت بإعلان فوز خالد الغامدي بالرئاسة قبل أن تُلغى النتائج بسبب طعون مقدمة، ليُعاد قيد قائمتي أحمد معتوق وأحمد الحصيني في السباق.
ومع انسحاب الحصيني لاحقًا، انحصرت المنافسة بين الغامدي وأحمد جنة، قبل أن يحسم الأول الفوز باكتساح في الجمعية العمومية يوم 25 أغسطس/أب الماضي، بعد حصوله على 10351 صوتًا مقابل 2260 لجنة.
ويملك الغامدي تاريخًا إداريًا يمتد لسنوات داخل أسوار النادي، إذ تولى رئاسة الأهلي للمرة الأولى عام 2019، ثم عاد عام 2023 بالتزكية، ويُعد من أبرز رجال الأعمال في جدة، حيث يمتلك خبرة واسعة في القطاع العقاري والاستثماري.
إنجازات تحت المجهر
ورغم الجدل الإداري الحالي، لا يمكن تجاهل أن فترة الغامدي شهدت طفرة رياضية كبرى، أبرزها تتويج الأهلي بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة للمرة الأولى في تاريخه موسم 2024-2025، بعد الفوز في النهائي على كاوازاكي فرونتالي الياباني بثنائية نظيفة.
كما شهدت حقبته استقطاب عدد من أبرز نجوم الكرة العالمية، مثل الجزائري رياض محرز، السنغالي إدوارد ميندي، الإيفواري فرانك كيسي، الإنجليزي إيفان توني، التركي ميريح ديميرال، البرازيلي روبرتو فيرمينو، والفرنسي آلان سانت ماكسيمان.