في ليلة ينتظرها عشاق الكرة الإيطالية بشغف، يعود ماسيميليانو أليجري المدير الفني لميلان إلى ملعب “أليانز ستاديوم” في تورينو، لمواجهة ناديه السابق يوفنتوس، في قمة كروية تحمل الكثير من المعاني، ورغم أن المدرب المخضرم نفى أن تكون المباراة ذات طابع “انتقامي”، إلا أن خلفياتها التاريخية والشخصية تضفي عليها نكهة خاصة.
أليجري الذي قضى 8 سنوات مميزة في قيادة البيانكونيري، حيث جمع خلالها ألقاب الدوري والكأس والسوبر، يقود الآن الروسونيري في مواجهة لا تخلو من الرمزية. فالمباراة بالنسبة له ليست مجرد محطة في رحلة الدوري الإيطالي، بل اختبار جديد أمام فريق يعرفه جيداً وترك داخله بصمات لا تُمحى.
“ليست مباراة انتقامية”
في تصريحاته التي نقلها موقع “فوتبول إيطاليا”، شدد أليجري على أن العودة إلى ملعب أليانز لا تعني الانتقام من يوفنتوس أو من الإدارة التي أنهت مشواره هناك بطريقة مثيرة للجدل عام 2024، بعد فوزه بكأس إيطاليا.
وقال ماسيميليانو: “لقد كان أسبوعاً عادياً بالنسبة لي. من الطبيعي أن أشعر بمزيج من المشاعر بعد 8 سنوات قضيتها هنا. لكن هذه ليست مباراة انتقامية. عندما رحلت عن ميلان شكرت النادي على سنواتي معه، وعندما غادرت يوفنتوس شكرتهم أيضاً. غداً ستكون مباراة كبيرة، وعلينا أن نخوضها بذكاء”.
وأضاف: “علينا أن نركز على الهدف الأكبر وهو عودة ميلان إلى دوري أبطال أوروبا. من أجل ذلك، يجب أن نستمر في العمل وتحقيق النتائج، حتى لو واجهنا لحظات صعبة على طول الطريق”.
وأثار المدرب الإيطالي جدلاً بعدما لمح إلى إمكانية إبقاء النجم البرتغالي رافائيل لياو على مقاعد البدلاء مرة أخرى، رغم تعافيه مؤخراً من إصابة عضلية. وأوضح أليجري أن اللاعب أمضى أسبوعاً جيداً في التدريبات، وهو الأول له منذ منتصف أغسطس، لكنه لا يزال بحاجة إلى استعادة لياقته الكاملة.
وقال: “لياو متشوق جداً للعودة، وهو يعرف أهمية هذا الموسم بالنسبة له. الفريق بحاجة إليه، وهو أيضاً بحاجة إلى الفريق. لكنه بدأ الموسم للتو تقريباً، لذلك علينا التعامل مع الأمر بحذر. أنا سعيد بتطور لاعبين آخرين مثل صامويل ريتشي، الذي أثبت قدرته على اللعب في أكثر من مركز، وكذلك نكونكو الذي تحسن بدنيًا بشكل ملحوظ”.
وبخصوص إمكانية تغيير نظام اللعب لإيجاد مكان للياو، علق قائلاً: “تعلمت شيئاً واحداً: لا يمكنني أن أغير فقط لأن الناس يقولون إن الوقت قد حان للتغيير. التغيير يأتي عندما أرى أن الظروف مناسبة لذلك”.
ذكريات مشتعلة مع يوفنتوس
رحلة أليجري مع البيانكونيري بين عامي 2014 و2019 كانت تاريخية، إذ قاد الفريق في 271 مباراة حقق خلالها 191 فوزاً و39 هزيمة و41 تعادلاً. تحت قيادته سجل يوفنتوس 524 هدفاً واستقبل 208، وفاز بخمسة ألقاب دوري متتالية، وأربع كؤوس إيطاليا، ولقبين في السوبر المحلي، ووصل إلى نهائي دوري الأبطال مرتين لكنه خسر أمام برشلونة وريال مدريد.
لكن فترته الثانية (2021 – 2024) لم تكن بالنجاح نفسه، إذ قاد الفريق في 149 مباراة فاز بـ80 وخسر 35 وتعادل في 34، مكتفياً بتحقيق كأس إيطاليا موسم 2023-2024.
رحيله الأخير كان مثيراً للجدل، حيث أقاله المدير الرياضي كريستيانو جيونتولي بعد خلاف صاخب أثناء حفل توزيع جوائز كأس إيطاليا، لينتهي مشواره مع السيدة العجوز بطريقة غير لائقة بالنسبة لتاريخه الكبير.
عقدة يوفنتوس مستمرة
تاريخ أليجري ضد يوفنتوس لم يكن سهلاً، إذ واجه البيانكونيري كمدرب في 14 مباراة مع كالياري وميلان، لم يحقق خلالها سوى أربعة انتصارات، مقابل 8 هزائم وتعادلين.
البداية كانت عام 2008 عندما خسر مع كالياري 0-1، لكنه عاد في الإياب ليفجر المفاجأة بالفوز 3-2 في تورينو. مع ميلان، لم يتمكن سوى من تحقيق فوزين فقط في عشر مواجهات، بينما كانت الغلبة في الغالب لليوفي.
الأرقام تكشف أن البيانكونيري كان خصماً صعباً على أليجري حتى وهو بعيد عن مقاعده الفنية، وهو ما يضيف مزيداً من الحذر لهذه المواجهة المنتظرة.
ما وراء القمة
بالنسبة لميلان، فإن المباراة لا تتعلق فقط بتاريخ مدربه، بل بمصير موسمه بأكمله. الروسونيري يعيش سباقاً محتدماً من أجل العودة إلى دوري الأبطال، وأي تعثر قد يعقد مهمته. أما يوفنتوس، الذي لم يتعرض للهزيمة بعد هذا الموسم، فيرى في القمة فرصة جديدة لإثبات جدارته بالمنافسة على اللقب.
أليجري، الذي يعيش صراعاً بين مشاعره تجاه فريقه السابق ومسؤوليته الحالية، يصر على أن المواجهة مجرد محطة في طريق طويل. لكن الجماهير ترى فيها أكثر من ذلك: مواجهة بين الماضي والحاضر، بين مدرب يعرف دهاليز البيانكونيري جيداً، ونادٍ لا يرحم خصومه على أرضه.