عاش الجناح الهولندي دونيل مالين، لاعب أستون فيلا، ليلة مليئة بالمشاعر المتضاربة، بعد مشاركته في فوز فريقه على ضيفه يونج بويز (2-1) اليوم الخميس، ضمن منافسات الجولة الخامسة بالدوري الأوروبي.
مالين قاد هجوم الفيلانز من البداية، ونجح في تسجيل ثنائية فريقه في الدقيقتين 27 و42، ليحصل على جائزة رجل المباراة عن جدارة واستحقاق.
لكن مالين تعرض لإصابة في الرأس عقب تسجيله الهدف الأول، على يد مشجعي الفريق السويسري الذين حضروا بمدرجات ملعب المباراة.
وبحسب صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فإنه أثناء احتفال الدولي الهولندي بهدفه الأول، تفاجأ بمقذوفات مشجعي يونج بويز تلقى تجاهه.
وارتطمت واحدة برأس لاعب أستون فيلا بجانب خط التماس، ليتعرض إلى جروح دامية في مقدمة رأسه.
وعندما سجل مالين، هدفًا آخر في الدقيقة 41، ازدادت حدة الغضب، مما دفع لاعبي الفريق الإنجليزي للابتعاد عن زاوية الملعب، لكن ذلك لم يمنع المشجعين من إلقاء المزيد من الكؤوس والمقذوفات على أصحاب الأرض.
واندفع لوريس بينيتو، قائد يونج بويز، ليُوجّه نداءً حماسيًا لهم للتحلي بالسلوك اللائق، لكن ذلك لم يُفضِ إلا إلى المزيد من الخلاف، حيث بدأ عدد من السويسريين في الشجار مع الشرطة، وطُرد عدد منهم، ممن اندفعوا إلى أرض الملعب، بالقوة.
وأدى ذلك إلى توقف المباراة لمدة 5 دقائق، قبل أن يعود النظام في النهاية، بصفين من رجال الشرطة، كثير منهم بكامل معدات مكافحة الشغب، يقطعون الطريق إلى الملعب.
وطوال فترة وقوع هذه الأحداث، كان هناك أطفال بين الجماهير، عالقين وسط العداء، مما اضطر القناة الناقلة لإبعاد الكاميرات عن موطن الاشتباكات بين الشرطة والمشجعين.
سمعة سيئة
اكتسب مشجعو فريق يونج بويز، سمعة سيئة في إثارة الفوضى، حيث اندلعت حوادث متعددة على مر السنين في مباريات الفريق.
وقبل فترة قصيرة، وبالتحديد في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وردت تقارير عن اعتدائهم على الشرطة في مركز للشرطة في مدينة أراو السويسرية بعد مباراة محلية.
واحتاج 5 مشجعين إلى نقلهم إلى المستشفى في تلك الليلة بعد إصابتهم بحروق جراء الألعاب النارية التي أطلقوها.
وفي أكتوبر/تشرين أول الماضي، اقتحم مشجعون غاضبون، الملعب، لمواجهة اللاعبين بعد هزيمتهم بنتيجة (1-2) أمام سانت جالين، بعد أيام قليلة من هزيمتهم الساحقة (0-5) أمام لوزان.
يذكر أن يونج بويز فاز بـ 6 من آخر 8 ألقاب في الدوري السويسري، لكنه احتل المركز الثالث في الموسم الماضي.
مشاهد معتادة
شهدت البطولات الأوروبية الكبرى عبر العقود، عدة وقائع صادمة، تمثلت في اعتداء الجماهير على اللاعبين داخل الملعب أو في محيطه، وهي حوادث أثارت جدلاً واسعاً حول أمن المباريات وقدرة الجهات المنظمة على حماية الرياضيين.
ورغم التطور الكبير في نظم الرقابة، ما زالت بعض الملاعب تشهد لحظات تنفلت فيها الأعصاب وتتحول فيها المدرجات من عنصر دعم إلى عامل خطر.
ومن أبرز تلك الوقائع، حادثة إيريك داير لاعب توتنهام عام 2020، حين قفز إلى المدرجات بعد مباراة في كأس الاتحاد الإنجليزي، ودخل في اشتباك مع أحد المشجعين الذي أساء لأحد أفراد أسرته.
وعلى الرغم من أن الحادثة لم تتضمن اعتداءً مباشرًا على اللاعب، لكنها عكست حجم الاحتقان وإمكانية انفجار الأمور وسط غياب الرقابة اللحظية.
وفي الدوري الفرنسي، تبرز حادثة الاعتداء على ديميتري باييه خلال مباراة مارسيليا وليون عام 2021، حين تلقى اللاعب، قارورة مياه على رأسه قبل تنفيذ ركنية، ما تسبب في إيقاف المباراة وإثارة أزمة كبيرة حول عنف الجماهير في الليج 1.
وتكررت الاعتداءات في فرنسا أكثر من مرة، منها ركل لاعب ليون ماتيو جوستافو من أحد المشجعين أثناء خروجه من الملعب، ما دفع الاتحاد الفرنسي إلى تشديد العقوبات بشكل غير مسبوق.
أما في الدوري الإنجليزي، فقد شهد عام 2022 واقعة خطيرة حين تعرض روبن أولسن حارس أستون فيلا للاعتداء، أثناء اجتياح جماهير مانشستر سيتي للملعب للاحتفال بالتتويج.
ورغم أن إصابته كانت طفيفة، فإن المشهد أظهر هشاشة التنظيم في لحظات الاحتفال الكبرى.
وفي إسبانيا، بقيت حادثة دفع أحد جماهير برشلونة للاعب ريال مدريد، فينيسيوس جونيور عند الركنية ضمن أكثر اللحظات التي أثارت الانتباه، خاصة في ظل التوتر المتقد بين اللاعب وبعض الجماهير، ما دفع الليجا لفرض إجراءات أكثر صرامة تجاه أي تجاوز يمس اللاعبين.
هذه الحوادث مجتمعة ذكّرت الأوروبيين بأن شغف كرة القدم يمكن أن يتحول إلى تهديد إذا غابت السيطرة.
ولذلك اتجهت الدوريات الكبرى إلى وضع بروتوكولات أمنية مشددة، وزيادة أعداد رجال الأمن، وتحسين أنظمة المراقبة لمنع تكرار الاعتداءات.
رغم ذلك، يبقى التحدي قائماً في موازنة الحماس الجماهيري مع حماية اللاعبين الذين يبقون العنصر الأهم في هذه اللعبة.