أكد أندريس إنييستا، نجم برشلونة وإسبانيا السابق، أن هناك هدفًا واحدًا في مسيرته يعتز به بشكل خاص ويصفه بأنه الأجمل، رغم الأهداف التاريخية الأخرى التي سجلها طوال مسيرته الحافلة بالإنجازات.
وقال في مقابلة حصرية مع صحيفة “ذا أتلتيك” البريطانية: “أفتقد اللعبة. كرة القدم ليست مجرد 90 دقيقة على أرض الملعب، بل تتطلب الكثير من التحضير، وفي النهاية، هذا ما يُرهقك”.
رغم أن إنييستا لم يسجل العديد من الأهداف — 57 هدفًا في 674 مباراة مع برشلونة و13 هدفًا في 131 مباراة مع إسبانيا — إلا أن كل هدف سجله كان أيقونيًا، لكنه يشير إلى هدفه ضد بلجيكا في تصفيات كأس العالم 2010 باعتباره الأجمل في مسيرته: “بالنسبة لي، كان أحد أجمل الأهداف التي سجلتها. كان رائعًا بكل المقاييس، بسبب الحركة وصعوبة المساحة المتاحة. نوتميجت الحارس وسجلت الهدف، كان لكل شيء فيه جمال”.
كما تذكر إنييستا هدفه ضد تشيلسي في دوري أبطال أوروبا 2009، قائلا: “كان كل شيء شبه ضائع. سجلت في الدقيقة 93 لنصل للنهائي بروم. أصبح الهدف يعرف باسم ‘إل إنييستازو’. كانت لحظة مجنونة”.
وعن هدفه في نهائي كأس العالم 2010 بجوهانسبرج، قال: “كان مختلفًا عن هدف تشيلسي. دخلنا في الوقت الإضافي وكان علينا التسجيل قبل الركلات الترجيحية. شعرت بالقوة وأردت أن نفعل كل شيء لتجنب الوصول للركلات”. واحتفل برسالة على القميص كتب عليها: “داني جاركي، دائمًا معنا”، في إشارة إلى صديقه الذي توفي فجأة عام 2009.
الحديث عن هذا الهدف يأخذنا إلى لحظة خاصة لا تُنسى في مسيرته الكروية، تكشف جانبًا من عبقريته الفنية وصموده أمام أصعب المواقف.
كانت الليلة الأولى لإنييستا في أكاديمية الشباب الشهيرة لنادي برشلونة، لاماسيا، واحدة من أصعب ليالي حياته.
في سن 12 عامًا، ترك قريته الصغيرة فونتالبيا (عدد سكانها 2400 نسمة في مقاطعة ألباسيتي) وعائلته، ليواجه وحيدًا تحديات جديدة على بعد مئات الأميال من منزله.
رغم ذلك، كان ذلك الحلم بداية رحلته نحو المجد، رغم أن التغيير الصادم ترك أثرًا نفسيًا عليه وربما ساهم لاحقًا في الاكتئاب الذي عانى منه في ذروة مسيرته.
اعتزل إنييستا كرة القدم في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي عن عمر 41 عامًا، لكنه ما زال يتحدث عن اللعبة وكأنه لم يتركها، مؤكداً أن شغفه بها سيبقى طوال حياته.
ويصادف هذا الخريف الذكرى السنوية الأولى لحياة إنييستا الجديدة، ويبدو أن برشلونة يكرمه خلال رحلاته بدوري أبطال أوروبا هذا الموسم، إذ لعب الفريق مباراة مثيرة انتهت بالتعادل 3-3 مع كلوب بروج، نفس الملعب الذي شهد ظهوره الأول مع برشلونة عام 2002. واليوم، يعود النادي لستامفورد بريدج، ملعب تشيلسي، حيث سجل هدفه الأشهر الذي قاد برشلونة إلى نهائي دوري أبطال أوروبا 2009، وأصبح هذا الهدف علامة بارزة في تاريخ النادي.
يرتبط اسم إنييستا غالبًا بفترة بيب جوارديولا في برشلونة وزملائه في خط الوسط تشافي وسيرجيو بوسكيتس.
وفاز بكل البطولات الممكنة على المستوى المحلي والدولي، بما في ذلك تسعة ألقاب للدوري الإسباني، ستة كؤوس ملك، أربع بطولات دوري أبطال أوروبا، وكأس العالم 2010 إلى جانب بطولتين قاريتين مع إسبانيا.
في عام 2010، سجل الهدف الحاسم في نهائي كأس العالم ضد هولندا، ومن ثم أكمل منصة جائزة الكرة الذهبية إلى جانب زملائه ميسي وتشافي.
لم يكن إنييستا معروفًا فقط بتسجيل الأهداف، بل بمهارته في المراوغة وتمرير الكرة، والمعروفة باسم “الكروكيتاس”، وهي الحركة التي تشبه الكروكيت عند تدحرجه في المقلاة.
وقال إنييستا: “كان ميسي ومايكل لاودروب يقومان بها، لكنني أصبحت مرتبطًا بها أكثر في كرة القدم الحديثة. كنت أجعل الأمور المعقدة تبدو سهلة”.
قبل انضمامه لبرشلونة، كان إنييستا يلعب كلاعب وسط دفاعي، واستمر في هذا الدور عند قدومه لاماسيا، لكن مدرب برشلونة حينها، فرانك ريكارد، نقله إلى الجناح الأيسر بسبب قدراته البدنية، قبل أن يجد استقراره كمحور هجومي بعد ترقية جوارديولا له للفريق الأول في 2008، ليشكل خط وسط لا يُضاهى مع تشافي وبوسكيتس.
عن التفاهم مع تشافي، قال إنييستا: “العيش مع شخص آخر لفترة طويلة يجعلك تتعرف عليه بشكل أفضل، على عاداته وحركاته وما يشعر بالراحة معه وما لا يشعر. كل شيء يتعلق بالذكاء، سواء الذكاء العقلي أو البصري. وجود أفضل اللاعبين من حولك يجعلك تتحسن باستمرار”.
وعن التحديات البدنية لصغار القامة، أضاف: “الذكاء أهم من الطول. عليك أن تعرف نقاط قوتك وضعفك، وكيف تتعامل مع الخصم الأعلى جسديًا. كرة القدم تعتمد على الذكاء في معرفة ما عليك فعله وكيف تفعله”.
وختم إنييستا حديثه قائلاً: “لقد أحببت كرة القدم. كل لحظة فيها كانت تجربة رائعة، من التدريبات الصغيرة إلى الأهداف التاريخية”.