نجح منتخب المغرب في تحقيق رهانه الذي خطط له أمام الكونغو، بعدما حصد انتصارًا جديدًا بنتيجة (1-0)، ليواصل سلسلة إنجازاته ويصبح المنتخب الوحيد في جميع القارات الذي أنهى تصفيات كأس العالم بالعلامة الكاملة.
وجاء هدف اللقاء الوحيد عبر البديل يوسف النصيري، ليمنح “أسود الأطلس” رقمًا عالميا جديدا بعدما فضّوا الشراكة مع إسبانيا، وأصبحوا أول منتخب في العالم يصل إلى 16 انتصارًا متتاليًا في التصفيات.
شبح المقاطعة وأجواء غير معتادة
رغم الفوز، فإن المباراة حملت أجواء غير معتادة، فقد خيّم عليها شبح المقاطعة التي دعت إليها بعض الفئات، ووجدت صدى لدى شريحة من الجماهير، ما جعل المواجهة تُسجّل أضعف حضور جماهيري في مباراة يشرف عليها وليد الركراكي داخل المغرب منذ توليه المسؤولية قبل 3 أعوام.
فحتى لحظة انطلاق المباراة، ظلّ نصف مدرجات ملعب مولاي عبد الله شاغرًا، قبل أن تمتلئ جزئيًا لاحقًا.
المشهد أثار دهشة اللاعبين الذين لم يعتادوا على مثل هذه الأجواء منذ إنجاز المونديال التاريخي في قطر، وظهرت عليهم علامات التأثر خلال عمليات الإحماء.
تغييرات بحثا عن الانتعاش
اختار الركراكي في هذه المواجهة إشراك المدافع نايف أكرد بدلا من آدم ماسينا، كما منح الثنائي إلياس بن الصغير وحمزة إيغامان من المنتخب الأولمبي المغربي فرصة المشاركة أساسيين، على حساب بلال الخنوس وأيوب الكعبي، سعيًا لإضفاء الحيوية على الأداء الهجومي الذي افتقده الفريق في الودية السابقة أمام البحرين.
سيطرة بلا فعالية
بدأ اللقاء كما كان متوقعًا، بسيطرة مغربية مطلقة على منتخب الكونغو متذيل الترتيب، الذي خسر ذهابًا بسداسية نظيفة.
اعتمد المغرب على انطلاقات أشرف حكيمي وإبراهيم دياز من الجهة اليمنى، وصنع 5 فرص محققة تناوب على إهدارها كل من حمزة إيجامان، إسماعيل الصيباري، وعبد الصمد الزلزولي.
ورغم الاستحواذ الكاسح الذي بلغ 81% خلال النصف ساعة الأولى، ظل الأداء المغربي عقيمًا دون أي تسديدة على المرمى.
في المقابل، اكتفى الكونغو بخطة “ركن الحافلة”، ما دفع الزلزولي وإيجامان لتجربة التسديد من بعيد، أخطرها كانت تسديدة الزلزولي في الدقيقة 33 التي مرت بجانب القائم، لتثير غضب الركراكي الذي أبدى امتعاضه من عجز لاعبيه عن الاختراق وسط تململ الجماهير.
وخلال هذه الفترة، لم يُختبر ياسين بونو تقريبًا، إذ بقي في راحة تامة أمام الهجمات الكونغولية الخجولة.
نسخة مكررة من ودية البحرين
السيناريو نفسه تكرر من جديد، نسخة طبق الأصل من مواجهة البحرين.
سيطرة كاملة بلا فعالية، واستحواذ دون خطورة، وتنوع في المحاولات بين العمق والأطراف دون حلول حقيقية أمام مرمى الخصم.
وفي الدقيقة 39، كاد الكونغو يفاجئ المغاربة بتسديدة خطيرة من مارفيل مرت قريبة من القائم، في أول ظهور للحارس بونو في الصورة.
سعى الركراكي لإنهاء الشوط الأول متقدمًا لتفادي تسرب الشك إلى لاعبيه، فرفع الإيقاع في الدقائق الأخيرة مع عرضيات من الكرواني وحكيمي، وتسديدات زاحفة من بن الصغير والزلزولي، اصطدمت إحداها بالقائم لتكون الأخطر في الجولة الأولى.
وانتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي، ليسجل المنتخب المغربي رقما سلبيا جديدا تحت قيادة الركراكي، إذ فشل للمرة الثانية تواليًا في التسجيل على أرضه، في مشهد يعيد للأذهان ما حدث أمام موريتانيا وأنجولا ونيجر وتنزانيا، عندما عجز عن فك شفرة المنتخبات المتكتلة دفاعيا، رغم أنه النهج ذاته الذي قاده للمربع الذهبي في مونديال قطر.
النصيري يفك الشفرة
في بداية الشوط الثاني، لم يتأخر الركراكي في التحرك، فدفع سريعًا بالمهاجم يوسف النصيري مكان بن الصغير، لاستغلال قدرته في الكرات الهوائية.
وكاد النصيري أن يسجل في الدقيقة 52 بعد عرضية من حكيمي أبعدها الحارس تساتو ندينغا.
استمر الضغط المغربي عبر الأطراف، خصوصًا من جهة الزلزولي الذي أرهق دفاع الكونغو وكسب أكثر من خطأ قريب من منطقة الجزاء لم يُستغل بالشكل الأمثل.
وفي الدقيقة 66، جاء الفرج. تمريرة متقنة من حكيمي وضعت النصيري أمام المرمى الخالي، ليودعها الشباك معلنًا فك شفرة الدفاع الكونغولي، ومحررًا زملاءه من الضغط.
نهاية مثالية ورقم عالمي
بعد الهدف، تنفّس اللاعبون بحرية أكبر، وواصل المغرب ضغطه مع دخول الكعبي وتحركات إبراهيم دياز الذي طالب الحكم الموريتاني عبد العزيز بوه بركلتي جزاء في أكثر من مناسبة.
النصيري وأخوماش كانا الأخطر في الدقائق الأخيرة، وأضاعا فرصة هدف ثانٍ في الدقيقة 79 كانت كفيلة بزيادة الغلة.
وانتهت المباراة بفوز مغربي جديد، ليُكمل “أسود الأطلس” التصفيات بالعلامة الكاملة (16 فوزا متتاليا)، ويوقع على رقم قياسي عالمي جديد يرسخ مكانة المنتخب كأحد أكثر المنتخبات ثباتًا واستقرارًا في السنوات الأخيرة.