عزيزي القارئ كثيرًا ما يصل إلى سمعك العديد من المصطلحات الرياضية لاسيما الكروية التي لا تنتمي إلى لغةالضاد وقد أثبت التأثيل الأتمولوجي لتلكم الألفاظ أن جزورها المعجمية تنتمي إلى لغات أخرى ليست من أرومة لغتنا السامية.
فهيا معاً نحلل أشهر تلك الكلمات واقفين على تصنيفها من حيث العجمة والتعريب وبيان أهم لغاتها وأسباب انتشارها في الإعلام العربي المعاصر.
١-إستاد: كلمة شائعة الاستعمال تطلق اصطلاحاً على الملعب الرياضي المتسع ذي المدرجات المتراصة دائرياً من الفرنسية Stade عن أصل يوناني
ويظن البعض أنها من أصل فارسي نظرًا للتشابه اللفظي بينها وبين كلمة (أستاذ) معرب الفارسي (أُستاد) بمعنى المدرب في صنعة ما، معلم الحرفة التي تطور معناها إلى مربي أبناء الملوك والأمراء وإنما أخذوا ذلك من “أستاذ” الحرفة الذي يعمل لديه عدد من الغلمان فكأنه أستاذ في حرفة التربية والأدب. ونقلت إلى العامية بلفظ أسطى على معنى معلم الصنعة وكما نرى فإن (إستاد) بمعنى الملعب الرياضي لا علاقة لها من قريب أو بعيد (بأستاذ) فالأولى فرنسية من أصل يوناني والثانية فارسية وبينهما بون بعيد!!
٢-ألتراس: لاتينية الأصل (Ultras)
وتعني: الشيئ الفائق أو الزائد عن الحد وأول جروب أولتراس تم تكوينه عام 1940 فى البرازيل وعرف باسم تورسيد(torcid) ثم انتقلت الحركة فيما بعد إلى أوروبا تحديدًا إلى كرواتيا للدلالة على جمهورإحدى الفرق ولكن المؤكد أن أول جروب أولتراس رسمى كان فى بإيطاليا عام1963 تحت مسمى جروب LA FOSSA DE LEONI
ثم سرعان ما انتقلت إلى باقى دول أوروبا كـاليونان وفرنسا وغيرها من باقى الدول الأوروبية ثم خرجت الحركة الى باقى دول العالم
وتقوم مبادئ (الألتراس) علي التشجيع والغناء طوال المباراة والولاء التام لفانلة الفريق وعدم الانخراط في أية جماعات أخرى.
٣-أوليمبي:اسم نادي مصري سكندري عريق في القرن المنصرم مشتق من كلمةolympiade اليونانية القديمة وهي اسم لفاصل أربع سنوات في ألعاب الأولمبيك.. وأوليمبي نسبة إلى جبل الأوليمب في اليونان وهو الموطن الأسطوري لأعظم آلهة اليوان وغدا هذا المصطلح يؤدي معنى الجلال والعظمة.. ولعل انتقاء هذا الاسم لقباً للنادي السكندري له ظلال تاريخية؛ إذ يحمل في طياته الاعتزاز بالموروث الإغريقي المشترك الذي حل بأطنابه على عاصمة مصر في العصر البطلمي؛ حيث كانت الأسكندرية التي تنتسب في تسميتها للإسكندر المقدوني امتدادًا للحضارة الإغريقية في شمال إفريقيا.
٤-برشا:كلمة دارجة على ألسنة المعلقين التونسيين تفيد الاستحسان واختلف في أصل الكلمة.
٥-البروجي:لقب أطلقه المعلق الشهير اللواء علي زيور – رحمه الله- علي الكابتن محمود الخطيب لمهارته الفائقة في صنع الأهداف وانتزاع صيحات الجماهير وهتافاتهم مأخوذة من اللفظة التركية(بوروجي) المكونة من (بورو):البوق والنفير ومن اللاحقة (جي)بمعنى: الحرفة فيكون المعنى: النافخ في البوق أو من الفارسية بروج اسم مدينة جزارات بالهند والياء للنسبة، ومنهم من رأي أنها مأخوذة من اليونانية(pyrgos) بمعنى: بناء مرتفع على شكل مستدير أو مربع فوق الحصن مخصص لجند الحراسة والرأي الأول هو الأقرب للصواب ذلك أن الكلمة كانت تستخدم في الجيش المصري منذ عهد محمد على باشا للدلالة على الجندي النافخ لآلة نحاسية صغيرة(البوق) لضبط الزمن وتجميع الجنود في أي موقع عسكري.
كما تطلق عسكرياً على قرقول الشرف (سلام السلاح) الذي يتم عند قدوم زائر عسكري كبير المقام للمنطقة العسكرية ومن الدلالة الاصطلاحية جاء اللقب الذي أطلقه المعلق على زيور بحكم مرجعيته العسكريةعلى الكابتن محمودالخطيب تكريماً له وتعظيماً لموهبته فقال عقب إحرازه لإحدى أهدافه عبارة:(البروجي يا ناس صحى الناس).
٦-بنلتي:ركلة جزاء من الإنجليزية penalty للدلالة على قانون من قوانين كرة القدم كعقاب لمن يعيق المنافس أو يسقطه في منطقة الجزاء.
٧-بلوشي:لقب عائلة المعلق العماني الشهير المحبوب لدى جمهور الأهلي المصري بعبارة ((التاسعة بتوقيت الأهلي)) والبلوشي:نسبة إلى بلوجستان وهي مقاطعة بين إيران وباكستان في الجنوب ولأهلها لغة خاصة.
٨- (بُوم) كلمة دارجة لدي المعلقين يتلفظون بها عند تسديد الكرة بقوة داخل المرمى من مسافة بعيدة خارج منطقة الجزاء وهي من الإيطالية (bomba) بمعنى قنبلة، قذيفةو المصريون يضمون الباء الأولى.. وأصل الكلمة في الإيطالية من اسم الصوت(بُم) وفي الإنكليزية bomb والفرنسيةbombe.
٩-بُوبُّو:لقب لاعب الاتحاد السكندري الشهيرمحمد إبراهيم المزاتي في الستينات والسبعينيات حيث أسهم في فوز الاتحاد بكأس مصر في عامي ١٩٧٣ و ١٩٧٦م .
ويظن البعض أن اللقب مأخوذ من الفارسية(بُوبو) بمعنى الهدهد، لكن الصواب أنها مأخوذة من اللغة الإيطالية؛ فقد يكون سبب التسميةتيمناً بمهارة وشهرة اللاعب الإيطالي Sandro Puppo الذي لعب لنادي روماالإيطالي ودرب كلاً من برشلونة الإسباني ويوفنتوس الإيطالي منتصف الخمسينيات من القرن المنصرم
١٠-جنرال:لقب أطلقه المعلق المصري ميمي الشربيني على المدرب المصري الراحل محمود الجوهري نظرًا لحنكته الفنية ومهابته في نفوس لاعبيه وقدرته على إدارة المباراة والكلمة من الفرنسية general بمعنى قائد الجيش، عميد في الجيش.
١١- جوكر:لقب يطلق على الهداف الماهر المؤثر في سير المباراة بمجرد نزوله
وهى مشتقه من(joker) الإنجليزية وتطلق في أصل معناها على مهرج السيرك، ثم أطلقت على ورقة اللعب التي عليها صورته، وتقوم مقام كل الأوراق وأخيرًا ارتقت دلالتها بانتقالها للتعليق الرياضي العربي لتطلق على اللاعب الماهر الأكثر تأثيرًا في نتيجة المباراة.
12- جُول: بمعنى هدف يظن الكثيرون أنها من جول التركية أو الكردية بالجيم المثلثةبمعنى الأرض القفر، البرية.. والصواب أنها من كول goalالإنجليزية بمعنى الهدف الذي يحرزه اللاعب في مرمى المنافس.
وقد حرفت على ألسن المعلقين المصريين حيث ينطقونها (جون) بدلاً من (جول).
٣١-الوِنْش: آلة لرفع الأثقال أو جرها بالحبل أو السلسلة من الإنكليزية:Winch وعربت بالرافعة، المنجنيق ومن تلكم الدلالة الاصطلاحية اكتسبت الكلمة معنىً رياضيًا جديدًا؛ فقد خصصت دلالتها لدى النقاد الرياضيين في مصر؛ حيث صارت لقبًا يطلق مجازًا على مدافع الزمالك محمود حمدي نظرًا لقوته الجسمانية ومهارته الفنية في قطع الكور العرضية والطولية وكافة ألعاب الالتحام مع الخصم.
٣٢-ياردة: وحدة قياس أنكلو سكسونية للقماش وما أشبه، وطولها٠،٩١٤وهي بالإنكليزية والفرنسية : yard وقد استعارها المعلقون الرياضيون للدلالة على المسافة التي تقطعها الكرة المصوبة للمرمى وكذلك قدر قربها من العارضة
٣٣-الياوران: كلمة شاع استعمالها لدي المعلق المصري الشهير ميمي الشربيني للدلالة على المدافع الماهر يزود عن مرماه بفدائية والكلمة تركية(ياور) yaver من أصل فارسي بمعنى المساعد، المعاون. وأطلقت في العصر العثماني على الضابط من حرس السلطان ذي الرتبة الرفيعةو(ياوران) جمع فارسي.
وهكذا نلحظ شيوع الألفاظ اللاتينية نسبة للفرق العالمية الإسبانية والإيطالية وتأثرًا بلغات تلك الفرق كذلك اللغة الإنجليزية بحكم اختراع الاتحاد الإنجليزي لقوانين اللعبة ومصطلحاتها كذلك تسللت بعض الأسماء والمصطلحات الكروية الفرنسية للعربية تأثرًا بلهجة وثقافة المعلقين الرياضيين كالتونسيين:عصام الشوالي ويوسف خليف والمعلق الجزائري حفيظ دراجي
وتبقى المصطلحات الفارسية والتركية حاضرة بقوة في ألقاب الأندية و اللاعبين والمعلقين والمدربين المصريين تأثرًا بالمعجم التركي والموروث العثماني إبان العهد الملكي بمصر قبيل ثورة يوليو١٩٥٢.
بقلم:
د/أحمد محمد الشربيني
دكتوراة في علم اللغة والدراسات السامية والشرقية.