الربيعي.. ظهير «محبط» حجب قطرات المطر

BySayed

ديسمبر 31, 2025


إنه القدر.. تلك هي الحقيقة، التي ساقت الشبل اليافع ابن الـ 11 عامًا، في مدينة نجران، جنوب السعودية، إلى أن تتحول حياته، من متجول في الرواق الأيمن يركل الكرة بقدمه داخل المستطيل الأخضر، من أجل إيصالها إلى المهاجمين، لتسجيل الأهداف في شباك منافسيه، إلى حامي العرين، واقفًا بين الخشبات الثلاث.
هذه هي قصة، الحارس الأساسي لفريق الهلال الأول لكرة القدم، محمد الربيعي، والذي يعود، للمشاركة قدرًا أيضًا، لتعويض غياب صاحب «القفاز الذهبي» المغربي ياسين بونو، والذي تصادف أن يدافع عن ألوان منتخب بلاده في المعترك الإفريقي، لتأتيه الفرصة على طبق من ذهب، لإعادة اكتشاف حارس، عملت الظروف على أن تغيبه عن المشهد.
في عام 2011، بدأ ابن نجران، ممارسة كرة القدم، حاله كحال الصبية، حينما يشغلون وقت فراغهم بعد يوم دراسي شاق، لإشباع رغباتهم داخل الأحياء على الملاعب الترابية، نشأ الربيعي ولم يتبادر في ذهنه يومًا أنه سيصبح حارسًا للمرمى، وبعد بضعة أشهر، ساقته الأقدار إلى نادي الأخدود في المدينة التي ترعرع فيها، وتم اختياره برفقه زملائه، ليجد له مكانًا يمارس هوايته في هذا النادي.
في مرحلة النشأة، لعب في مركز الظهير الأيمن، وشارك مع فريقه بالفئات السنية، خلال التصفيات المؤهلة إلى الدوري الأولمبي، تغلب فريقه في المواجهة الأولى أمام أبها، وفي الثانية ضد الرائد تعرض الحارس الأساسي طارق العليان للطرد، حينها أدرك مدرب الفريق أنه في ورطة، فطلب من الجميع أن يتطوع لتولي الحراسة، فقوبل طلبه بالرفض، لكن الربيعي تصدى للمهمة وقال «أنا لها».. يقول في أحد حواراته عن هذه القصة.. «كنت متحمسًا، وأريد أن أساعد الفريق مهما كان مركزي، وبعد الفوز قال لي المصري رمزي المرسي مدرب الفريق، هل تريد أن ترجع إلى مركزك ظهيرًا، أم تريد الاستمرار حارسًا فقلت له أفضِّل أن أبقى حارسًا» ومن هنا بدأت رحلته.
شهد العام 2013 خوض الفتى الشاب تجربة جديدة، بعد أن ذاع صيت موهبته بين أهل اللعبة، وكان النادي الأهلي أول المبادرين إلى طلب خدماته، حينها شعر الربيعي بأهميته كونه سيترك مدينته التي ترعرع فيها، ويعيش في منطقة جديدة اسمها «عروس البحر الأحمر».
في الأهلي، بدأ يسمع كلامًا وتحفيزًا مختلفًا عما كان عليه في بداياته، يقول الجميع ساعدني، وكانت نظرتهم واحدة ويرددون لي دائمًا «أنت حارس بالفطرة وستصل للقمة».. هذه العبارات جعلت منه الحارس المجتهد المحافظ على تمارينه وتدريباته، والمحافظ على نومه وطريقة غذائه.. في إحدى المناسبات التي جمعته بالتونسي عبد الحي المساعد مدرب حراس نادي أحد قال له «مستواك المتميز وفي هذا العمر.. أمر عظيم.. أنت تستطيع أن تلعب في أوروبا لأنك تتعلم بسرعة وثقتك في نفسك عالية».
وفي الأهلي وحينما تم تصعيده للفريق الأول، لم يجد مكانًا، كما كان يحلم في بداياته، وتوقع أن يكون مركزه شاغرًا، لكنه اصطدم بوجود حارس عملاق مثل ياسر المسيليم حارس المنتخب السعودي الأول.
في 2018 قرر خوض تجربة جديدة بهدف إيجاد فرصة المشاركة، وبطلب شخصي منه لإدارة النادي، فوقع مع الباطن لموسم واحد قبل أن يعود إلى ناديه الأصلي، الذي عاد إليه مثلما غادره، كون المركز مشغولًا بحارس آخر، الأمر الذي جعله يفكر جديًا في خوض تحدٍ جديد مع نادٍ آخر، وهذه المرة مع الهلال.
في الهلال وحينما وقع معه، كان يحلم أن يصبح مع هذا الأزرق «دعيع آخر» كونه من أشد المعجبين به، تكررت الحالة ذاتها، بعدم وجود فرصة، لوجود اثنين من كبار الحراسة في السعودية ممثلة في عبد الله المعيوف ومحمد العويس، لكنه قرر الاستمرار ومع رحيل الأخير وتعاقد النادي مع «العملاق» ياسين بونو، فضل الاستمرار، حتى بات البديل الأول لبونو.
وعلى الرغم من مضي نحو 700 يوم منذ التعاقد مع الأزرق العاصمي، إلا أن الربيعي لم يشارك مع الهلال إلا في 6 مباريات فقط، منها اثنتان بعد غياب بونو.
على المستوى الدولي، برز الحارس النحيل ذو المتر و90 سم، مع المنتخبات السعودية، في الفئات السنية مرورًا بالمنتخب الأول والذي يملك بقميصه 6 مباريات دولية، أشهرها حينما حمى شباك الأخضر أمام «الكنغر» الأسترالي في سيدني في مباراة ماطرة، خلال تصفيات كأس العالم 2022، وقتها قال مدرب أستراليا جراهام أرنولد بعد نهاية المباراة بعد التعادل السلبي: «السعودية تملك حارسًا كبيرًا، أعتقد حتى قطرات المطر لم تدخل مرماه».
في الاحتراف الخارجي، أصابت الربيعي حالة من الإحباط، على الرغم من امتلاكه قوة «فولاذية» وبرودًا أثناء شدة المباريات، فقال ذات مرة: «فكرت كثيرًا في الاحتراف الخارجي، لكن الرغبة أحبطت بسبب أنني لم أجد من يحتويني كلاعب سعودي».
واليوم، بات الربيعي، يحمل إرثًا كبيرًا، كونه يعوض قفاز بونو، لكن الجماهير الهلالية، تقف دائمًا مع من يخدم فريقها، فهي تضع الربيعي أولًا في حساباتها، من أجل إيصال الفريق إلى منصات التتويج، وهو ما حدث حينما وضع الإيطالي سيموني إنزاجي ثقته فيه، على الرغم من تعاقد إدارة النادي مع الفرنسي ماتيو باتويي تحسبًا لتولي المهمة بعد بونو.



المصدر – الرياضية

By Sayed