شهدت الأيام الأولى من بطولة ويمبلدون 2025، واحدة من أكثر البدايات إثارة في تاريخ البطولات الكبرى، بخروج عدد غير مسبوق من المصنفين والمصنفات.
هذه الموجة العنيفة من الخروج المبكر، والتي طالت أسماء كبيرة، قلبت موازين قرعة الفردي للرجال والسيدات، وفتحت الطريق أمام مفاجآت محتملة.
ومن بين أبرز المغادرين، جاءت بطلة رولان جاروس كوكو جوف، والمصنف الثالث عالميًا في فردي الرجال، ألكسندر زفيريف.
ولم يتوقف السقوط عند هذا الحد، إذ سجلت البطولة، رقمًا قياسيًا آخر بخروج 8 من المصنفين العشرة الأوائل في الدور الأول، وهو أعلى عدد في تاريخ البطولات الكبرى منذ بدء العصر المفتوح في عام 1968، بحسب “بي بي سي”.
كما شهد الدور الأول وحده، خروج 4 من المصنفين العشرة الأوائل، وهو أمر لم يحدث سوى 3 مرات في آخر 25 عامًا، قبل أن يلحق بهم البريطاني جاك دريبر، المصنف الرابع، بخروجه من الدور الثاني.
ظروف مناخية
في واحدة من أسخن البدايات في تاريخ البطولة، سجلت ويمبلدون، درجات حرارة تجاوزت 30 درجة مئوية في أول يومين الإثنين والثلاثاء، مما دفع المنظمين لتوفير أكياس الثلج، والمناشف المبللة، وكميات وفيرة من المياه، في محاولة لمساعدة اللاعبين على التكيّف مع الأجواء القاسية.
getty
ولم تقتصر الشكاوى على الحرارة فقط، بل طال الغضب، طبيعة الملاعب العشبية نفسها، التي تغيرت بفعل الجفاف، مما أثر على تفاعل الكرة مع الأرضية.
وقال اللاعب الكندي دينيس شابوفالوف، المصنف 27 عالميًا، والذي ودع منافسات البطولة من الدور الأول “الكرات سيئة للغاية، والجولة على الملاعب العشبية تحولت إلى مزحة، هذا لم يعد ملعبًا عشبيًا، الأرضية أبطأ من الملاعب الترابية”.
بدوره، أقر كبير مسئولي صيانة الملاعب في ويمبلدون، نيل ستابلي، بأن الجفاف الناجم عن الحرارة، أدى إلى بطء الملاعب، نتيجة زيادة احتكاك الكرة بالعشب الجاف.
الكرات الجديدة
بعد فوزها اللافت على بطلة ويمبلدون السابقة، ماركيتا فوندروسوفا، تحدثت البريطانية إيما رادوكانو، المصنفة الأولى في بلادها، عن ملاحظاتها الفنية بشأن الكرات.
وقالت رادوكانو “تشعر بفرق بسيط مع الكرات الجديدة، لكن بعد بضع ألعاب أو تبادلات طويلة، تبدأ هذه الكرات في الانتفاخ بسرعة وتصبح ثقيلة وبطيئة”.
وأضافت “أعتقد أن هذا يُفيد اللاعبات، ذوات الضربات القوية، لأنهن يملكن الوقت الكافي لتحميل الضربة وتوجيه الكرة بقوة”.
Getty Images
في المقابل، أكدت إدارة بطولة ويمبلدون، أن مواصفات الكرات لم تتغير منذ 1995، موضحة أن الإحساس بثقل الكرة يتغير بحسب الظروف الجوية؛ حيث تميل الكرة إلى أن تكون أخف وأسرع في الأيام الجافة والحارة، وأثقل وأبطأ في الأجواء الباردة والرطبة.
الموسم القصير للعشب
رغم أن الكثير من المتغيرات تثار حول بطولة ويمبلدون هذا العام، فإن هناك عاملاً ثابتًا لا يزال يُقلق اللاعبين، وهو قصر موسم الملاعب العشبية، وسرعة الانتقال إليها بعد موسم الملاعب الترابية.
فالموسم العشبي لا يتجاوز 50 يومًا، ويبدأ أحيانًا قبل انتهاء بطولة رولان جاروس في أوائل يونيو/حزيران، وينتهي مع ختام ويمبلدون في 13 يوليو/تموز، مما يمنح اللاعبين، فترة قصيرة جدًا للتأقلم على طبيعة العشب الفريدة.
وعن ذلك قالت جوف “أعتقد أن هذه البطولة الكبرى، من بين جميع البطولات، هي الأكثر عرضة للمفاجآت، بسبب سرعة الانتقال من الملاعب الترابية إلى العشبية”.
إرهاق كبير
في ظل كثافة البطولات وضغط الجولات المتتالية، يتصاعد الحديث مجددًا عن إرهاق اللاعبين الذهني والبدني، مع توالي الاعترافات من نجوم الصف الأول، بأن الجدول العالمي أصبح عبئًا لا يحتمل.
Getty Images
النرويجي كاسبر رود، كان قد انتقد منظومة التصنيف في وقت سابق من هذا العام، واصفًا إياها بـ “سباق الجرذان”، في إشارة إلى السعي المستمر لحصد النقاط دون توقف.
فيما حمل الأسترالي أليكس دي مينور، المصنف التاسع عالميًا، خروجه المبكر من رولان جاروس، إلى شعوره بالاحتراق الذهني، قائلاً “كنت أشعر بالإرهاق، وهذا أثر على مستواي”.
تأثير الدومينو
مع توالي مفاجآت ويمبلدون 2025 وخروج العديد من المصنفين والمصنفات في أدوار مبكرة، بدأ ما يُعرف بـ “تأثير الدومينو” يُلقي بظلاله على أجواء البطولة.
وقالت ماديسون كيز المصنفة السادسة في هذا الشأن “حين تجلس وتشاهد الجميع يسقط، فهذا يُضيف قدرًا من التوتر، كنت قريبة جدًا من الخروج في الدور الأول، وأشعر أنني نجوت بأعجوبة”.