لم تخيب القمة المنتظرة بين الرجاء البيضاوي وضيفه المغرب الفاسي تطلعات المتابعين، بعدما انتهت على وقع التعادل الإيجابي 1-1، في المباراة التي احتضنها ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء لحساب الجولة الرابعة من الدوري المغربي.
المواجهة اتسمت بالإثارة والتحولات الدرامية، وأفرزت لحظات حاسمة تداخل فيها الأداء الميداني مع القرارات التحكيمية، وسط حضور خاص لمدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي، الذي تابع المباراة من المدرجات بعين فاحصة.
هذا التعادل، ورغم ما حمله من مشاهد مثيرة، لم يخدم مصلحة أي من الفريقين، إذ أتاح للوداد الرياضي الانفراد بصدارة الترتيب برصيد 10 نقاط، بعد انتصاره في لقاء مُقدّم على النادي المكناسي، تاركاً الرجاء والمغرب الفاسي في المركز الثاني برصيد 8 نقاط لكل منهما.
مدرجات منقوصة.. وركراكي في دائرة الضوء
على غير العادة في قمم الرجاء داخل معقله “دونور”، بدت المدرجات أقل توهجاً من المعتاد بعدما قررت فصائل الألتراس الرجاوية، إلى جانب جماهير أخرى، مقاطعة الجولة تضامناً مع موجة الاحتجاجات التي تعرفها بعض المدن المغربية.
ورغم ذلك، حملت المدرجات عنواناً آخر أكثر وضوحاً، وهو حضور وليد الركراكي ومساعديه الذين تابعوا اللقاء بدقة، في سياق متابعة العناصر المحلية التي استدعاها مؤخراً للمنتخب، وفي مقدمتهم الحارس المهدي الحرار والمدافع يوسف بلعمري.
وفي مشهد مؤثر سبق صافرة البداية، تقدم ثنائي المغرب الفاسي عبد الإله مذكور وسفيان بنجديدة، اللذان دافعا سابقاً عن ألوان الرجاء، بتقديم باقة ورد لجماهير النادي البيضاوي، في لفتة وفاء واعتراف بالجميل على السنوات التي قضياها بقميص الفريق، والتي شهدت تتويجهما بعدة ألقاب قبل أن يحملا ألوان “الماص”.
أفضلية فاسية.. و”الفار” يغير مسار المباراة
جاءت انطلاقة اللقاء سريعة لصالح المغرب الفاسي، الذي ظهر منضبطاً ومتحرراً من الضغوط، وفرض أسلوبه بجرأة هجومية، خصوصاً عبر تحركات بنجديدة، الذي أرهق دفاع الرجاء بتحركاته الخطيرة. لكن الحارس المهدي الحرار أثبت مرة أخرى جاهزيته العالية، وأنقذ مرماه في أكثر من مناسبة.
إلا أن الحدث الأبرز وقع عند الدقيقة الثلاثين، حين تمكن المغرب الفاسي من تسجيل هدف بدا قانونياً في الوهلة الأولى، قبل أن يعود الحكم إلى تقنية الفيديو المساعد VAR، التي كشفت عن وجود خطأ في استرجاع الكرة ارتكبه لاعب “الماص” على حساب هلال الفردوسي في وسط الملعب. وبناءً على ذلك، أُلغى الهدف وسط جدل واسع.
الطريف أن هذه الواقعة لم تكن الأولى، بل جاءت لتكمل سلسلة من “الأهداف الملغاة” ضد الرجاء في ثلاث جولات متتالية: الأولى أمام الجيش الملكي في “الكلاسيكو”، والثانية أمام الدفاع الحسني الجديدي، ثم الثالثة أمام المغرب الفاسي. لتؤكد تقنية الفيديو أنها صارت حاضرة بقوة في مباريات “النسور”.
إلغاء الهدف منح الرجاء جرعة ثقة، فعاد لفرض إيقاعه، وخلق فرصاً واضحة أبرزها عبر يوسف بلعمري والنجاري والنقّاتي، لكن براعة الحارس صلاح الدين شهاب حالت دون اهتزاز شباك “الماص”. ومع ذلك، ظل التعادل السلبي سيد الموقف حتى نهاية الشوط الأول.
ضغط رجاوي.. والنجاري يكسر التعادل
دخل الرجاء الجولة الثانية بعزيمة أكبر، وكاد أن يترجم تفوقه إلى هدف في الدقيقة 50، حين انفرد النجاري بالدفاع الفاسي، لكنه أضاع فرصة سانحة بعد أن بالغ في المراوغة. وبعدها بدقائق قليلة، أطلق آدم النفاتي تسديدة قوية علت العارضة بقليل، في محاولة أخرى للتسجيل.
وجاءت اللحظة المنتظرة في الدقيقة 84، حين نفذ الرجاء هجمة من الجهة اليسرى انتهت بارتباك داخل منطقة الجزاء الفاسية، ليخطف النجاري الكرة ويضعها في الشباك الخالية، معلناً تقدم “النسور” بهدف أثار حماس المدرجات.
ذلك الهدف لم يكن مجرد تقدم في النتيجة، بل حمل معه علامة فارقة: إذ أصبح الرجاء، ولو مؤقتاً، الفريق الوحيد في الدوري الذي لم يستقبل أي هدف بعد مرور أربع جولات، بفضل صلابة دفاعه ويقظة الحارس الحرار، الذي واصل تأكيد قيمته كخيار أساسي في قائمة المنتخب.
بنجديدة يفسد فرحة “النسور”
لكن فرحة الرجاء لم تدم طويلاً. ففي الدقيقة 97، احتسب الحكم جلال التمسماني ركلة جزاء لصالح المغرب الفاسي بعد تدخل داخل المنطقة، أثار احتجاجات من لاعبي الرجاء.
ومن نقطة الجزاء، انبرى سفيان بنجديدة للتنفيذ بثقة، ولم يتردد في هز شباك فريقه السابق، موقعاً أول هدف يدخل مرمى الرجاء في الموسم الحالي. هدف قاتل أعاد المواجهة إلى نقطة التعادل، ومنح المغرب الفاسي نقطة ثمينة خارج الديار، فيما بدت خيبة الأمل واضحة على لاعبي الرجاء وجماهيرهم.
تعادل منصف وديربي مشتعل في الأفق
بانتهاء المواجهة على نتيجة التعادل الإيجابي، بقي الفريقان معاً في وصافة الترتيب برصيد 8 نقاط، خلف الوداد المتصدر بـ10 نقاط. ومع ذلك، اكتسب اللقاء أهمية خاصة باعتباره محطة فاصلة في مسار الإعداد لمباراة الديربي البيضاوي المقبلة، التي تلوح في الأفق كأحد أهم المواعيد الكروية هذا الموسم.
الديربي المنتظر بين الغريمين، اللذين لم يعرفا طعم الخسارة بعد، قد يكون حاسماً في تحديد شكل الصراع المبكر على الصدارة، بل وربما يحدد ملامح المنافسة على اللقب في موسم يبدو واعداً بالكثير من الإثارة.