بعد أسبوع واحد فقط من الانطلاقة القوية التي عاشها ليفربول، تبددت الأجواء الإيجابية سريعًا عقب هزيمتين متتاليتين خارج ملعبه في ظرف 4 أيام فقط، لتعود التساؤلات مجددًا حول قدرة “الريدز” على الحفاظ على ثباته بعيدًا عن “أنفيلد”.
ليفربول يستعد اليوم السبت لمواجهة نارية أمام تشيلسي على ملعب “ستامفورد بريدج”، في محاولة لكسر عقدة استمرت منذ سبتمبر 2020، حيث لم يحقق أي انتصار على “البلوز” في معقلهم منذ ذلك التاريخ. ويأمل الفريق في استغلال تعثر تشيلسي الأخير أمام برايتون (1-3)، خاصة بعد طرد مدافعه تريفو تشالوباه.
أزمة خارج الديار تتجدد
بحسب شبكة “أوبتا” للإحصائيات، تشكل المباريات خارج الأرض نصف مشوار أي فريق في الموسم، وهو ما يجعل التفوق فيها ركيزة أساسية لمن يطمح للمنافسة على البطولات. غير أن ليفربول بات يعاني من هذا الجانب بشكل متكرر في الآونة الأخيرة.
الفريق بدأ الموسم الحالي بقوة، إذ حقق سبعة انتصارات متتالية في مختلف المسابقات، ونجح في اعتلاء صدارة الدوري بفارق خمس نقاط، كما افتتح مشواره في دوري أبطال أوروبا بفوز مهم، وتأهل إلى الدور الرابع من كأس الرابطة الإنجليزية. لكن سقوطه أمام كريستال بالاس (1-2) ثم أمام جالطة سراي (0-1) في إسطنبول، نسف هذا الزخم الإيجابي وقلب الطاولة على آرني سلوت ولاعبيه.
انتقادات كاراجر: “ليفربول لا يلعب كرة قدم”
الهزيمتان دفعت أسطورة النادي جيمي كاراجر إلى توجيه انتقادات قاسية عبر قناة “CBS Sports”، حيث وصف أداء الفريق بـ”الفوضوي”، مؤكداً أن “ليفربول يلعب كرة سلة لا كرة قدم”. وأوضح أن المشكلة لا تكمن فقط في خسارتين بعد سلسلة انتصارات، بل في غياب الأداء المقنع حتى في الانتصارات السابقة، إذ احتاج الفريق إلى أهداف متأخرة لحسم مواجهات أمام بورنموث، نيوكاسل، آرسنال، بيرنلي، ساوثهامبتون وحتى أتلتيكو مدريد.
لكن هذه القدرة على الحسم غابت تمامًا أمام بالاس، حيث خطف أصحاب الأرض هدف الفوز في الدقيقة الأخيرة، قبل أن يعجز ليفربول عن اختراق دفاعات جالطة سراي، الذي بدا متماسكًا على الرغم من خسارته القاسية أمام فرانكفورت في الجولة الأولى من الأبطال.
سلوت تحت الضغط من جديد
هذه المرة الثانية فقط التي يتعرض فيها آرني سلوت لهزيمتين متتاليتين مع ليفربول، بعد أن حدث ذلك في مارس الماضي حين خسر أمام باريس سان جيرمان في دوري الأبطال، ثم أمام نيوكاسل في نهائي كأس الرابطة.
النتائج الأخيرة أعادت إلى الواجهة مشكلة الفريق خارج “أنفيلد”. فليفربول خسر خمسًا من آخر ثماني مباريات خاضها بعيدًا عن ملعبه، ولم يحقق سوى ثلاث انتصارات، جاءت جميعها بأهداف متأخرة، ومن بينها انتصاران على فرق صاعدة حديثًا هما ليستر سيتي وبيرنلي.
أرقام تفضح التراجع
الأرقام تعكس بوضوح حجم التدهور في الأداء. ففي أول 24 مباراة خارج الأرض تحت قيادة سلوت، سجل ليفربول بمعدل 2.1 هدف في المباراة، بينما استقبل 1.04 فقط. لكن في آخر ثماني مباريات خارجية، انخفض المعدل التهديفي إلى 1.4 هدف، وارتفعت نسبة استقبال الأهداف إلى 1.8 هدف.
كما تراجعت جودة الفرص التي يصنعها الفريق من 0.13 هدف متوقع لكل تسديدة إلى 0.11، بينما ارتفعت جودة الفرص الممنوحة للمنافسين من 0.09 إلى 0.12. أما نسبة التحويل الهجومي فانخفضت من 13.4% إلى 7.9%، في حين ارتفعت نسبة استغلال الخصوم لفرصهم إلى 14.4% مقارنة بـ9.5% سابقًا.
المثير أن متوسط استحواذ ليفربول خارج ملعبه ارتفع من 55.7% إلى 64.8%، لكن ذلك لم يُترجم إلى نتائج إيجابية. بل على العكس، بدا الفريق عاجزًا عن اختراق دفاعات الفرق المنافسة التي تركت له الكرة عمدًا. المثال الأوضح كان في مواجهة تشيلسي الموسم الماضي، حين امتلك “الريدز” الكرة بنسبة 65% تقريبًا، لكنه خسر بثلاثة أهداف مقابل هدف.
تراجع جماعي.. وصلاح الاستثناء
ومنذ بداية عام 2025، انقلبت المعادلة رأسًا على عقب. فبينما أنهى ليفربول عام 2024 بسجل مثالي خارج أرضه (12 فوزًا وتعادلين دون خسارة في 14 مباراة)، جاءت الأشهر الأخيرة لتكشف الانهيار: 18 مباراة خارجية أسفرت عن سبعة انتصارات فقط مقابل 8 هزائم وثلاثة تعادلات.
على صعيد الأفراد، كان محمد صلاح الاستثناء الوحيد بفضل تسجيله ستة أهداف خارج الديار منذ يناير، أربعة منها من اللعب المفتوح. في المقابل، يعاني كودي جاكبو من عقم هجومي واضح، إذ لم يسجل سوى هدف واحد من 28 تسديدة في 15 مباراة خارجية هذا العام، وجاء هدفه الوحيد من ركلة جزاء أمام أيندهوفن.
نتائج ليفربول خارج ملعبه في الدوري الإنجليزي منذ يناير منحت الفريق 21 نقطة فقط، وهو رصيد لا يتفوق فيه إلا كريستال بالاس (25 نقطة) وبرينتفورد (23 نقطة)، بينما جمع مانشستر سيتي وبرايتون 19 نقطة لكل منهما مع مباراة مؤجلة.
هذه الأرقام تضع سلوت أمام اختبار حقيقي: هل يملك الحلول لإعادة الفريق إلى مساره الصحيح، أم أن تراجع الأداء خارج “أنفيلد” سيُعجل بدخول الفريق في أزمة تهدد طموحاته على جميع الأصعدة؟