في وقتٍ يترقب فيه عشاق أهلي جدة استمرار مشروع “الراقي” الكبير، تضرب العاصفة من حيث لا يتوقع أحد، بعد الأنباء التي ربطت الإنجليزي إيفان توني بالرحيل عن الفريق.
المدرب الألماني ماتياس يايسله كان يعول على توني ليكون حجر الأساس في الهجوم، منذ بداية الموسم الماضي، ولكن استمراره أصبح محاطًا بشكوك كثيفة، وسط أحاديث عن عودة مرتقبة إلى إنجلترا وعروض لا تتوقف.
وبين طموح اللاعب ورغبة النادي في الاستقرار، يجد الأهلي نفسه أمام سؤال مصيري، وهو كيف يتعامل مع ثورة توني قبل أن تتحول إلى بداية النهاية؟
رغبة إنجليزية
بدأ الاهتمام الإنجليزي بإيفان توني منذ الموسم الماضي، حيث أبدى نادي مانشستر يونايتد رغبته في التعاقد مع اللاعب، قبل أن يتجه بعدها لضم السلوفيني بينجامين سيسكو من لايبزيج الألماني.
لكن الرغبة الإنجليزية لم تتوقف عند هذا الحد، حيث خرجت تقارير بعدها لتشبر إلى رغبة تشيلسي في ضم المهاجم الإنجليزي، ولكن المفاوضات كانت شفهية.
والاهتمام الأبرز يعود إلى نادي توتنهام هوتسبير، الذي يستهدف توني حاليًا عبر ضمه بشكل نهائي أو على سبيل الإعارة، بعد مكالمة جمعت اللاعب بالمدير الفني توماس فرانك.
ولا يمانع اللاعب خوض تجربة “السبيرز” بأي شكل من الأشكال، خاصة وأنه نجح في تحقيق لقبي دوري أبطال آسيا للنخبة، بجانب السوبر المحلي.
وأصبح رحيل توني بمثابة كابوس حقيقي، يهدد الأهلي في ظل التحديات التي تنتظر الفريق بالمستقبل.
خسارة فنية
لن يكون مجرد فقدان لاعب هجومي عادي، بل ضربة موجعة لمشروع الأهلي الفني، فالفريق بُنيت خطته الهجومية على وجود مهاجم قادر على التحرك بين الخطوط، إنهاء الهجمات بأعلى كفاءة، وفتح المساحات لزملائه.
توني كان يمثل نقطة ارتكاز أساسية، للربط بين الوسط والهجوم ومنح الفريق تنوعًا تكتيكيًا يصعب تعويضه بسهولة.
ومع احتمالية خروجه، سيضطر الجهاز الفني إلى إعادة رسم ملامح المنظومة الهجومية بالكامل، وهو ما قد يربك الاستقرار الفني للفريق في وقت حساس من الموسم.
بداية النهاية
أكدت صحيفة “اليوم” السعودية أن “إدارة الأهلي بدأت التحرك من أجل تعويض رحيل توني المحتمل سواء في يناير/كانون ثان المقبل، أو عقب نهاية الموسم الجاري.
وأوضحت أن “الأهلي بدأ البحث عن خيارات محتملة في أوروبا من أجل تقييم الوضع قبل رحيل توني المنتظر”.
ويمكن أن تكون هذه التقارير بمثابة بداية لاقتراب مسيرة توتي من النهاية مع “قلعة الكؤوس”.
توني (28 عامًا) انضم إلى صفوف الأهلي السعودي في صيف عام 2024، قادمًا من برينتفورد الإنجليزي، ويمتد عقده مع الراقي حتى صيف 2028، وشارك هذا الموسم في 10 مباريات بجميع المسابقات، سجل خلالها 8 أهداف وقدم تمريرة حاسمة.
وإجمالًا، شارك اللاعب الإنجليزي، بقميص أهلي جدة، في 54 مباراة، على مستوى كافة البطولات، وأحرز 38 هدفًا وصنع 7 آخرين.
تهديد الأهلي
بعد نجاح الأهلي في حصد نخبة آسيا بالموسم الماضي، أصبحت رغبته الأولى الحفاظ على اللقب، والتنافس بقوة لاعتلاء منصات الدوري السعودي.
ورحيل إيفان توني بالفترة المقبلة قد يلقي بظلال قاتمة على حظوظ الفريق في المنافسة، فالمهاجم الإنجليزي يمتلك خبرة أوروبية مميزة تمنح الفريق ميزة نادرة في المواجهات القارية الكبرى، حيث اعتاد اللعب تحت الضغط أمام أقوى الأندية.
غيابه يعني خسارة لاعب يعرف كيف يحسم اللحظات الصعبة، ويحول أنصاف الفرص إلى أهداف.
ومع ارتفاع مستوى المنافسة في البطولة، فإن فقدان ورقة هجومية بحجم توني قد يحدّ من قدرة الأهلي على فرض شخصيته، ويجعل مسيرته في كافة البطولات أكثر تعقيدًا.
جماهير غاضبة ولكن
رغم القيمة الكبيرة لإيفان توني كلاعب أوروبي يملك اسمًا لامعًا، فإن جماهير الأهلي لم تكن راضية عن مستوياته في الفترة الأخيرة.
حالة التذبذب التي ظهر بها في المباريات، جعلت بعض الأصوات الجماهيرية تطالب برحيله. لذلك، فإن فكرة انتقاله لن تُقابل بالصدمة الكبيرة كما هو متوقع عادة مع رحيل نجم بحجمه، بل قد تُعتبر بالنسبة للكثيرين بداية جديدة لفتح الباب أمام لاعب آخر أكثر انسجامًا مع طموحات “الراقي”.
وظهرت العديد من الأصوات في الفترة الأخيرة التي أيدت الدفع بالمهاجم السعودي فراس البريكان في التشكيلة الأساسية، بدلاً من توني.
موقف الإدارة
داخل أروقة الأهلي، يبدو أن ملف إيفان توني يُدار بحذر شديد، فالإدارة تدرك أن اللاعب ما زال يملك قيمة سوقية عالية في أوروبا، وهو ما يفتح الباب أمام إمكانية الاستفادة المادية من رحيله، سواء عبر بيع نهائي أو إعارة قصيرة الأمد.
في الوقت نفسه، هناك قناعة بأن استمراره حاليًا قد يضر بخطط المدرب أكثر مما يفيدها، بسبب تذبذب مستواه ورغبته في الرحيل.
وبالتالي، فإن الإدارة حاليًا تلعب على جبهتين، الأولى هي التفاوض مع اللاعب ومعرفة رغبته الحقيقية، وتجهيز بدائل أخرى بالجبهة الثانية.