تتجه الأنظار مجددًا نحو برشلونة، حيث اقترب النادي الكتالوني من تحقيق واحدة من أكثر أمنيات جماهيره انتظارًا، وهي العودة إلى ملعبه التاريخي “سبوتيفاي كامب نو”.
بعد أكثر من عامين على مغادرة الفريق للملعب من أجل تنفيذ مشروع الترميم والتحديث، جاء الضوء الأخضر المنتظر من بلدية برشلونة ليقرب النادي خطوة كبيرة نحو فتح أبواب معقله الأسطوري مجددًا.
وكشفت إذاعة “راديو كاتالونيا” وأكدت صحيفة “موندو ديبورتيفو”، عبر مصادر من داخل بلدية المدينة، أن السلطات المحلية منحت نادي برشلونة رسميًا رخصة الإشغال الأولى للمرحلة (1A) من مشروع إعادة افتتاح الاستاد.
هذه الرخصة تتيح للنادي استخدام أول مدرجين في الجهة الجنوبية ومدرج المقصورة الرئيسية، لتصل القدرة الاستيعابية في هذه المرحلة إلى 27 ألف متفرج.
هذه الخطوة الإدارية، رغم كونها تبدو “بيروقراطية” في ظاهرها، إلا أنها تمثل بالنسبة إلى إدارة النادي الكتالوني نقطة تحول استراتيجية في مشروع “إسباي بارسا” العملاق، الذي يعد من أكبر المشاريع الرياضية في أوروبا.
فبعد أشهر من الأعمال المكثفة والمفاوضات الطويلة مع السلطات المحلية، أصبح بإمكان النادي الآن التحرك نحو المرحلة التالية من خطة العودة إلى الملعب.
العودة المبكرة غير مجدية اقتصاديًا
وعلى الرغم من الترخيص الجديد، فإن نادي برشلونة أوضح في أكثر من مناسبة أنه لن يعود إلى كامب نو في الوقت الحالي، حتى بعد فتح 27 ألف مقعد.
السبب وراء ذلك مالي بالدرجة الأولى، إذ ترى الإدارة أن اللعب بعدد محدود من الجماهير لن يكون مجديًا اقتصاديًا، خاصة بالنظر إلى تكاليف التشغيل العالية التي يتطلبها فتح الملعب في وضعه الحالي.
الخطة التي يعمل عليها النادي حاليًا هي الانتظار حتى الحصول على ترخيص المرحلة (1B)، والتي ستسمح برفع الطاقة الاستيعابية إلى 45 ألف متفرج، مع جاهزية المدرج الجانبي بالكامل. حينها فقط، سيكون النادي مستعدًا لتنظيم المباريات بشكل فعلي على أرض “سبوتيفاي كامب نو”.
وإلى أن يتحقق ذلك، سيواصل برشلونة استضافة مبارياته في ملعب مونتجويك، الذي أصبح بيته المؤقت منذ صيف 2023.
ورغم أن التجربة هناك كانت ناجحة إلى حد ما من الناحية التنظيمية، إلا أن النادي لا يخفي رغبته في العودة إلى ملعبه الأصلي في أقرب وقت ممكن، خصوصًا أن الجماهير تشتاق للأجواء الفريدة التي طالما ميزت “الكامب نو” عن أي ملعب آخر.
تسريع الإجراءات والتفاوض مع البلدية
الحصول على رخصة المرحلة (1A) يعني أن النادي قد أنهى رسميًا الجزء الأول من الأعمال في مدرج “الجهة الجنوبية” والمقصورة الرئيسية، وهو شرط أساسي كان ضروريًا لبدء إجراءات المرحلة التالية.
ووفقًا للمصادر نفسها، من المتوقع أن تبدأ الاتصالات المكثفة بين مسؤولي النادي وبلدية برشلونة خلال الأسابيع المقبلة لتسريع إصدار التصاريح الخاصة بالمرحلة (1B).
ورغم عدم تحديد موعد رسمي بعد للعودة إلى “الكامب نو”، فإن التقديرات داخل النادي تشير إلى أن الفريق قد يتمكن من خوض أولى مبارياته على الملعب الجديد قبل نهاية العام الجاري، إذا سارت الأعمال والإجراءات الإدارية بوتيرة جيدة.
الجماهير تترقب والنادي يستعد تجاريًا
يذكر أن برشلونة كان قد بدأ بالفعل بيع التذاكر الموسمية الخاصة بالنصف الثاني من الموسم الحالي، متضمنة مباريات ستقام في كل من ملعب مونتجويك وملعب كامب نو، وهو ما اعتبره كثيرون إشارة واضحة إلى أن النادي يستعد ماديًا ولوجستيًا للعودة التدريجية إلى معقله.
كما يُتوقع أن تعلن إدارة النادي قريبًا عن خطة تفصيلية لتنظيم عودة الجماهير، تتضمن ترتيبات الدخول والخروج، والخدمات الجديدة، والتكنولوجيا المحدثة داخل المدرجات، في ظل التزام النادي بتوفير أعلى معايير السلامة والراحة لجماهيره.
مشروع “إسباي بارسا”
عودة برشلونة إلى “الكامب نو” لا تمثل فقط نهاية مرحلة مؤقتة، بل تجسد رؤية مستقبلية ضخمة للنادي.
فمشروع “إسباي بارسا” يتجاوز فكرة التجديد المادي للملعب، إذ يشمل أيضًا إعادة تطوير المناطق المحيطة وتحويلها إلى مجمع رياضي وتجاري متكامل، يضم متاجر، ومتاحف، ومرافق ترفيهية حديثة، تتيح للنادي زيادة موارده المالية بشكل مستدام.
ويأتي هذا المشروع في وقت يسعى فيه برشلونة لاستعادة استقراره المالي بعد سنوات من الصعوبات الاقتصادية، ما يجعل العودة إلى ملعبه التاريخي رمزًا لمرحلة جديدة من النهوض على المستويين الرياضي والإداري.
في النهاية، تبقى عودة برشلونة إلى “سبوتيفاي كامب نو” حلمًا قريبًا من التحقق. ومع تسارع خطوات الإصلاح والتعاون القائم بين النادي والبلدية، يبدو أن عام 2025 قد يشهد العودة الكبرى إلى البيت الكتالوني، حيث ستلتقي الذكريات العظيمة بالمستقبل المشرق في ملعب جديد يليق باسم برشلونة وتاريخه.