بصمات بيتكوفيتش وقيادة محرز.. هكذا عادت الجزائر إلى الساحة العالمية

BySayed

أكتوبر 9, 2025


نجح المنتخب الجزائري في تحقيق حلم جماهيره، بالتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026، بعد فوز حاسم ومستحق على الصومال (3-0)، في ملعب “ميلود هدفي” بوهران اليوم الخميس، ليحجز “محاربو الصحراء” مقعدهم رسميًا في المونديال بعد غياب دام 12 عامًا. 

وعاشت الجماهير الجزائرية ليلة من الفرح والاحتفال، في مشهد أعاد للأذهان ذكريات التألق في مونديال البرازيل 2014.

وضمن المنتخب الجزائري تأهله بعد تصدره المجموعة السابعة، برصيد 22 نقطة من 9 مباريات، حقق خلالها 7 انتصارات وتعادلًا واحدًا مقابل هزيمة وحيدة، متفوقًا بفارق مريح على أقرب منافسيه أوغندا وموزمبيق (16 نقطة لكل منهما). 

وقدّم الفريق أداءً متوازنًا خلال التصفيات، جمع بين الانضباط الدفاعي والفعالية الهجومية، ليؤكد تفوقه المستحق في المجموعة، ويعلن عودته القوية إلى الساحة العالمية.

بصمات بيتكوفيتش

جاء هذا الإنجاز بقيادة المدرب السويسري فلاديمير بيتكوفيتش، الذي تولى المهمة في فبراير 2024 خلفًا لجمال بلماضي، بعد فترة من التراجع في الأداء والنتائج. 

ومنذ توليه المسؤولية، ركّز بيتكوفيتش على إعادة بناء الفريق، وضخ دماء جديدة في التشكيلة، مع الحفاظ على العمود الفقري المكوّن من العناصر ذات الخبرة، وعلى رأسهم القائد رياض محرز. 

وتمكن المدرب من تحقيق توازن فني واضح، أعاد للمنتخب شخصيته القوية وثقته المفقودة.

وشهدت فترة بيتكوفيتش في التصفيات استقرارًا وفعالية تكتيكية، حيث اعتمد على أسلوب متنوع بين الاستحواذ واللعب المباشر، تبعًا لطبيعة الخصوم. كما أثبت قدرته على قراءة المباريات وتغيير الخطط أثناء اللعب، وهو ما ساعد “الخضر” على تجاوز العقبات الصعبة في ملاعب إفريقيا. 

ومع تحقيق 6 انتصارات متتالية، في المراحل الحاسمة من التصفيات، أصبح الفريق أكثر نضجًا واستعدادًا للتحديات الكبرى المقبلة.

ونجح بيتكوفيتش في إعادة تنظيم الصفوف، مع منح الفرصة للوجوه الشابة، لتندمج تدريجيًا مع أصحاب الخبرة. كما تمكن من خلق أجواء تنافسية داخل التشكيلة، جعلت جميع اللاعبين يشعرون بأن مكانهم ليس مضمونًا إلا بالعطاء في الملعب، وهو ما رفع مستوى الالتزام والانضباط داخل المنتخب.

خبرة

ويُعرف البوسني بخبرته الكبيرة في التدريب، فقد قاد لاتسيو للتتويج بكأس إيطاليا عام 2013، قبل أن يشرف على منتخب سويسرا لمدة 7 سنوات (2014–2021)، وهي من أنجح فتراته التدريبية. 

وقاد بيتكوفيتش المنتخب السويسري إلى ثمن نهائي مونديال 2018، وربع نهائي يورو 2020، ونصف نهائي دوري الأمم الأوروبية 2019، ليكتسب سمعة مدرب يعرف كيف يبني مشروعًا طويل الأمد.

وتحت قيادته، بدأ المنتخب الجزائري يستعيد توازنه وهويته، بعد أن عاش فترة من الإحباط، إثر الخروج المبكر من كأس الأمم الإفريقية 2023، وفشله في التأهل لمونديال قطر 2022. 

قيادة محرز

يُعد رياض محرز، قائد المنتخب الجزائري وأحد رموزه التاريخية، من الركائز الأساسية لهذا الإنجاز. فقد أكد التزامه بقيادة “الخضر” نحو المونديال، مصرحًا بأنه “سيفعل المستحيل” لإعادة الجزائر إلى كأس العالم بعد إخفاقين متتاليين. 

وخلال هذه التصفيات، وصل محرز إلى مباراته الدولية رقم 100، مسجلًا حضورًا لافتًا بالأرقام والأداء، إذ ساهم بـ17 هدفًا في 21 مباراة خلال التصفيات المونديالية (سجّل 7 وصنع 10)، فيما بلغ مجموع مساهماته التهديفية مع المنتخب 77 هدفًا في 105 مباريات بمختلف المسابقات. 

وفي مباراة الصومال الأخيرة، أثبت محرز مجددًا قيمته الفنية، بصناعته هدفين وتسجيله ثالثًا، ليقود بلاده إلى المونديال.

نجوم آخرون

وإلى جانب محرز، برز عدد من النجوم الذين أضافوا حيوية فنية كبيرة للمنتخب. فقد تألق أمين غويري كمهاجم واعد، يمثل الجيل الجديد من هدّافي الجزائر، وساهم في أكثر من مباراة حاسمة، أبرزها تسجيله هدف التقدم أمام بوتسوانا خلال فوز الجزائر 3-1. 

كما قدّم محمد الأمين عمورة أداءً استثنائيًا، ليصبح أحد أبرز نجوم التصفيات، حيث سجل 8 أهداف وصنع 4 في 8 مباريات فقط، من بينها ثنائية في مرمى الصومال.

أما في خط الوسط، فكان حسام عوار أحد مفاتيح اللعب الرئيسية، بفضل قدرته على الربط بين الخطوط وصناعة الفرص. 

ورغم بعض الانتقادات التي طالت أداءه وسلوكياته في بعض اللحظات، أثبت عوار قيمته الفنية العالية وأهميته التكتيكية، مع إسهاماته المتكررة في تسجيل وصناعة الأهداف.

الهدف المقبل

ومع ضمان التأهل، سيتحول تركيز “الخضر” إلى بطولة كأس الأمم الإفريقية المقبلة في المغرب، والتي تعد محطة أساسية في إعداد الفريق قبل المونديال. 

ويسعى بيتكوفيتش إلى المنافسة على اللقب القاري، قبل خوض غمار المونديال الذي تستضيفه الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

ولا يعد تأهل الجزائر إلى كأس العالم 2026 مجرد إنجاز رياضي، بل عودة رمزية لقوة كروية تاريخية لطالما حملت آمال الجماهير العربية والإفريقية. فبعد 12 عامًا من الغياب، يعود “محاربو الصحراء” إلى الساحة العالمية بعزيمة متجددة، وطموح لا حدود له، في مسعى لتكرار إنجاز 2014، عندما أبهروا العالم بأدائهم ووصولهم إلى ثمن النهائي. 

واليوم، تحت قيادة بيتكوفيتش، ومع جيل جديد من النجوم، تبدو الجزائر في طريقها لاستعادة مجدها، وإثبات أنها ما زالت من كبار القارة السمراء، القادرين على مقارعة أقوى منتخبات العالم.



المصدر – كوورة

By Sayed