قبل ساعات من الكلاسيكو المنتظر بين ريال مدريد وبرشلونة، خرج النجم الإنجليزي جود بيلينجهام ليتحدث بثقة كبيرة عن حالته البدنية واستعداداته للمواجهة التي يعتبرها “أكبر مباريات العالم”، مؤكدًا أنه يعيش أفضل فتراته البدنية منذ فترة طويلة بعد التعافي من الجراحة التي خضع لها في الكتف خلال الصيف الماضي.
وقال بيلينجهام في تصريحات للموقع الرسمي لريال مدريد: “أشعر أنني في حالة رائعة وسعيد جدًا، وأخيرًا عدت إلى أرض الملعب. في المباريات الأخيرة قبل فترة التوقف، ثم أمام خيتافي ويوفنتوس، بدأت أشعر بتحسن واضح وبأنني أقترب من مستواي الحقيقي. أنا قوي وإيجابي، وربما في أفضل حالة بدنية منذ فترة طويلة. أنا مستعد لتقديم كل ما بوسعي لمساعدة الفريق على الفوز ومواصلة الزخم الذي صنعه زملائي أثناء غيابي. أتمنى أن أواصل اللعب بشكل جيد، وأن أستمتع بالمباريات وأحقق الانتصارات”.
وأوضح النجم الإنجليزي البالغ من العمر 22 عامًا، وفقاً لصحيفة “آس” الإسبانية، أنه بدأ يستعيد مستواه تدريجيًا بعد العملية التي أجراها في الكتف منتصف يوليو الماضي، مشيرًا إلى أنه يشعر بأنه “أقرب إلى مستواه الطبيعي” وأكثر استعدادًا لتحديات الفترة المقبلة.
مفاتيح الفوز واستعادة التوازن الذهني
وعن استعدادات الفريق للمباراة، قال بيلينجهام: “الأسابيع الماضية كانت مفعمة بالحماس بالنسبة لنا كفريق. نريد أن نحافظ على الزخم الإيجابي الذي بنيناه في المباريات الأخيرة وننقله إلى هذه المواجهة”.
أما عن مفاتيح الفوز على برشلونة، فقد تحدث الدولي الإنجليزي بوعي تكتيكي لافت، موضحًا أن: “الجزء الأهم يتعلق بإدارة المباراة ولحظاتها والعواطف والتفاصيل الصغيرة التي تصنع الفارق. في الموسم الماضي، عندما كنا نتأخر في بعض المباريات، تأثرنا كثيرًا وسمحنا للمباراة بالانفلات من أيدينا. الآن علينا أن نبقى متوازنين ذهنيًا طوال 90 دقيقة. نحن نعرف جيدًا كيف يلعبون، ونعرف ما نريد أن نفعله نحن. المفتاح الحقيقي هو في التعامل الجيد مع الأمور الأخرى: الأعصاب، الضغط، الأجواء… هذه التفاصيل قد تصنع الفرق”.
الكلاسيكو كاختبار نفسي وموسمي
أكد بيلينجهام أن الكلاسيكو لا يُقاس فقط بثلاث نقاط، بل بتأثيره النفسي على الفريق بأكمله، قائلًا: “الجميع يدرك أن الأهداف والانتصارات في هذه المباريات تعني أكثر، لأنها تجهزك نفسيًا وذهنيًا لبقية الموسم. عندما تعرف أنك قادر على هزيمة أكبر منافسيك على اللقب، فإن ذلك يمنحك الثقة لتقديم موسم كبير. شعرت بذلك في موسمي الأول، ونريد أن نشعر به مجددًا، ولهذا الفوز مهم جدًا”.
وتحدث بيلينجهام بشغف عن أجواء ملعب سانتياجو برنابيو، الذي سيحتضن الكلاسيكو المرتقب، قائلاً: “إنه أمر مذهل. لا يوجد ملعب أفضل من البرنابيو لخوض مباراة كبيرة. عشت هذا الشعور مرات عديدة، لكنك لا تعتاد عليه أبدًا. في كل مرة تدخل فيها إلى أرض الملعب تشعر بقشعريرة عندما ترى التيفو وتسمع الهتافات. تعرف أنك أمام ليلة كبيرة. نتمنى أن نرد على تلك الطاقة الهائلة التي يمنحنا إياها جمهورنا”.
EPA
“أحد أعظم مباريات العالم”
لم يخفِ بيلينجهام شغفه بالكلاسيكو منذ صغره، وقال: “إنه ربما واحد من أكبر المباريات في العالم. كنت أشاهدها منذ طفولتي، ونشأت وأنا أتابع هذه المواجهات. لعبت بعضها بالفعل، وكانت لي لحظات رائعة وأخرى صعبة، لكنه يظل مباراة مذهلة، خاصة عندما تُقام على أرضنا، وأنا متحمس جدًا لها”.
أما عن نظرة إنجلترا إلى هذا اللقاء، فأوضح: “في إنجلترا يدرك الجميع أن هذا أحد أكبر اللقاءات في العالم. هناك أيضًا مباريات كلاسيكو وديربيات كبيرة، لكن حتى هناك يعرف الجميع ماذا يعني هذا اللقاء، بسبب المستوى الذي أظهره الفريقان على مر السنين، والضغط، والمتطلبات العالية، وجودة اللاعبين، وحجم الرهان في كل مرة. أنا نشأت هناك، لكن ذلك لم يغير نظرتي للكلاسيكو، بل زاد احترامي له أكثر. لذلك، نعم، من المهم جدًا أن نحقق الفوز”.
نهاية عام 2025.. عندما تهاوى بريق أنشيلوتي
شهدت نهاية عام 2025 واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في ريال مدريد. فقد بدا كارلو أنشيلوتي وكأنه استنفد كل أفكاره وخططه الممكنة، فيما لم يتمكن الوافد الجديد كيليان مبابي من إحداث الأثر المنتظر، وتراجع أداء فينيسيوس جونيور بشكل ملحوظ. أمام هذا الواقع، لجأ أنشيلوتي إلى خطة 4-4-2، طالبًا من بيلينجهام أداء دور أعمق خلف المهاجمين السريعين.
لكن تلك الخطة لم تُثمر النتائج المرجوة. بدا بيلينجهام مرهقًا ذهنيًا وبدنيًا، فاقدًا للحيوية التي ميّزته في موسمه الأول. ورغم مساهمته ببعض الأهداف، إلا أن أداءه العام افتقر إلى الحدة والتركيز. ارتكب أخطاء في التمرير، وتهاون في المراقبة، وفي بعض اللحظات بدا مستسلمًا تمامًا. وكان مشهد فقدانه للكرة في أحد الكلاسيكوهات السابقة، واحتجاجه على الحكم بدلًا من العودة للدفاع قبل أن يُسجل برشلونة هدفًا قاتلًا، تجسيدًا مثاليًا لحالته آنذاك.
ورغم أن بيلينجهام لم يكن السبب الوحيد في إخفاق ريال مدريد، إلا أن الجماهير والإعلام وجها إليه سهام الانتقادات باعتباره النجم الأبرز وصاحب التوقعات الأعلى. قبل عام واحد فقط، كان مرشحًا قويًا للفوز بالكرة الذهبية، أما في نهاية 2025، فباتت الأحاديث تدور حول “تراجع حاد في مستواه”.
الإصابة والجراحة وكأس العالم للأندية
كان السبب الجوهري وراء هذا التراجع واضحًا: بيلينجهام كان يلعب مصابًا. فخلال موسمه الأول في سانتياجو برنابيو، خلع كتفه مرتين، واستمر في اللعب مستخدمًا أربطة داعمة لأشهر طويلة، محاولًا تأجيل الجراحة حتى لا يفقد فرصة المشاركة في يورو 2024.
ومع قدوم الصيف التالي، بدا أن الوقت قد حان للجراحة، لكن إدارة ريال مدريد فضّلت الإبقاء عليه للمنافسة في كأس العالم للأندية، المقامة في الولايات المتحدة. شارك بيلينجهام في البطولة رغم معاناته من الألم والإرهاق، وظهر بوضوح أنه لم يستعد عافيته بعد.
كان أداؤه متقطعًا وحركته محدودة، بينما بدا ريال مدريد بطيئًا ومتثاقلًا. وبعد الهزيمة أمام باريس سان جيرمان في نصف النهائي، شعر الجميع – وإن بصمت – أن الإقصاء لم يكن مأساة بقدر ما كان فرصة للراحة وإعادة التقييم.
العودة من الرماد
الآن، وبعد أشهر من الراحة والجراحة وإعادة التأهيل، يظهر بيلينجهام في حالة جديدة من التركيز والنضج. لا يتحدث فقط كموهبة شابة، بل كقائد يعرف قيمة التفاصيل في المباريات الكبرى. الكلاسيكو بالنسبة له ليس مجرد اختبار، بل نقطة تحول بين ما كان وما سيكون.
وإذا كان ريال مدريد بحاجة إلى بيلينجهام الحقيقي ليقود مرحلة ما بعد أنشيلوتي، فإن الإنجليزي بدوره بحاجة إلى الكلاسيكو ليعيد تأكيد مكانته في الصفوة. فكما قال هو نفسه: “هذه المباريات لا تمنحك النقاط فقط، بل تمنحك القوة لتكمل الموسم بنفس الشغف”.