رغم تأهل الزمالك بسهولة إلى دور المجموعات ببطولة كأس الكونفدرالية الأفريقية على حساب ديكيداها الصومالي بسبعة أهداف دون رد بمجموع مباراتي الذهاب والإياب في دور الـ 32 بالبطولة، إلا أن الأجواء تبدو متوترة ومشتعلة داخل القلعة البيضاء.
مباراة الإياب التي أقيمت على ملعب السلام شهدت هتافات معادية من الجماهير التي تفجر غضبها ضد جون إدوارد المدير الرياضي والمدير الفني البلجيكي يانيك فيريرا.
الفوز بهدف نظيف في مباراة الإياب، لم يشفع للفريق الذي قدم أداء لم يرتقِ إلى مستوى التطلعات الجماهيرية، خاصة في ظل مشاركة عدد من العناصر البديلة التي كان من المفترض أن تثبت جدارتها.
واعتبرت الجماهير أن الأداء الباهت كان مؤشرا على وجود مشاكل فنية وإدارية أكبر يجب معالجتها، ليتحول الاحتفال بالتأهل إلى تفريغ الشحن السلبي المتراكم من الأزمات المتلاحقة التي عصفت بالنادي مؤخرا، من خلافات عقود اللاعبين إلى المشاكل المالية والأزمات الفنية.
ثورة غضب
شهدت المدرجات هجوما حادا ضد إدارة النادي وتحديدا جون إدوارد، المدير الرياضي، حيث هتفت الجماهير بلهجة عامية: “جون إدوارد ارفع إيدك.. جمهور الزمالك هو سيدك”.
كما تم الهتاف ضد المدير الفني البلجيكي يانيك فيريرا رغم تحقيق الفوز والتأهل، فطالبت الجماهير برحيله عن القيادة الفنية للفريق، وهي سابقة تحدث حتى بعد فوز وتأهل في بطولة قارية.
هذه المطالبات تكشف عن حالة من عدم الرضا المتزايد عن الأداء الفني والتكتيكي للفريق في الفترة الأخيرة، خاصة في طريقة إدارته للمباريات، والجدل الدائر حول اختياراته وأداء الفريق ونتائجه.
وترى الجماهير أن فيريرا لم يعد قادرا على تحقيق الانسجام الفني المطلوب أو إدارة التنوع البشري الهائل في قائمة الفريق بفاعلية، وهو ما ظهر جلياً في الأداء غير المقنع أمام ديكيداها رغم فارق المستوى الكبير.
ويؤكد هذا الانفجار الجماهيري الذي تلا مباراة التأهل بسبعة أهداف، أن نادي الزمالك يواجه حالياً أزمة ثقة حادة متعددة الأوجه، من أزمة فنية تتعلق بعدم قناعة الجماهير بالنهج التكتيكي والخيارات الفنية ليانيك فيريرا.
الجماهير ترفض أن تكون مجرد متابع لنتائج الفريق، وتصر على أن يكون رأيها في الإدارة والتدريب هو الرأي الفاصل.
أزمة محمد السيد
ركزت جماهير الزمالك التي حضرت المباراة هتافاتها ضد محمد السيد لاعب الوسط الصاعد الذي خاض المباراة كاملة وطلبت استبداله على خلفية أزمة تجديد عقده.
ورفض محمد السيد (20 عاما) تجديد عقده الذي ينتهي في يونيو/حزيران المقبل في ظل أنباء حول تفاوضه للرحيل للأهلي المصري عقب نهاية ارتباطه بالزمالك.
وزاد الغضب الجماهيري مع تمسك المدرب يانيك فيريرا ببقاء اللاعب بل ومنحه فرصة التسجيل بتسديد ضربة جزاء والتي أهدرها اللاعب في الشوط الثاني.
رسائل فيريرا
أكد يانيك فيريرا مدرب الزمالك، أن فريقه استحق الفوز على ديكيداها، مشيرا إلى أنه غير راضٍ على الإطلاق عن مستوى الأداء الذي قدمه اللاعبون في لقاء الإياب.
وجاءت تصريحات فيريرا خلال المؤتمر الصحفي عقب المباراة، حيث بدا عليه الانزعاج من مستوى الفريق في لقاء العودة، وحالة الغضب الجماهيري التي طالت لاعبيه.
وعبّر فيريرا عن خيبة أمله إزاء سير المباراة، مؤكدا أن الفوز لم يكن مقنعا من الناحية الفنية. وقال: “بعد الشوط الأول لم أكن سعيدا بالأداء والنتيجة، وكنت أتمنى تغيير الأداء في الشوط الثاني”.
وأشار إلى أن العامل النفسي لعب دورا سلبيا في أداء اللاعبين، موضحا: “نتيجة مباراة الذهاب (6-0) قد تكون عاملا مؤثرا في الأداء والنتيجة خلال لقاء اليوم. اللاعبون شعروا بضمان التأهل، وهو ما أثر على حافزهم وتركيزهم”.
وفي سياق تقييمه الفني العام، تطرق فيريرا إلى مشكلة إهدار الفرص التي ما زالت تؤرق الفريق: “نصنع الفرص بشكل كبير ونصل للمرمى، ويتبقى الفاعلية الأكبر على مرمى المنافس، وهو ما يحتاج عملاً أكبر وجهدا متواصلا في التدريبات لرفع نسبة النجاح الهجومي”.
وكان الجزء الأكبر من المؤتمر مخصصا للرد على الهجوم والانتقادات الجماهيرية التي تعرض لها اللاعب الشاب محمد السيد خلال المباراة، حيث وجّه فيريرا رسالة قاسية ومباشرة إلى الجماهير.
وقال فيريرا بلهجة حازمة: “الجزء المهم هو الدعم لمحمد السيد من كل الفريق، ومن على مقاعد البدلاء. وقد أدركت الهتافات من الجماهير، ورسالتي لهم بأنهم هم الداعم للفريق أولا وأخيرا”.
وتابع في انتقاد صريح للهجوم الجماهيري: “الجماهير لا تدرك نصف ما نتعرض له بشكل يومي في النادي، ولست سعيدا بالهتاف ضد لاعب عمره 19 عاما يقدم كل ما لديه يوميا في التدريبات”.
وأشاد بشجاعة اللاعب وقدرته على التحمل: “الأمور لم تكن سهلة على محمد السيد، وشجاعة منه أن يستمر في الملعب حتى النهاية”.
وكشف فيريرا عن السبب الخفي وراء تكليف محمد السيد بتسديد ركلة الجزاء التي حصل عليها الفريق: “قرار تسديد محمد السيد لركلة الجزاء، لأننا كنا نود أن ندعمه في ظل الهتافات ضده، لكي يشعر بمساندة الجهاز الفني واللاعبين له في هذا الموقف الصعب”.
وفسّر فيريرا اختياراته للتشكيل في هذه المباراة بأنها كانت تهدف إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، لا مجرد تحقيق الفوز: “فكرنا خلال هذه المباراة في منح كل لاعب يفتقد المشاركة الحصول على فرصة، ومنح بعض اللاعبين الأساسيين الراحة، بجانب الدفع بلاعبين عائدين من الإصابة في جزء من المباراة”.
وخصَّ بالذكر بعض اللاعبين المستبعدين أو الذين يشاركون بشكل تدريجي، وأوضح فيريرا أن غياب كل من محمود جهاد ونبيل عماد “دونجا” ومحمد شحاتة عن المشاركة يعود إلى “عدم مشاركتهم في التدريبات لوقتٍ كافٍ”، بالإضافة إلى استمرار إصابة أحمد ربيع.
وأشار إلى أن صانع الألعاب عبد الله السعيد يشارك “بالتدريج” بعد عودته من الإصابة، مؤكدا أن الجهاز الطبي يتبع خطة حذرة في إعادته للمشاركة. كما دافع فيريرا عن الدفع بمحمد السيد وسيف جعفر في التشكيل الأساسي.
وأوضح أن الأمر منطقي وطبيعي لتجهيزهم للمراحل المقبلة: “أحمد حمدي قدم مباراة رائعة في لقاء الذهاب، ومن الطبيعي أن يتم الدفع اليوم بمحمد السيد وسيف جعفر لأنه أمر منطقي وليس خطأ كما يرى البعض”.