جالينو وكونسيساو.. ديربي ناري برائحة الماضي المشترك

BySayed

نوفمبر 6, 2025


المدرب واللاعب اجتمعا من قبل في ملعب الدراجاو

تفرض الصدف نفسها أحيانًا في عالم كرة القدم، وأحدثها تلك التي تجمع بين البرتغالي سيرجيو كونسيساو، المدير الفني للاتحاد، والبرازيلي جالينو، جناح الأهلي، في ديربي جدة المرتقب يوم السبت المقبل، على ملعب الإنماء، ضمن الجولة الثامنة من الدوري السعودي للمحترفين.

لقاء متجدد

اللقاء سيكون خاصًا لكليهما، إذ اجتمع كونسيساو وجالينو في بورتو البرتغالي على مدار موسمين ونصف، حيث كان المدرب البرتغالي المشرف الأول على مسيرة اللاعب الأوروبية. ففي يناير/كانون الثاني 2022 أعلن بورتو تعاقده مع جالينو من براجا، مقابل نحو 9 ملايين يورو، وكان كونسيساو وقتها في موسمه الخامس مع الفريق.

لكن العلاقة بينهما بدأت قبل ذلك بسنوات، إذ كان جالينو قد انضم إلى بورتو لأول مرة في صيف 2016 قادمًا من أنابوليس البرازيلي، ولعب للفريق الرديف. وبعد عام تولى كونسيساو تدريب بورتو، وصعد اللاعب إلى الفريق الأول في أكتوبر/تشرين الأول 2017. ومع ذلك، لم يشارك إلا في مباريات محدودة، قبل أن يقرر المدرب إعارته لاكتساب الخبرة.

خرج جالينو إلى بورتيمونينسي ثم ريو آفي، قبل أن ينتقل نهائيًا إلى براجا في 2019، حيث تألق وفرض نفسه أحد أبرز لاعبي الدوري البرتغالي. وعندما رحل لويس دياز إلى ليفربول في شتاء 2022، لجأ كونسيساو إلى جالينو لتعويضه، ليعود الأخير إلى بورتو مجددًا.

مواسم متباينة

البداية لم تكن مثالية، إذ شارك جالينو في 20 مباراة فقط، في النصف الثاني من موسم 2021-2022، أغلبها كبديل، وسجل هدفًا واحدًا. 

لكن في الموسم التالي تغيّر وضعه تمامًا، إذ شارك في 52 مباراة، منها 37 أساسيًا، وسجل 15 هدفًا وصنع 9، وقاد بورتو للتتويج بكأس البرتغال وكأس الرابطة، رغم خسارة الدوري لصالح بنفيكا بفارق نقطتين.

تلك المستويات أعادت الدفء للعلاقة بينه وبين كونسيساو، حيث قال جالينو في تصريحات لصحيفة “ريكورد” البرتغالية في سبتمبر/أيلول 2022: “إنه مدرب رائع وصارم، لكنه يعرف كيف يطور اللاعبين، وأنا أتعلم منه كل يوم”. ورد كونسيساو بالإشادة به أيضًا، مؤكدًا أنه رشحه للانضمام إلى منتخب البرتغال وقتها.

وفي موسم 2023-2024 استمر التعاون بينهما، وقدم جالينو أفضل أرقامه بمشاركته في 48 مباراة، سجل خلالها 16 هدفًا وصنع 12، وساهم في فوز الفريق بكأس البرتغال للموسم الثاني تواليًا. لكن الخسارة في الدوري والسوبر أمام بنفيكا، دفعت كونسيساو إلى الرحيل في نهاية الموسم، رغم تجديد عقده مع النادي.

صفقة لم تكتمل

اللافت أن كونسيساو وجالينو كادا أن يجتمعا من جديد في اتحاد جدة، إذ كان النادي السعودي قريبًا من ضم اللاعب، قبل أن يتراجع في اللحظات الأخيرة، ما أدى إلى بقائه في بورتو مؤقتًا. 

وبعد رحيل كونسيساو، خاض جالينو نصف موسم جيدًا نسبيًا، سجل خلاله 12 هدفًا وصنع 3، لكن مستواه تراجع لاحقًا، فقرر النادي بيعه في يناير/كانون الثاني إلى الأهلي السعودي، الغريم التقليدي للاتحاد.

مع الأهلي، استعاد جالينو توهجه سريعًا، فقاد الفريق للتتويج بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة، في النصف الثاني من الموسم الماضي، بينما كان كونسيساو يتألق مع ميلان، محققًا كأس السوبر الإيطالي، ومتأهلًا إلى نهائي كأس إيطاليا.

مع انطلاق الموسم الجديد، تعرض الاتحاد لهزيمتين، أمام الوحدة في دوري أبطال آسيا، والنصر في الدوري المحلي، فقررت إدارة النادي إقالة المدرب الفرنسي لوران بلان، والتعاقد مع كونسيساو لقيادة الفريق.

أما جالينو، فابتعد عن الملاعب بسبب الإصابة منذ بداية الموسم، مما أثار قلق جماهير الأهلي التي كانت تنتظر عودته. لكنه عاد مؤخرًا في مباراة الغرافة، أول أمس الثلاثاء، في دوري أبطال آسيا للنخبة، ودخل بديلًا وصنع هدف الفوز، في مؤشر على جاهزيته قبل مواجهة الاتحاد.

الآن، يجد جالينو نفسه أمام مباراة تحمل له مشاعر متباينة. فهو يواجه النادي الذي كان على وشك الانتقال إليه، والمدرب الذي منحه أول فرصة في بورتو، وأعاد اكتشافه من جديد. وبين الرغبة في إثبات الذات أمام كونسيساو، والسعي لإثبات ذاته أمام الاتحاد الذي تراجع عن ضمه، يدخل البرازيلي المباراة بحماس مضاعف.

في المقابل، يعرف كونسيساو لاعبه السابق جيدًا، ويُدرك تمامًا خطورته على الأطراف، وهو ما سيجعله يضع خطة خاصة لإيقافه.

قصة تتجاوز الديربي

ديربي جدة دائمًا يحمل طابعًا خاصًا من المنافسة، لكن هذه المرة، هناك مواجهة جانبية أكثر إثارة بين معلم وتلميذه السابق، كلاهما يعرف الآخر جيدًا، وكلاهما يسعى لإثبات أنه خرج من تلك التجربة أقوى.

جالينو يريد أن يؤكد أن نجاحه لا يرتبط بكونسيساو، فيما يسعى المدرب البرتغالي إلى إثبات أن قراراته السابقة كانت دائمًا صائبة، سواء بإعارته أو بإعادته في الوقت المناسب.

وبين الماضي المشترك والحاضر المشتعل، ينتظر جمهور الكرة السعودية مواجهة تحمل في طياتها قصة إنسانية ومنافسة كروية نادرة، تختصر مسيرة طويلة من التحديات بين مدرب لم يعرف سوى العمل الجاد، ولاعب صنع اسمه بفضل الصبر والإصرار، لتتحول صدفة اللقاء في بورتو إلى معركة جديدة في جدة.



المصدر – كوورة

By Sayed