في خطوة عكست نواياه الحقيقية وأظهرت حرصه الكبير على وحدة المجموعة، فرض وليد الركراكي، مدرب المنتخب المغربي، وبشكل مفاجئ، حضور ثلاثة من ركائز “أسود الأطلس” المصابين ضمن معسكر المنتخب المقام حاليًا بمجمع محمد السادس، استعدادًا لمباراتي البحرين الودية والكونغو ضمن تصفيات كأس العالم 2026.
الثلاثي المعني هو: نصير مزراوي، لاعب مانشستر يونايتد الإنجليزي، سفيان أمرابط، المنتقل حديثًا لنادي ريال بيتيس الإسباني، وعز الدين أوناحي، لاعب جيرونا الإسباني.
ورغم أن اسم مزراوي لم يكن ضمن القائمة الأصلية للمعسكر، إلا أن الركراكي أصر على حضوره، في قرار فُهم منه حرصه على تعزيز روح العائلة داخل المجموعة، وتثبيت اللحمة بين اللاعبين استعدادًا لنهائيات كأس الأمم الإفريقية المقبلة نهاية العام الحالي.
جو العائلة
مصدر من داخل معسكر الأسود أكد لموقع “كووورة” أن الركراكي اتخذ هذا القرار عن قناعة، مشددًا على أهمية الإبقاء على أجواء “العائلة” داخل المنتخب، والتي يرى أنها ستكون العامل الحاسم في مشوار الفريق نحو “الكان”.
وأشار المتحدث إلى أن الجهاز الطبي سيشرف على بروتوكولات علاج دقيقة ومخصصة لكل لاعب مصاب، تمهيدًا لتأهيلهم البدني بشكل مدروس، بالنظر إلى الدور المحوري الذي يلعبه كل من مزراوي، أمرابط وأوناحي داخل منظومة الفريق.
وأكد المصدر ذاته أن الركراكي كان واضحًا في موقفه، حيث شدد على أن جميع اللاعبين المصابين سيلتحقون بالمعسكر، ولن يُسمح لهم بالبقاء مع أنديتهم، مع الإشارة إلى أن هذا النهج سيُعتمد بشكل صارم في الفترة المقبلة.
مزراوي حالة خاصة
ومن بين الحالات التي أثارت الانتباه، كانت حالة مزراوي، الذي تفاجأ بطلب حضوره من قبل الركراكي، رغم أن ناديه مانشستر يونايتد كان قد أعلن رسميًا، عبر تقرير طبي، غيابه لمدة شهر بسبب الإصابة. إلا أن المدرب المغربي أصر على استدعائه، انطلاقًا من قناعته بضرورة عدم إبعاده لفترة أطول عن أجواء المعسكرات.
وكان مزراوي قد غاب عن أربع مباريات متتالية للمنتخب، ما دفع الركراكي للتحرك بسرعة من أجل تحضيره ذهنيًا وبدنيًا لما قبل كأس الأمم. وقد أحضر اللاعب تقريره الطبي الكامل من ناديه الإنجليزي، بهدف وضع الجهاز الطبي للمنتخب في صورة الوضع وتفكيك لغز الإصابات المتكررة التي تلاحقه.
يُذكر أن مزراوي تعرض لإصابة مشابهة قبل انطلاق نسخة كأس أمم إفريقيا في كوت ديفوار، حينما غاب عن دور المجموعات ولعب فقط مواجهة واحدة في الأدوار الإقصائية أمام جنوب إفريقيا، والتي انتهت بإقصاء أسود الأطلس، قبل أن يتعرض لإصابة جديدة خلال نفس المباراة. ويُعد مزراوي من الأعمدة الأساسية في خط دفاع “أسود الأطلس”.
أمرابط وأوناحي… غيابات مؤثرة
في ذات السياق، واجه الركراكي انتكاسة كبيرة عند تحضيره لقائمة مباراتي البحرين والكونغو، بعد تأكد إصابة سفيان أمرابط وعز الدين أوناحي، أحد أبرز لاعبي خط الوسط، واللذين كانا يقدمان مستويات مميزة مع فريقيهما في الدوري الإسباني. رغم ذلك، أصر المدرب على استدعائهما لمعسكر المنتخب، لنفس الأسباب التي دفعت لحضور مزراوي.
وحسب مصدر “كووورة”، فإن وجود اللاعبين الثلاثة المصابين في المعسكر لا يقتصر فقط على العلاج، بل يشمل مشاركتهم في حلقات الفيديو التحليلية التي يُعدها الركراكي حول المنتخبات المنافسة في كأس الأمم، إلى جانب الحصص التدريبية النظرية الخاصة بالخطة الجديدة التي ينوي تطبيقها.
خطة جديدة… ومطالب تكتيكية عالية
الركراكي يخطط للظهور بأسلوب مغاير تمامًا لما قدمه “أسود الأطلس” في مونديال قطر، إذ أعلن توجهه نحو اعتماد خطة تقوم على الاستحواذ والضغط العالي، وهو ما لم يكن معتمدًا سابقًا. تنفيذ هذه الخطة يتطلب عددا من المعسكرات المتتالية، إلى جانب خوض مباريات ودية، حتى يترسخ المفهوم في أذهان اللاعبين.
وأكد مصدر “كووورة” أن الأندية الأوروبية التي ينتمي لها هذا الثلاثي لم تعترض على حضوره، لكنها اشترطت عدم إشراكهم في أي مباريات خلال المعسكر، خشية تعرضهم لانتكاسات جديدة.
لحظات تكريم خاصة
وكعادته في كل معسكر، ألقى الركراكي خطابًا حماسيًا على اللاعبين لرفع المعنويات، وقرر تأخير أول حصة تدريبية لغاية تكريم كل من أشرف حكيمي وياسين بونو بعد دخولهما التشكيلة المثالية لجوائز “فرانس فوتبول”.
وقال الركراكي للاعبين: “أدعوكم للتصفيق لحكيمي وبونو على ما حققاه هذا الموسم. المرة المقبلة، سيكون حكيمي صاحب الكرة الذهبية، وهو أهل لها. وبونو، بحلوله خامسًا في العالم، أكد أنه حارس من طينة الكبار. ولا ننسى أيوب الكعبي، الذي فاز بجائزة أفضل لاعب في الدوري اليوناني، وهذا يعكس القيمة الحقيقية للاعب المغربي”.
كما لم يغفل الركراكي الجانب النفسي للاعب نايف أكرد، الذي التحق بالمعسكر متأخرًا بعد تعرضه لاعتداء من طرف مجهولين في مطار مارينيان بمدينة مارسيليا الفرنسية، وهو الحادث الذي يخضع حاليًا لتحقيق قضائي.
واختتم الركراكي حديثه خلال أول مران بالقول: “إنه حلم الكان الذي يقترب أكثر فأكثر مع كل تجمع لنا هنا. أعتقد أنكم، مثلي، مستعدون لهذا التحدي، وتدركون جسامة المسؤولية وحجم الرهان الذي ينتظرنا”.