رغم السمعة التي لاحقت المدرب الإيطالي سيموني إنزاجي، كونه يعتمد على التنظيم الدفاعي والانضباط التكتيكي، إلا أن ما يقدمه مع الهلال السعودي منذ وصوله على رأس القيادة الفنية، كان مغايرًا.
إنزاجي تولى مهمة تدريب الهلال في وقت حرج، بعد فسخ عقد البرتغالي جورجي جيسوس، وتحديدًا قبل بداية بطولة كأس العالم للأندية 2025، ونجح في الظهور بشكل مذهل خلال فترة قصيرة.
لكن مع بداية الموسم الجاري، ظهر رجال المدرب إنزاجي، بهوية تسببت في حيرة كبيرة لعشاق النادي وخبراء كرة القدم.
مدرب دفاعي
من المعروف عن المدرسة الإيطالية أنها دائمًا ما ارتبطت بالصلابة الدفاعية والانضباط التكتيكي، وهو ما جعل الكثيرين، يضعون سيموني إنزاجي في خانة “المدرب الدفاعي” قبل أن يبدأ مشواره مع الهلال.
إضافة إلى ذلك، فالمدرب الإيطالي اعتمد في أغلب فترات مسيرته التدريبية، على طريقة (3-5-2) بتواجد 3 قلوب دفاع، وهو ما جعل البعض، يرفض فكرة قدومه.
الجماهير الهلالية تعشق الكرة الهجومية المرتبطة بهوية النادي منذ قديم الأذل، ووصلت إلى ذروتها تحت قيادة جيسوس، مما جعل البعض، يرفض قدوم إنزاجي بسبب أسلوبه المغاير لفلسفة “زعيم آسيا”.
ظهور مفاجئ
باغت إنزاجي، الجميع، بظهور الهلال المفاجئ في كأس العالم للأندية، عبر أداء متوازن يجمع بين الصلابة الدفاعية والقوة الهجومية.
واستطاع المدرب الإيطالي، في الخروج بتعادل تاريخي أمام ريال مدريد (1-1) في مستهل المشوار، وتعادل سلبيًا مع سالزبورج النمساوي، ثم صعد للدور ثمن النهائي، بتغلبه على باتشوكا المكسيكي (2-0).
والمفاجأة الأبرز، تمثلت في إقصاء مانشستر سيتي في ثمن النهائي، بنتيجة (4-3) في مباراة تمكن فيها إنزاجي من إحراج المدرب الإسباني بيب جوارديولا.
ورغم الخروج من ربع النهائي على يد فلومينينسي (1-2)، إلا أن الهلال كان ندًا قويًا، ليودع البطولة من الباب الكبير، كصاحب أفضل إنجاز عربي وآسيوي في شكل المسابقة الجديد.
صدمة الأسلوب
مع بداية الموسم الجديد، كان يتوقع أغلب عشاق الهلال، ظهور الهلال بمستوى المونديال، ولكن الواقع كان مغايرًا.
الهلال ظهر بصورة دفاعية سيئة في الموسم الجديد، رغم أن المدرب الإيطالي صاحب فكر إيطالي يميل للمدرسة الدفاعية في الأساس، فضلاً عن اعتماده في أغلب المباريات على 3 قلوب دفاع، أو الاستعانة بلاعب المحور روبن نيفيز، للعودة بجانب القلبين.
واستقبل “الزعيم” 9 أهداف في 7 مباريات خاضها حتى الآن في كافة المسابقات، ومن ضمنها استقبال 3 أهداف ضد أهلي جدة في كلاسيكو الجولة الثالثة الذي انتهى (3-3).
وكانت هذه المباراة، بمثابة علامة استفهام كبرى، بسبب اعتماد إنزاجي، على طريقة دفاعية والهجوم عبر التحولات والاعتماد على 6 مدافعين في الدقائق الأخيرة، ولكن رغم ذلك استقبل 3 أهداف.
Getty Images
وبعيدًا عن استقبال الأهداف، فالهلال يعاني من مساحات بالجملة خلف الظهيرين وقلبي الدفاع، بالإضافة لابتعاد واضح بين جميع الخطوط.
ورغم أن الفريق يسير بصورة جيدة على مستوى النتائج، إلا أن الأداء لم يكن مقنعًا، بسبب استقبال العديد من الأهداف السهلة، رغم أن إنزاجي متمرس في الطريقة الدفاعية من الأساس.
فلسفة محيرة
في الوقت ذاته، ظهر الهلال بصورة هجومية جيدة في أغلب المباريات، عبر تحولات سريعة وعدة حلول أخرى، متمثلة في سلاح العرضيات والتسديد من مسافات بعيدة أو الاختراق من العمق.
ونجح رجال المدرب إنزاجي في تسجيل 16 هدفًا خلال أول 7 مباريات من الموسم، وهو معدل هجومي لافت، يتعارض مع الصورة المسبقة عن كونه مدربًا دفاعيًا كما كان يتوقع الكثيرون.
ولم يقتصر الأمر على الكم التهديفي فقط، بل إن نوعية الأهداف عكست تنوعًا في الأفكار، إذ ظهرت بصمات المدرب الإيطالي في مرونة الخط الهجومي والاعتماد على قوة الأطراف، والتمريرات القصيرة في العمق.
وظهر الفرنسي ثيو هيرنانديز الظهير الأيسر على وجه التحديد، وكأنه جناح هجومي، بعدما سجل 4 أهداف في 6 مباريات.
قلق جماهيري
رغم النتائج الإيجابية في بداية الموسم، لا زال جزء من جماهير الهلال، يعيش حالة من القلق بسبب غياب ملامح واضحة لفلسفة إنزاجي الفنية.
فالبعض يرى أن الفريق يتأرجح بين اللعب الدفاعي والحذر المبالغ فيه أحيانًا، وبين الانطلاق الهجومي السريع في أحيان أخرى، مما يجعل هوية “الزعيم” غير مستقرة حتى الآن.
هذا التذبذب يثير تساؤلات حول قدرة المدرب الإيطالي، على بناء مشروع متماسك، يمنح الجماهير، الثقة والاطمئنان، خصوصًا مع تزايد التحديات في البطولات المحلية والقارية.
Getty Images
إضافة إلى ضغط المقارنات الدائمة مع مدربين سابقين، نجحوا في فرض أسلوب مميز، وهو ما يزيد حجم الترقب والانتظار لدى أنصار الفريق.
ويتطلع الأزرق لاستعادة لقبي الدوري وكأس الملك، بعد خسارتهما الموسم الماضي لصالح الاتحاد، والعودة لمنصات التتويج في نخبة آسيا.