قطع نادي برشلونة شوطاً كبيراً نحو حسم مستقبل مدافعه إريك جارسيا، بعدما فضّل اللاعب الاستمرار في الفريق الكتالوني، رغم العرض المغري الذي تلقّاه من باريس سان جيرمان.
وتشير المعطيات إلى أن الطرفين باتا على مقربة من إنهاء ملف التجديد بعد فترة طويلة من المفاوضات.
ووفقاً لصحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية، دخلت مفاوضات برشلونة مع جارسيا بشأن التجديد مراحلها النهائية، بعدما توصّل الطرفان إلى مبدأ اتفاق يلبّي رغبة اللاعب والنادي.
ورغم وجود عرض رسمي من باريس سان جيرمان، بقيادة لويس إنريكي الذي يعرف اللاعب جيداً منذ إشرافه على المنتخب الإسباني، فإن إريك اختار البقاء مع برشلونة، حيث يشعر بالسعادة داخل المجموعة التي ينتمي إليها، ويعتبره النادي قطعة أساسية في المستقبل وقائداً محتملاً خلال السنوات المقبلة.
وتتجه الأمور حالياً نحو صياغة البنود النهائية لعقد التجديد، الذي سيستمر حتى عام 2030.
وجاء ذلك بعد الأداء المميز الذي قدمه المدافع أمام أتلتيك بيلباو قبل يومين، ليواصل ترسيخ مكانته كلاعب مؤثر عند المدرب هانز فليك.
وبرغم عدم وضوح ما كان سيحدث لو استمر إينيجو مارتينيز في صفوف الفريق، إلا أن الواقع يُظهر أن جارسيا هو اللاعب الأكثر مشاركة هذا الموسم، وأن تعدد مهامه داخل الملعب يجعله خياراً دائماً للجهاز الفني، إذ لا يقل تقييمه عن “7 من 10” أينما لعب.
ويحظى اللاعب بعلاقات ممتازة داخل غرفة الملابس، حيث تجمعه صداقة بالعديد من أبناء لا ماسيا، إلى جانب لاعبين يعرفهم من المنتخب الإسباني. ويرى فيه النادي أحد قادة المستقبل، فيما أكد فليك بشكل واضح أنه لا يرغب في خسارته تحت أي ظرف.
ويعيش إريك جارسيا أفضل فتراته منذ قدومه إلى برشلونة في موسم 2021-22.
وبعد نهاية إعارته إلى جيرونا، مرّ جارسيا بلحظة تردّد وفكّر في العودة للإعارة خلال سوق الشتاء الماضي، قبل أن يقنعه فليك بالبقاء، ثم يمنحه الثقة من خلال الدقائق التي حصل عليها هذا الموسم، والتي جعلته أحد أهم عناصر الفريق.
ومنذ الصيف الماضي أبدى الطرفان رغبة مشتركة في الوصول إلى اتفاق، حيث كان جارسيا جزءاً من خطة التجديدات التي شملت كوندي ودي يونج وبيرنال، قبل أن يحين دوره.
ورغم أن عملية التجديد كانت تسير بشكل جيد، إلا أن دخول باريس سان جيرمان على الخط تسبب في تأخيرها، قبل أن يعود الملف الآن إلى مساره الطبيعي مع انتظار تحديد موعد التوقيع الرسمي.
مسيرة معقدة
يُعد إريك جارسيا واحداً من أبرز المدافعين الإسبان الذين مرّوا بتجربة احترافية مبكرة ومعقدة، انتقل خلالها بين ثلاث محطات كبرى في مسيرته: برشلونة، مانشستر سيتي، ثم عودته إلى البارسا قبل أن يبدأ مرحلة جديدة مع جيرونا. ورغم صغر سنه، فإن مسيرته تحمل ملامح لاعب ناضج تكتيكياً، يتمتع بذكاء كبير وقدرة واضحة على بناء الهجمات من الخلف.
وُلد جارسيا في برشلونة عام 2001، وبدأ مسيرته في “لا ماسيا” وهو في السابعة من عمره، ليبرز سريعاً بفضل قدرته الاستثنائية على قراءة اللعب واتخاذ القرار تحت الضغط. تطوّر جارسيا في مختلف فئات النادي العمرية، لكنه اتخذ قراراً مفاجئاً في 2017 حين غادر إلى مانشستر سيتي بعمر 16 عاماً فقط، بحثاً عن فرصة للانضمام إلى مشروع أكثر وضوحاً بالنسبة له.
تحت قيادة بيب جوارديولا، وجد جارسيا بيئة مثالية لتطوير مواهبه. فقد كان المدرب الإسباني يرى فيه النموذج العصري للمدافع القادر على التحكم في الكرة، والمساهمة في بناء اللعب، وضبط تمركز الخط الخلفي.
شارك جارسيا لأول مرة مع الفريق الأول في موسم 2018-2019، وسرعان ما أثبت نفسه كخيار موثوق رغم منافسته لمدافعين كبار. ومع ذلك، فإن ازدحام الخط الخلفي بأسماء عالمية حدّ من فرصة حصوله على دقائق لعب منتظمة.
في صيف 2021، قرر جارسيا العودة إلى برشلونة في صفقة انتقال حر. عودته إلى “كامب نو” جاءت نتيجة رغبة النادي في استعادة مدافع مثقف كروياً ومناسب لأفكار اللعب الاستحواذي. لكن الواقع لم يكن سهلاً، فقد وجد نفسه تحت ضغط جماهيري كبير، وانتقادات متكررة بسبب بعض الأخطاء الفردية التي أثّرت على صورته رغم امتلاكه أرقاماً جيدة في التمرير والدقة والتمركز.
ورغم ذلك، استمر برشلونة في الاعتماد عليه، ثم جاءت خطوة انتقاله إلى جيرونا على سبيل الإعارة في صيف 2023 لتصبح نقطة التحول الأهم في مسيرته. مع المدرب ميشيل، عاش جارسيا تجربة مختلفة تماماً، حيث تحوّل إلى لاعب أساسي، وأكثر نضجاً وثقة، وساهم في جعل جيرونا أحد أبرز الفرق في الليجا. قدراته في إخراج الكرة، وأدواره في ضغط الفريق، وبناء الهجمات، جعلته واحداً من أفضل المدافعين في الدوري خلال ذلك الموسم.
عودة جارسيا إلى برشلونة عقب انتهاء الإعارة جاءت مختلفة، حيث أصبح اللاعب لاعبا أساسيا في خط المدرب هانز فليك وخطط البارسا من أجل المستقبل.