يعد ديربي جدة بين الاتحاد والأهلي من أبرز مباريات الموسم ورغم أنها قد لا تؤثر مباشرة على المنافسة على لقب الدوري، مع إقامتها في الجولة 8 من المسابقة، إلا أنها تحمل أهمية كبرى لدى جماهير الفريقين، وتترك بصمة على مجريات الموسم حتى لو كان في بدايته.
ويدخل الاتحاد الديربي بطاقة جديدة تحت قيادة مديره الفني الجديد سيرجيو كونسيساو، تأمل الجماهير أن تنعكس في هذه المباراة التي شهدت صعود وهبوط العديد من الأسماء البارزة.
ويستضيف الاتحاد جاره اللدود الأهلي، مساء السبت المقبل، على ملعب “الإنماء” في جدة، ضمن منافسات الجولة الثامنة من بطولة الدوري السعودي للمحترفين.
الاتحاد حامل اللقب يدخل المباراة في المركز الثامن برصيد 11 نقطة، متأخرًا خلف الأهلي الخامس بفارق نقطتين أقل (13)، وهو ما سيجعل الديربي أكثر إثارة وحماس بين الطرفين.
هيبة خاصة
منذ وصوله إلى جدة، صنع الألماني ماتياس يايسله، مدرب الأهلي لنفسه هيبة خاصة في مباريات الديربي، حتى بات يُلقب في أوساط جماهير الراقي بـ”سيد المواجهات الكبرى”، فالمدرب الشاب لا يتعامل مع الاتحاد كمجرد خصم تقليدي، بل كاختبارٍ دائم لذكائه التكتيكي وقدرته على قراءة التفاصيل الصغيرة التي تصنع الفارق.
في 4 مواجهات سابقة، خرج يايسله من ثلاثٍ منها بنتائج إيجابية، محققًا الفوز على مدربي الاتحاد السابقين، البرتغالي نونو سانتو، ثم الأرجنتيني مارسيلو جاياردو، بالإضافة للخروج بتعادل ثمين في الموسم الماضي أمام الفرنسي لوران بلان.
وفي كل مرة، كان الألماني يثبت أن تفوقه لا يأتي صدفة، بل نتيجة قراءة واعية للخصم، وإدارة ميدانية دقيقة تُربك أي خطة في الجهة المقابلة.
ورغم أن البرتغالي سيرجيو كونسيساو، مدرب الاتحاد، يملك كاريزما وشخصية قوية لا تقل عن منافسه، إلا أن التاريخ القريب يقول إن الديربي لا يرحم من يخطئ أمام يايسله، وأن المدير الفني للراقي يجيد تحويل الضغط إلى سلاحٍ يضرب به خصومه في اللحظات التي يشعرون فيها بالأمان.
كونسيساو.. لحظة حساسة
على الجانب الآخر، يعيش كونسيساو واحدة من أكثر اللحظات حساسية في مشواره مع الاتحاد.
المدرب البرتغالي الذي جاء محمّلًا بآمال جماهير “العميد” لإعادة الهيبة والصلابة للفريق، يجد نفسه أمام اختبارٍ مصيري ضد مدرب بات متمرسا في التلاعب بخصومه وإرباك الكبار.
نتائج كونسيساو على مستوى الدوري حملت الكثير من الجدل؛ فالفريق ما زال يبحث عن ثباتٍ في الأداء رغم بريقه الآسيوي، وتذبذبه في الدوري المحلي جعل الضغوط تتضاعف عليه مع اقتراب موقعة الديربي.
ومع ذلك، يبدو المدرب البرتغالي مؤمنًا بأن هذه المواجهة قد تكون نقطة التحوّل التي ينتظرها، لإعادة الثقة إلى نفسه أولًا، ثم إلى جماهير الاتحاد التي بدأت تتساءل عن هوية فريقها الحقيقية.
ويعلم كونسيساو أن الانتصار على يايسله لا يعني مجرد ثلاث نقاط، بل استعادة الكبرياء، كسر العقدة، وتثبيت أقدامه في قلوب جماهير “العميد”.
وبالتالي، سيخوض المباراة بعقلية المقاتل الذي لا يملك طريقًا للعودة، معتمدًا على شخصيته الصارمة وانضباط لاعبيه الذين يدركون أن أي هزيمة جديدة قد تفتح بابًا يصعب إغلاقه.
نتائج غريبة
لم يجد كونسيساو حتى الآن التركيبة المثالية لضبط بوصلته في الدوري، ففي 3 مباريات خاضها منذ مجيئه تعادل مع الفيحاء (1-1) وخسر من الهلال (0-2)، بالإضافة للتعادل بشق الأنفس مع الخليج بالجولة الماضية (4-4) بعدما كان متأخرا 4-0 حتى بدايات الشوط الثاني.
تلك النتائج تسببت في موجة انتقادات قوية، لكنه في المقابل، ظهر بصورة مغايرة في الدور ثمن النهائي لكأس الملك، حيث أطاح بالنصر بنتيجة (2-1).
كما حقق انتصارين متتاليين في الجولتين الثالثة والرابعة من مرحلة الدوري في دوري أبطال آسيا للنخبة، حيث تفوق على الشرطة العراقي (4-1) والشارقة الإماراتي (3-0).
وكان الاتحاد قد خسر في أول جولتين بالمسابقة القارية أمام الوحدة الإماراتي (1-2) وشباب الأهلي دبي (0-1)، تحت قيادة لوران بلان وحسن خليفة على الترتيب.
وبالتالي، فإن كونسيساو يحتاج للفوز بالديربي من أجل التحرر من الانتقادات والعودة من باب كبير.
رواية لا تنتهي
في جدة، لا يُعتبر الديربي مجرد مواجهة بين فريقين، بل فصل جديد من رواية لا تنتهي، تُكتب بالعرق والانفعالات، وتُحسم أحيانًا بلحظة جنون أو لمسة عبقرية.
يايسله يدخل اللقاء بثقة المنتصر في الماضي، مسلحًا بإرثٍ من النجاحات أمام الاتحاد، بينما كونسيساو يقف على حافة المجهول.
لكن كرة القدم لا تعترف بالتاريخ فقط، بل بالواقع، ومن يملك الشجاعة والتأثير في التوقيت الصحيح هو من ينجو.
الملعب سيشهد أكثر من صراع تكتيكي؛ ومعركة إرادة، اختبار للذكاء قبل القوة، وللشجاعة قبل المهارة.