الأخضر على موعد مع اختبار قوي أمام محاربي الصحراء
ربما لا تكون الولاية الثانية للفرنسي هيرفي رينارد في قيادة المنتخب السعودي مميزة للغاية، أو أفضل من سابقتها، حتى الآن، لكنه يمتلك إنجازًا صغيرًا يسعى لتكراره عندما يقود الأخضر في مواجهة الجزائر، في تجربة ودية يوم الثلاثاء المُقبل.
ويتقابل المنتخبان وديًا، في إطار التحضيرات لخوض منافسات كأس العرب، الشهر المُقبل. ويأمل رينارد أن ينجح حارس مرماه، نواف العقيدي، حال اعتمد عليه بشكل أساسي، في الحفاظ على نظافة شباكه أمام الجزائر، حتى يكون المنتخب السعودي قد حقق 3 مباريات متتالية بشباك نظيفة.
وحينها سيكرر المدرب الفرنسي ذات الرقم الذي حققه، خلال الفترة من مارس/آذار 2025 حتى يونيو/حزيران من العام نفسه، عندما لعب منتخب السعودية 3 مباريات متتالية، حافظ فيها على نظافة شباكه.
بدأت السلسلة القصيرة بالفوز على الصين 1-0، بالهدف الذي سجله القائد سالم الدوسري، بينما استمرت الشباك النظيفة عندما حلّ الأخضر ضيفًا على الساموراي الياباني، إذ لعب فريق المدرب رينارد مباراة دفاعية بحتة انتهت بالتعادل السلبي.
وفي يونيو/حزيران تقابل منتخب السعودية مع البحرين، على ملعب الأخير، وفاز الأخضر 2-0.
وفي الفترة الحالية، لعب المنتخب السعودي مع العراق في ملحق تصفيات كأس العالم، وتعادل 0-0 ليتأهل رسميًا إلى نهائيات المونديال، ثم في العطلة الدولية الحالية فاز الأخضر 1-0 على كوت ديفوار.
وخلال ولايته الحالية، قاد رينارد منتخب السعودية في 19 مباراة، فاز خلالها الأخضر في 8 مواجهات، وتعادل في 5، بينما خسر 6 لقاءات.
تأثير فني وطموحات كبيرة
عاد هيرفي رينارد إلى قيادة المنتخب السعودي في ولايته الثانية، وسط توقعات مرتفعة بأن يعيد النسق الفني والانضباط التكتيكي الذي ميّز فترته الأولى.
وجاءت العودة في توقيت حساس بعد تراجع النتائج، ما جعل مهمة المدرب الفرنسي تحمل طابعًا مزدوجًا بين تحقيق الاستقرار الفني السريع، ووضع أسس طويلة المدى لمنتخب قادر على المنافسة قارياً وعالمياً.
استند رينارد منذ يومه الأول إلى معرفته السابقة بالكرة السعودية، فعاد ليعتمد على مجموعة من اللاعبين الذين برزوا تحت قيادته، مع إدخال وجوه جديدة انسجمت مع فكره القائم على الانضباط والضغط العالي والتنقل السريع بالكرة.
هذا المزج بين الخبرة والطاقة ساعد على استعادة النسق البدني وتوازن الوسط، وهو ما انعكس في أداء أكثر ثباتًا خلال التصفيات والمباريات الودية.
أحد أبرز ملامح ولايته الثانية هو إعادة الثقة داخل غرفة الملابس. يتمتع رينارد بعلاقة قوية مع اللاعبين، ويعرف جيدًا كيف يتعامل مع الضغوط، وقد ظهر ذلك في طريقته في إدارة المباريات الكبيرة وقراراته الحاسمة في الاختيارات، والتي حملت رسالة واضحة بأن الاعتماد سيكون فقط على الجاهزية والالتزام.
صرامة وتنظيم
هذه الصرامة انعكست على الملعب، حيث بدا المنتخب أكثر تنظيمًا وقدرة على التحكم في مجريات اللعب، مع مرونة تكتيكية تسمح بالتبديل بين الدفاع المتقدم والارتداد السريع عند الحاجة.
كما نجح المدرب في إعادة القوة الذهنية للأخضر، إذ أصبح الفريق يلعب بروح أعلى وشخصية أوضح، ما ساعده على حسم مباريات مهمة والتقدم بثبات نحو الأهداف الكبرى. ومع التجانس المتزايد وعودة بعض اللاعبين إلى مستوياتهم المعهودة، ظهرت بصمته في التحولات السريعة وفعالية الأطراف والصلابة الدفاعية.
في المجمل، تبدو ولاية رينارد الثانية امتدادًا لنظام يعرفه جيدًا، لكنها أيضًا مرحلة تطوير جديدة تهدف إلى جعل المنتخب السعودي أكثر تنافسية على المدى الطويل. قدرته على الجمع بين الانضباط الأوروبي وفهمه لطبيعة اللاعب السعودي، تجعله ركيزة أساسية في مشروع إعادة تشكيل هوية الأخضر، وجعله فريقًا أكثر نضجًا وثباتًا في السنوات المقبلة.
ما بين كأس العرب والمونديال
يمكن القول إن مرحلة الاختبارات السهلة قد ولّت بالنسبة لرينارد، إذ إن القادم ستزداد معه نبرة الانتقادات الفنية والإعلامية والجماهيرية، خصوصًا أن هناك حالة من عدم الرضا النسبي عن الأداء الذي يقدمه المنتخب، بعد أن جاء التأهل من دور الملحق وبقدر من الصعوبة.
وبالتالي ستكون بطولة كأس العرب فرصة حقيقية، لاختبار نتاج أكثر من عام من عمل رينارد مع المنتخب، وما ستؤول إليه الأمور في البطولات المجمعة. فالاختبار الوحيد كان بطولة كأس كونكاكاف الذهبية، والتي مع الاعتراف بنقص الصفوف فيها بسبب مشاركة الهلال في مونديال الأندية، لم يكن المستوى فيها مقنعًا.
كذلك يتطلع الجميع في الكرة السعودية، لرؤية انعكاس تطور الدوري على أداء الأخضر في المونديال بعد ضمان التأهل، وهو ما يتطلب عملاً كبيرًا من المدرب هيرفي رينارد.
وسيسعى الفرنسي للتفوق على إنجاز مونديال 2022، عندما هزمت السعودية الأرجنتين (2-1) – التي توجت باللقب في النهاية – في إحدى أكبر مفاجآت البطولة على مدار تاريخها، لكن الأخضر فشل في تجاوز الدور الأول.