أسطورة دوري الأبطال التي سطعت من الميدان إلى الدكة
تتجه أنظار العالم، غدًا السبت، إلى ملعب أليانز أرينا في مدينة ميونخ الألمانية، حيث يسدل الستار على نسخة استثنائية من دوري أبطال أوروبا بمواجهة نارية تجمع بين إنتر ميلان الإيطالي وباريس سان جيرمان الفرنسي، في نهائي يُتوقع أن يكون مشحونًا بالإثارة منذ الدقيقة الأولى وحتى صافرة النهاية.
وفي هذا السياق، تبرز أسماء صنعت المجد في هذه البطولة، إلا أن قلّة منهم تركوا بصمتين خالدتين، كلاعبين ومدربين، كما فعل زين الدين زيدان، الذي نقش اسمه في تاريخ دوري الأبطال بحروف من ذهب.
الفرنسي الذي ألهم الملاعب
من لحظة تتويجه التاريخية في نهائي 2002 كلاعب، إلى إنجازه الأسطوري بثلاثة ألقاب متتالية كمدرب، رسم زيدان مسيرة نادرة لا تتكرر كثيرًا في عالم الساحرة المستديرة.
زيدان لم يكن نجمًا عابرًا أو مدربًا محظوظًا، بل كان شخصية فريدة تعرف كيف تدير الضغوط، وتحول اللحظات الحاسمة إلى فصول خالدة في سجل البطولة الأهم على مستوى الأندية.
لمسة خالدة في جلاسكو
في موسم 2001-2002، وبعد انتقاله من يوفنتوس إلى ريال مدريد كأغلى لاعب في العالم، كانت التطلعات تحاصره من كل جانب، لكنه كعادته لم ينتظر طويلًا لإثبات مكانته.
في نهائي دوري الأبطال أمام باير ليفركوزن، وتحديدًا في الدقيقة 45 من الشوط الأول على ملعب هامبدن بارك في جلاسكو، استقبل زيدان عرضية روبرتو كارلوس بلمسة طائرة ساحرة بيسراه، أودعها الزاوية العليا للمرمى، مسجلاً هدفًا وصفه كثيرون بأنه أجمل هدف في تاريخ النهائيات الأوروبية.
لم يكن الهدف مجرد تسديدة مذهلة، بل كان لوحة فنية من الإبداع الكروي، جسّدت عبقرية زيدان في التوقيت والمكان والتنفيذ، ليمنح فريقه اللقب التاسع في تاريخه ويصبح رجل المباراة بلا منازع.
ثلاثية المجد على الدكة
بعد اعتزاله، دخل زيدان عالم التدريب بصمت، متدرجًا في المناصب داخل ريال مدريد، حتى حانت لحظة الحسم في كانون الثانى/يناير 2016، حين تولى تدريب الفريق الأول في قرار وصفه البعض بالمخاطرة.
لكن زيدان رد سريعًا على المشككين، إذ قاد الفريق لتحقيق لقب دوري الأبطال في موسمه الأول، بعد الفوز على أتلتيكو مدريد بركلات الترجيح في نهائي 2016.
ولم يقف عند ذلك، فحقق اللقب مجددًا في 2017 بالفوز على يوفنتوس (4-1)، ثم كتب اسمه في سجل الخالدين عام 2018 بعد التغلب على ليفربول (3-1) في نهائي كييف، ليصبح أول مدرب في النسخة الحديثة يحقق اللقب ثلاث مرات متتالية.
سر النجاح: الاحترام والرؤية
أحد مفاتيح نجاح زيدان كان احترام اللاعبين له كنجم سابق، بالإضافة إلى أسلوبه المتزن في الإدارة، حيث جمع بين الواقعية التكتيكية والقدرة على احتواء النجوم.
رغم كتيبة الأسماء الكبيرة في الفريق، فرض زيدان الهدوء والانضباط، ومنح كل لاعب دورًا واضحًا في المنظومة، ليخلق توازنًا نادرًا بين الأداء الجماعي وتألق الأفراد.
أسطورة لا تُنسى
بهذا المسار النادر، لم يكتفِ زيدان بالتميّز كلاعب، بل كتب فصلاً جديدًا كمدرب عظيم، جامعًا بين المجد الفردي والجماعي، ومانحًا دوري الأبطال واحدة من أنقى وأروع حكاياته.