منذ لحظة انتقال جادون سانشو إلى مانشستر يونايتد في صيف 2021، كان يُنظر إلى الصفقة على أنها خطوة كبيرة نحو إعادة النادي إلى أيامه الذهبية، لكن الواقع سار في اتجاه آخر تماما.
وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على تلك الصفقة التي بلغت قيمتها 73 مليون جنيه إسترليني، خرج المدرب النرويجي أولي جونار سولسكاير عن صمته، ليكشف للمرة الأولى الأسباب التي جعلت علاقته مع الجناح الإنجليزي الشاب لا تنجح كما كان يأمل.
سانشو كان أحد أكثر الأسماء التي أصر سولسكاير على التعاقد معها خلال فترته في أولد ترافورد. اللاعب، الذي تألق بقميص بوروسيا دورتموند بعد مغادرته مانشستر سيتي، جذب أنظار أوروبا بفضل مهاراته وسرعته وقدرته على صناعة الفارق في الثلث الهجومي.
وعند إعلان الصفقة في يوليو/تموز 2021، قال سولسكاير إن سانشو “يجسد أفضل تقاليد مانشستر يونايتد”.
لكن ما حدث بعد ذلك لم يكن كما خطط له المدرب ولا اللاعب. فالتأقلم كان صعباً منذ البداية، ولم يتمكن سانشو من تكرار مستوياته في الدوري الألماني داخل أجواء الدوري الإنجليزي وضغوطه الهائلة.
مشكلة صحية مفاجئة
وكشف سولسكاير خلال حديثه في برنامج “ذا أوفرلاب”، أن سانشو لم يبدأ فترته في مانشستر بالشكل المطلوب بسبب مشكلة صحية مفاجئة.
وقال: “قبل انضمامه إلينا، سافر جادون في عطلة، وكما يحدث عادة، أصيب بعد ذلك بعدوى في الأذن أدخلته المستشفى. لقد عانى كثيراً في أول عشرة أيام قبل أن يتمكن من التدرب معنا”.
وأوضح المدرب النرويجي أن هذه التفاصيل لم تُعلن من قبل، مضيفا: “لم أحصل على فرصة حقيقية للعمل معه بالشكل الذي أردته، فحين بدأ يستعيد لياقته ويقترب من مستواه، كنت أنا بالفعل في طريقي للخروج من النادي”.
في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، وبعد سلسلة من النتائج السلبية شهدت خسارة سبع مباريات من آخر ثلاثة عشرة، قرر مجلس إدارة مانشستر يونايتد إقالة سولسكاير، ليغادر قبل أن تتاح له فرصة تطوير مشروعه الهجومي الجديد.
تحت قيادة خلفه الهولندي إريك تين هاج، استمر تراجع مستوى سانشو، رغم أنه شارك في 41 مباراة في موسمه الأول، لكنه لم ينجح في إقناع جماهير النادي أو مدربه الجديد.
في ديسمبر/كانون الأول 2022، أعلن مانشستر يونايتد أن سانشو سيبتعد مؤقتاً عن الفريق الأول لأسباب “بدنية ونفسية”، وقام تين هاج بإرساله للتدرب منفرداً في هولندا تحت إشراف طاقم تدريبي خاص، في محاولة لإعادة تأهيله بدنيا وذهنيا.
وبعد عودته، بدا أن الأمور تتحسن نسبياً، لكن أداء اللاعب ظل متذبذباً ولم يستطع استعادة بريقه الذي عرف به في البوندسليجا.
صدام علني
وفي بداية موسم 2023-2024، اشتعلت الأزمة بين الطرفين بشكل علني.. ففي أحد المؤتمرات الصحفية، صرّح تين هاج بأن أداء سانشو في التدريبات “لم يكن كافيا” ليحصل على مكان في التشكيلة.
ورد اللاعب عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، نافياً تصريحات مدربه، ومتهماً إياه بأنه “يجعلني كبش فداء منذ فترة طويلة”.
وبعد هذا التمرد العلني، قرر النادي استبعاده تماماً من الفريق الأول، ليقضي بقية الموسم يتدرب بعيداً عن زملائه في مركز التدريب “كارينجتون”.
ومع توتر العلاقة بشكل نهائي، خرج سانشو في سلسلة من الإعارات بدأت بعودته إلى بوروسيا دورتموند، حيث استقبله الجمهور بحفاوة، لكن أداءه ظل باهتا. ثم انتقل إلى تشيلسي على سبيل الإعارة أيضا، بحثاً عن بداية جديدة، إلا أن التجربة لم تكن أكثر نجاحاً.
الآن، في محطته الثالثة مع أستون فيلا، يعيش اللاعب وضعا مشابها. فقد خاض أربع مباريات فقط منذ انضمامه للفريق، ولم يبدأ أي لقاء أساسيا في الدوري الإنجليزي الممتاز تحت قيادة المدرب أوناي إيمري.
ويرى سولسكاير، أن سوء الحظ لعب دوراً محورياً في فشل التجربة منذ اليوم الأول.
وقال: “كنا نريد أن نضيف لاعبا يملك مهارة كسر التكتلات الدفاعية. جادون كان يملك تلك اللمسة السحرية في المساحات الصغيرة، وكان يستطيع أن يمنحنا تنوعاً في الثلث الأخير. لكن الأمور لم تمشِ كما خططنا”.
وأشار المدرب النرويجي إلى أن الفريق في ذلك الوقت كان يعيش مرحلة انتقالية صعبة، مضيفا: “كنا نحاول بناء فريق قادر على العودة للمنافسة على الألقاب، لكن الضغط كان كبيرا، والنتائج لم تساعد على الصبر”.
وما بين إصابة غير متوقعة، وضغوط الانتقال الضخمة، وصدامات مع المدربين، فقد سانشو تدريجياً الثقة التي جعلت منه أحد أبرز المواهب في أوروبا قبل بضع سنوات فقط.
مرحلة حرجة
ورغم أنه ما يزال في الخامسة والعشرين من عمره، إلا أن مسيرته دخلت مرحلة حرجة، إذ لم يتمكن حتى الآن من إيجاد بيئة تمنحه الاستقرار والفرصة لاستعادة مستواه.
وختم سولسكاير ختم حديثه بنبرة أسف قائلا: “أحيانا، تسير الأمور ضدك مهما كانت نواياك جيدة. كنت أؤمن بإمكانياته بشدة، وأتمنى أن يتمكن من استعادة نفسه في المستقبل”.