تشهد تشكيلة تشيلسي تغييرات متتالية بشكل لافت هذا الموسم، إذ أجرى المدرب إنزو ماريسكا تعديلات واسعة على التشكيل الأساسي في معظم المباريات الأخيرة، ليتصدر الفريق قائمة أكثر الأندية إجراءً للتغييرات في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الموسم الحالي.
لكن هذه السياسة بدأت تُثير علامات استفهام عديدة، خصوصًا بعد التعادل المخيّب (2-2) أمام فريق كاراباج المتواضع أوروبيًا، في مواجهة كادت أن تنتهي بهزيمة محرجة للبلوز.
فقد أنقذ البديل أليخاندرو جارناتشو فريقه بإحراز هدف التعادل مطلع الشوط الثاني، في مباراة فوضوية ومفتوحة على ملعب “توفيق باهراموف الجمهوري” في باكو بأذربيجان.
وكان البرازيلي الواعد إستيفاو ويليان قد افتتح التسجيل لصالح تشيلسي، لكن أخطاء المدافع يوريل هاتو منحت لياندرو أندراده وماركو يانكوفيتش فرصة قلب النتيجة لصالح أصحاب الأرض، في مفاجأة مدوية بالنظر إلى القيمة السوقية المتواضعة للفريق الأذري التي لا تتجاوز 22 مليون جنيه إسترليني، بما يعادل أقل من مليون جنيه لكل لاعب.
وفي المقابل، يمتلك تشيلسي فريقًا تتجاوز قيمته السوقية الإجمالية مليار جنيه إسترليني، لكنه ظهر بشكل باهت للغاية في الشوط الأول مقارنة بالأداء القوي والمهيمن الذي قدمه في الفوز 1-0 خارج أرضه أمام توتنهام يوم السبت الماضي. غير أن تشيلسي خاض مباراة باكو بتشكيل مختلف تمامًا عن لقاء “توتنهام هوتسبير ستاديوم”.
لم يشارك من التشكيلة الأساسية أمام السبيرز سوى الحارس روبرت سانشيز، وثنائي الأطراف ريس جيمس ومارك كوكوريا، والمهاجم جواو بيدرو. وكانت تلك المباراة هي الخامسة على التوالي التي يُجري فيها ماريسكا سبعة تغييرات أو أكثر في تشكيلته الأساسية عبر مختلف المسابقات.
وبحسب الإحصاءات، لا يوجد نادٍ في الدوري الإنجليزي أجرى عدد تغييرات أكبر من تشيلسي، الذي وصل إلى 85 تغييرًا في التشكيلة خلال 16 مباراة فقط.
سياسة التدوير المكثف هذه فتحت الباب أمام انتقادات واسعة للمدرب الإيطالي، وبدأ البعض يشبّهه بلقب “رجل التغييرات”.. اللقب الذي التصق بمواطنه كلاوديو رانييري في حقبة سابقة داخل النادي ذاته.
لكن ماريسكا دافع بقوة عن نهجه قائلاً: “عندما نجري تغييرات، نفعل ذلك لأننا نعتقد أن الخطة مع اللاعبين الذين يبدأون المباراة هي الخطة الصحيحة. بدأنا المباراة جيدًا وسجلنا هدفًا، ثم استقبلنا هدفين كان يمكننا تفاديهما. وفي منطقة جزائهم، ومع كثرة وجودنا هناك، كان بإمكاننا أن نكون أكثر حسما”.
وأضاف المدرب الإيطالي: “أعتقد أننا كنا أفضل كثيرا في الشوط الثاني مقارنة بالأول، لكن كما أقول دائمًا، كل مباراة هي فرصة لكل لاعب ليُظهر سبب وجوده هنا”.
هذا التشبيه بكونه “فريقين مختلفين” ينطبق حرفيًا على تشيلسي هذا الموسم، إذ تتباين مستويات الفريق بشكل لافت بين مباراة وأخرى. فهم قادرون على تقديم أداء رائع ضد الفرق الكبيرة، لكنهم يتراجعون أمام الفرق الأقل قوة، كما حدث أمام كاراباج.
وفي المباريات الكبرى، عادة ما يبدأ الثلاثي مويسيس كايسيدو وإنزو فيرنانديز وجارناتشو أساسيين، لكن ماريسكا يُدير أحمالهم البدنية بحذر، وكذلك العائد من الإصابة ليام ديلاب. كما يعاني الفريق من غياب لاعبين مهمين مثل كول بالمر وليفي كولويل.
ولا يمكن إغفال العوامل التي تضاعف من دوافع التدوير لدى ماريسكا، فالفريق خاض موسما مرهقا استمر 13 شهرا نتيجة المشاركة والفوز بكأس العالم للأندية في يوليو/تموز الماضي، وهو ما قلّص فترة الإعداد إلى أقل من أسبوعين فقط.
وقال المدرب في هذا السياق: “كانت نيتنا الليلة إراحة إنزو، وإراحة مويسيس، وإراحة مالو جوستو، وإراحة مزيد من اللاعبين، لأنهم غير قادرين على اللعب كل ثلاثة أيام. يحتاجون إلى تعافٍ كامل من إرهاق الموسم الماضي، وكأس العالم للأندية أثّرت كثيرا”.
وتابع: “عندما نُجري تدويرا ونفوز، لا أحد يتحدث عن ذلك. لكن عندما لا نفوز، يتركّز الحديث كله على التدوير. الآن علينا استعادة الطاقة قبل مباراة السبت والانطلاق من جديد”.
لكن مقارنة بسيطة مع منافسي تشيلسي في شمال لندن، توتنهام وآرسنال، تُظهر أن الأخيرين قلّصا من سياسة التدوير خلال الأسابيع الماضية، ما ساعد في بناء الانسجام داخل الفريق رغم اختلاف نتائج الناديين مؤخرًا.
ولم تساعد مستويات بعض البدلاء في دعم خيارات ماريسكا، إذ قدّم الثلاثي جيمي جيتينز وتايريك جورج وأندريه سانتوس مستويات ضعيفة أمام كاراباج، علما بأن متوسط أعمارهم لا يتجاوز 21 عامًا، ما عرّضهم لصعوبة مواجهة فريق أثبت نفسه كـ”قاتل للعمالقة” في أوروبا هذا الموسم بعدما تغلب على بنفيكا وكوبنهاجن سابقا.
كما شارك روميو لافيا في التشكيلة الأساسية، لكنه خرج مصابًا بعد أربع دقائق فقط، تاركًا الفريق بعشرة لاعبين لفترة قصيرة. وتزداد المخاوف بشأن الحالة البدنية للاعب البلجيكي الذي تعاقد معه النادي مقابل 53 مليون جنيه في 2023.
وبحسب موقع “ترانسفير ماركت”، تعرّض لافيا لـ9 إصابات سابقة وغاب لمدة 568 يوما عن الملاعب، وفاتته 87 مباراة منذ وصوله إلى تشيلسي. وقد شارك في 29 مباراة فقط، ولم يُكمل مباراة واحدة مدتها 90 دقيقة بقميص البلوز.
وسط كل هذه المعطيات، يبدو أن أسئلة المداورة عند تشيلسي ستظل حاضرة في الأسابيع المقبلة، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة والنتائج المتذبذبة، والمفاضلة المستمرة بين الحفاظ على اللياقة البدنية وبناء الانسجام في الفريق.