صعود إيبيري وتخلف ألماني إيطالي.. كيف انقلبت موازين القوى الأوروبية؟

BySayed

يونيو 11, 2025


ألمانيا وإيطاليا عجزتا عن مجاراة جيرانهما الأقوياء في السنوات الأخيرة

رغم أنها كانت المرة الأولى التي تواجه فيها إسبانيا جارتها اللدودة البرتغال، في نهائي بطولة كبرى (دوري الأمم الأوروبية)، إلا أنه لم يكن من الغريب أبدًا مشاهدة نهائي بين عملاقي شبه جزيرة إيبيريا، اللذين قطعا خطوات واسعة نحو قمة الكرة العالمية في السنوات الأخيرة، تاركين خلفهما قوى كانت أكبر في الماضي.

فقد شهدت كرة القدم الأوروبية في العقد الأخير تحولات درامية، حيث تراجعت الكرة الألمانية والإيطالية نسبيًا، بينما واصلت الكرة الإسبانية صعودها المذهل، سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات أو المدربين، كما عرفت الكرة الفرنسية والبرتغالية والإنجليزية تطورًا ملحوظًا.

كيف حدث ذلك؟

يعكس هذا التحول عوامل اقتصادية وفنية وإدارية عديدة، أسهمت في انقلاب المشهد الأوروبي، من أبرزها الجانب الاقتصادي.

ففي ألمانيا، تحد القيود المالية الناتجة عن قاعدة “50+1″، التي تمنح الجماهير السيطرة على الأندية الألمانية، من تدفق الاستثمارات الخارجية.. وهو ما قلل قدرة فرق البوندسليجا على جذب نجوم عالميين، ربما باستثناء بايرن ميونخ، لكنه يظل أضعف ماليًا من منافسين أوروبيين آخرين.

وتشير دراسة لـ”CIES Football Observatory” إلى أن الأكاديميات الألمانية، رغم نجاحاتها السابقة، عانت من نقص الاستثمار في البنية التحتية، على مدار السنوات الأخيرة، مقارنةً ببعض الدوريات الكبرى الأخرى.

كما أن النظام التدريبي الألماني أصبح أقل مرونة في تطوير أساليب لعب حديثة، مع تركيز مفرط على القوة البدنية، على حساب الإبداع الفردي.. وهو ما أدى إلى تباطؤ في إنتاج لاعبين بجودة تنافسية عالمية، مع استثناءات قليلة في السنوات الأخيرة، على غرار فلوريان فيرتز، خريج أكاديمية باير ليفركوزن.

كبوة إيطالية

وعلى نحو مشابه، عانت الكرة الإيطالية تحديات مماثلة أيضًا، حيث أثقلت الأزمات الاقتصادية كواهل أندية مثل إنتر ميلان وميلان ويوفنتوس بديون متراكمة، مما قيد استثماراتها في سوق الانتقالات.. كما أن البنية التحتية للملاعب وأكاديميات الشباب ظلت متخلفة مقارنةً بإسبانيا أو إنجلترا، وهو ما ترك تأثيرًا على جودة المواهب الجديدة. 

ومن جهة أخرى، أصبحت التكتيكات الدفاعية التقليدية، مثل “الكاتيناتشو”، أقل فعالية أمام الأساليب الهجومية الحديثة. 

ورغم إنتاج الأكاديميات الإيطالية بعض النجوم، في السنوات الأخيرة، إلا أنها فشلت في مواكبة التطورات التكتيكية، مع تركيز محدود على تنمية المهارات الفردية، مقارنةً بالأكاديميات الإسبانية وغيرها.

سطوة إسبانية

في المقابل، حافظت الكرة الإسبانية على هيمنتها، بفضل القوة المالية لريال مدريد وبرشلونة، حيث حققت أكاديمية “لا ماسيا” التابعة للبلوجرانا، و”كاستيا” الخاصة بالميرينجي، طفرة كبيرة على صعيد إنتاج النجوم.

كما أن الأسلوب القائم على الاستحواذ والتمريرات القصيرة، الذي يتم تدريب الناشئين عليه منذ الصغر، جعل الدوري الإسباني نموذجًا عالميًا، بالإضافة للاستثمار في المرافق التدريبية والمدربين مرتفعي الجودة، مما عزز استمرارية إنتاج المواهب.

تصدير الجواهر

أما الكرة البرتغالية، فبحسب تحليل لـ“The Guardian” استفادت من نظام تصدير المواهب.. فقد طورت أندية مثل بورتو وبنفيكا أكاديميات فعالة، أنتجت لاعبين بارزين، مع بيعهم للدوريات الكبرى لتعزيز الإيرادات.

وأظهر المنتخب البرتغالي، بقيادة كريستيانو رونالدو، مرونة هجومية، بالإضافة إلى تطوره على صعيد المهارات الفردية والسرعة، مما جعله من الأقوى عالميًا.

وعلى نفس المنوال، شهدت الكرة الفرنسية نهضة كبيرة مؤخرًا.. فاستثمارات باريس سان جيرمان، بدعم قطري، نجحت في استقطاب نجو كبار، بينما أنتجت الأكاديميات الفرنسية مواهب متنوعة، كما دعمت إيرادات البث المرتفعة الاستثمار في البنية التحتية.

وعرفت الكرة الإنجليزية طفرة أيضًا على مستوى الأكاديميات، فأندية مثل تشيلسي ومانشستر سيتي استثمرت بكثافة في مراكز التدريب. 

وسمحت كذلك إيرادات أندية البريميرليج بجذب أفضل المدربين واللاعبين، مع التركيز على التكتيكات الحديثة واللعب الهجومي، مما عزز سطوة الأندية الإنجليزية على الصعيد الأوروبي.

وتأتي هذه التحولات في موازين القوى بالقارة العجوز، لتقول بوضوح إن قطار التطور الكروي سيدهس – لا محالة – من يتقاعس عن اللحاق به.



المصدر – كوورة

By Sayed