صفقات آرسنال تلمع ذهبا.. وتوتنهام يخسر بهجومه العقيم

BySayed

نوفمبر 23, 2025


في ليلةٍ ستبقى محفورة في ذاكرة جماهير آرسنال طويلا، فرض المتصدر هيبته الكاملة على ديربي شمال لندن واكتسح توتنهام بنتيجة 4-1، في عرض كروي جمع بين الجودة الفنية والذكاء التكتيكي والحدة مساء الأحد، ضمن الجولة الثانية عشرة من الدوري الإنجليزي الممتاز.

أمام مدرجات تغلي في ملعب الإمارات، وقف إيبيريتشي إيزي بطلا للمشهد، ليس فقط لأنه سجّل “هاتريك” تاريخيا في واحدة من أكبر مباريات الدوري الإنجليزي، بل لأنه فعل ذلك أمام الفريق ذاته الذي كان قريبًا من التوقيع معه قبل أشهر فقط.

على الرغم من الأجواء المتوترة المعتادة في الديربي، فضّل آرسنال الدخول بهدوء محسوب، متدرجا في الإيقاع، منتظرا اللحظة المناسبة لضرب منظومة توتنهام الدفاعية التي حاول المدرب توماس فرانك تثبيتها عبر خطة 3-4-3 مرنة. 

ارتكز آرسنال على تحركات متنوعة من الأطراف، وعلى جودة التمرير بين الخطوط، ومرّت الدقائق الأولى بإيقاع متوتر من جانب الفريقين، لكن ما إن فهم آرسنال مفاتيح الصراع في وسط الملعب حتى بدأ يفرض أسلوبه عبر الضغط العالي، والتحولات السريعة، والتمركز الذكي على حدود المنطقة.

نقطة تحول

الدقيقة 36 كانت نقطة التحول الحقيقية، تلقّى لياندرو تروسارد تمريرة هندسية بارعة من ميكيل ميرينو، تُدرّس في كيفية اختراق خطوط دفاع تعتمد على التمركز العميق.

 استلم البلجيكي، التفّ بذكاء، وسدّد بيساره كرة زاحفة لا تُصد ولا تُرد.

أربك الهدف توتنهام، ومع اهتزاز تنظيمه الدفاعي جاء الدور على إيزي ليبدأ عرضه الخاص. 

ففي الدقيقة 41، ومن نفس المنطقة التي باتت لاحقا ملعبه الخاص (حدود منطقة الجزاء) وجد الدولي الإنجليزي المساحة، روض الكرة، تجاوز تدخلات رخوة من لاعبي الخصم، وأرسل تسديدة قوية عانقت الشباك، وهنا شعر الجميع بأن الديربي قد حُسم نظريًا قبل الاستراحة.

الإحصائية الأخطر في الشوط الأول كانت أن توتنهام لم يسدد أي كرة على مرمى الحارس دافيد رايا، وهي ثاني مرة يعجز فيها السبيرز عن هذا الأمر خلال الموسم الحالي، بعد الأولى أمام بورنموث. 

فقدان الفاعلية الهجومية، البطء في بناء الهجمة، الفجوات في الضغط، كانت كلها مؤشرات على انهيار منظومة فرانك أمام فريق يعرف جيدًا كيف يعاقب.

تغيير بلا جدوى

تغيير المدرب لتشكيلته بين الشوطين وتحويلها إلى 4-3-3 عبر دخول تشافي سيمونز لم يعطِ مفعولا، والدليل أن آرسنال احتاج 35 ثانية فقط ليهز الشباك مجددًا.

بدأ الشوط الثاني كما انتهى الأول، آرسنال أكثر حيوية، وأكثر تركيزا، وأكثر تحكما بالمساحات، ضغط منظم من الظهير يورين تيمبر لوسط الملعب منح إيزي الكرة في منطقة مفضلة لديه، ومن مسافة يعرفها جيدًا أطلق الإنجليزي الهادئ تسديدة يسارية أرضية عانقت الزاوية اليمنى لفيكاريو، ليسجل الهدف الثالث ويضع توتنهام في حالة انهيار نفسي وفني واضح.

هدف مذهل لحفظ ماء الوجه

تأخر توتنهام أجبر لاعبيه على التقدم أكثر، ومع اندفاع غير محسوب من زوبيميندي في وسط الملعب، اقتنص بالينيا الكرة ومررها لريتشارليسون الذي أطلق صاروخًا مباغتًا فوق رايا، هدفًا مذهلًا أعاد شيئًا من الأمل وأشعل المباراة لدقائق معدودة.

تحسّن أداء توتنهام قليلًا بعد الهدف، امتلكوا الكرة أكثر، وتقدموا إلى مناطق آرسنال، لكنهم افتقروا للقرارات الصحيحة في الثلث الأخير.

ومع كل دقيقة كانت شخصية آرسنال الهادئة تعيد ضبط رتم المباراة وتعيد توتنهام إلى نقطة العجز.

وجاءت الدقيقة 76 كانت لحظة تتويج نجم المباراة دون منازع، تروسارد هذه المرة لعب دور الممرر، وإيزي كالعادة وجد المساحة على خط المنطقة بلا رقابة تذكر، ليطلق تسديدة محكمة على يسار فيكاريو، مكملًا هاتريك تاريخيًا هو الرابع فقط في تاريخ مواجهات الفريقين على مر العقود.

رسالة من بطل

أنهى آرسنال المباراة كما بدأها: بثقة، وسيطرة، وتمريرات قصيرة طويلة. الأداء لم يكن مجرد تفوق فني، بل كان رسالة واضحة: هذا الفريق يلعب بثقة البطل، ويمتلك أدوات الحسم في كل الخطوط، ويعرف كيف يجعل الديربي يميل حيث يريد.

مع هذا الفوز، وسّع آرسنال الفارق إلى ست نقاط في الصدارة قبل مواجهة صعبة أمام تشيلسي الأسبوع المقبل… لكن بعد ليلة مثل هذه، يبدو أن رجال أرتيتا يدخلون كل مباراة وهم يشعرون بأنهم أقرب من أي وقت مضى لتحقيق شيء كبير هذا الموسم.

قبل صافرة البداية، لم يكن المشهد مطمئنا لجماهير آرسنال. غياب جابرييل ماجالهاييس—صخرة الدفاع وأحد أبرز أسباب القوة الدفاعية هذا الموسم—كان كفيلا بإثارة القلق. الدولي البرازيلي لم يغب دقيقة واحدة عن بداية الموسم، وكان يتصدر أرقام الفريق في الالتحامات الهوائية والتشتيت، كما يُصنف ضمن الأفضل في البريميرليج من حيث عدد التصديات الدفاعية.

الأرقام التاريخية لم تكن مشجعة أيضًا: الموسم الماضي، فاز آرسنال في 4 مباريات فقط من أصل 12 عندما لم يجتمع جابرييل وويليام ساليبا معًا منذ البداية.

لكن كل ذلك لم يظهر على أرض الواقع، لأن هذا آرسنال مختلف… آرسنال أنفق 250 مليون جنيه إسترليني في الصيف، وتعاقد مع 8 لاعبين لتعزيز العمق والجودة، والنتيجة ظهرت بوضوح في هذا الديربي.

وضمن هذه الصفقات كان بييرو هينكابي، المدافع الذي دفع به أرتيتا لتعويض غياب جابرييل. اللاعب القادم على سبيل الإعارة من باير ليفركوزن مع خيار شراء بقيمة 52 مليون جنيه أثبت قيمته عمليا، إذ وصفه أرتيتا قبل أسابيع بأنه “مقاتل” يمكن الاعتماد عليه.

الدولي الإكوادوري امتلك مرونة مهمة، ظل ثابتًا في تدخلاته، منضبطًا في تمركزه، ومنسجمًا مع الإيقاع الدفاعي الذي فرضه الفريق، وكان عنصرا مكملًا لبناء فريق يستطيع الفوز حتى عندما يغيب أفضل مدافعيه.



المصدر – كوورة

By Sayed