يواصل يوفنتوس الإيطالي تحركاته المكثفة خلف الكواليس استعدادًا لفترة الانتقالات الشتوية المقبلة، في محاولة جادة لتعزيز صفوفه وسد الثغرات التي عانى منها الفريق خلال الأشهر الأخيرة من الموسم الجاري، تحت قيادة المدرب الكرواتي إيجور تودور.
الفريق البيانكونيري واجه سلسلة من الأزمات منذ انطلاق الموسم، أبرزها كثرة الإصابات التي ضربت التشكيلة الأساسية، مما أثر على توازن الأداء والنتائج.
ويأتي في مقدمة الغائبين المدافع البرازيلي المخضرم جليسون بريمر، الذي تعرض لانتكاسة جديدة ستبعده عن الملاعب حتى مطلع عام 2026، في ضربة قوية لدفاع الفريق.
فيما عاد مؤخرًا الشاب فابيو ميريتي بعد غياب دام شهرين بسبب الإصابة، في حين يواصل كل من خوان كابال والمهاجم البولندي أركاديوز ميليك الغياب منذ فترة طويلة، ما وضع تودور في موقف صعب من حيث الخيارات الدفاعية والهجومية على حد سواء.
تعزيزات مطلوبة.. والأعين على كيسيه
وسط هذه الظروف، قررت إدارة يوفنتوس الدخول بقوة إلى سوق الانتقالات الشتوية، واضعة هدفين رئيسيين: ضم مدافع جديد لتعويض غياب بريمر وكابال، واستقدام لاعب وسط قوي بدنيًا قادر على افتكاك الكرات والسيطرة على وسط الميدان.
وفي هذا الإطار، برز اسم فرانك كيسيه، نجم وسط أهلي جدة السعودي، كأحد الأسماء المفضلة لدى إدارة السيدة العجوز.
اللاعب الإيفواري البالغ من العمر 28 عامًا يتمتع بخبرة كبيرة في الدوري الإيطالي، بعدما تألق سابقًا مع ميلان وساهم في تتويجه بلقب الدوري موسم 2021-2022، تحت قيادة المدرب ستيفانو بيولي.
كيسيه، الذي انتقل لاحقًا إلى برشلونة الإسباني قبل أن يخوض تجربة جديدة في السعودية مع الأهلي منذ صيف 2023، يبدو اليوم متحمسًا للغاية للعودة إلى أوروبا، وبالتحديد إلى إيطاليا، حيث كان يعيش أفضل فتراته الكروية.
ووفقًا لصحيفة “لا جازيتا ديلو سبورت” الإيطالية، فإن اللاعب بدأ يشعر بالحنين إلى المنافسة في المستويات العالية من كرة القدم الأوروبية، رغم التجربة الثرية التي يخوضها في السعودية، سواء من حيث الأجواء الجماهيرية أو الجانب المالي.

عقد الأهلي.. وبوابة العودة إلى أوروبا
ينتهي عقد كيسيه مع الأهلي في صيف عام 2026، وهو ما يمنح إدارة النادي السعودي فرصة مثالية للاستفادة منه ماديًا خلال الميركاتو الشتوي المقبل، بدلًا من المخاطرة برحيله مجانًا بعد عام ونصف.
وبحسب التقارير، فإن الأهلي لا يمانع في بيع اللاعب مقابل مبلغ رمزي، شرط أن تكون الصفقة مجزية له من الناحية التفاوضية وتحافظ على صورته كمشروع نادٍ قادر على تصدير النجوم إلى أوروبا.
في المقابل، يرى كيسيه أن الوقت قد حان لعودة جديدة إلى الأضواء الأوروبية، بعدما قضى موسمين خارجها، خاصة أنه لا يزال في سن مثالية تسمح له بالمنافسة على أعلى المستويات.
أزمة في وسط يوفنتوس.. وكيسيه الحل الأنسب
يرى مسؤولو يوفنتوس أن صفقة كيسيه قد تكون الحل الأمثل لمشكلات الفريق في وسط الميدان، خصوصًا في ظل تراجع مستوى الهولندي تويف كووبمينرز، الذي لم ينجح حتى الآن في التأقلم مع أسلوب تودور.
الفريق يعاني من ضعف واضح في الشق البدني والقدرة على قطع الكرات، وهي الصفات التي يتقنها كيسيه بامتياز، إلى جانب ديناميكيته العالية وقدرته على التقدم بالكرة والتسديد من مسافات بعيدة.
ويشتهر النجم الإيفواري أيضًا بقدرته المميزة على تنفيذ ركلات الجزاء بثقة عالية، إذ يعد من أبرز المتخصصين في هذا الجانب على مستوى الأندية والمنتخب.
وخلال مسيرته الاحترافية مع ميلان وبرشلونة وأهلي جدة ومنتخب ساحل العاج، تقدم كيسيه لتسديد 44 ركلة جزاء، نجح في تسجيل 36 منها، بينما أهدر 8 فقط. وتوزعت الركلات المهدرة بين أربع بقميص ميلان، و2 مع المنتخب الإيفواري، و2 مع الأهلي.
إحصائياته الإجمالية تعكس مسيرة ثرية، إذ خاض 428 مباراة رسمية مع مختلف الأندية، سجل خلالها 68 هدفًا وقدم 34 تمريرة حاسمة، أي أنه ساهم في أكثر من 100 هدف خلال مشواره الاحترافي، وهو رقم مميز بالنسبة للاعب خط وسط.

عقبة الراتب.. تهديد الصفقة الأكبر
ورغم جدية اهتمام يوفنتوس بضم اللاعب، إلا أن هناك عقبة مالية ضخمة تهدد بإفشال الصفقة. فوفقًا لـ”لا جازيتا ديلو سبورت”، يتقاضى كيسيه راتبًا سنويًا يبلغ 10 ملايين يورو في الأهلي، وهو رقم يفوق بكثير سقف الرواتب داخل النادي الإيطالي.
في يوفنتوس، لا يحصل أي لاعب تقريبًا على أكثر من 6 ملايين يورو سنويًا، باستثناء المهاجم الصربي دوسان فلاهوفيتش، الذي يتقاضى نحو 12 مليون يورو في موسمه الأخير مع الفريق.
وكانت الإدارة قد حاولت بالفعل خلال الصيف الماضي بيع فلاهوفيتش لتقليل الأعباء المالية وتفادي رحيله مجانًا بنهاية عقده، لكنها فشلت في إيجاد عرض مناسب، ليبقى اللاعب حتى نهاية الموسم الحالي.
من هنا، يرى مسؤولو النادي أن التعاقد مع كيسيه لن يكون ممكنًا إلا إذا وافق اللاعب على خفض راتبه بشكل كبير، ليصبح في حدود 5 ملايين يورو أو أقل، وهو ما سيشكل اختبارًا حقيقيًا لرغبته في العودة إلى إيطاليا.
وبالنسبة لفرانك كيسيه، العودة إلى الكالتشيو ليست مجرد خطوة مهنية فحسب، بل استعادة لحلم لم يكتمل. اللاعب الذي صنع لنفسه مكانة كبيرة في ميلان ورفع معه درع الدوري بعد سنوات من الغياب، يشعر بأن بإمكانه تقديم المزيد في الملاعب الإيطالية.
يوفنتوس من جانبه يبحث عن اللاعب القائد القادر على ضبط إيقاع وسط الملعب، وتبدو صفقة كيسيه مثالية من الناحية الفنية والخبرة، لكن نجاحها مرتبط بما إذا كان الطرفان مستعدان لتقديم التنازلات المطلوبة، سواء في المقابل المادي أو في الشروط الشخصية.