تحرك برشلونة خلال الأيام الأخيرة بخطوات أكثر سرعة لحسم ملف تجديد عقد المدافع إريك جارسيا، في ظل تراجع اهتمام باريس سان جيرمان بالنجم الإسباني.
وترى إدارة النادي الكتالوني أن الوقت قد حان لتحصين اللاعب وضمان استمراره في مشروع هانز فليك خلال المواسم المقبلة، خاصة بعد أن بدا واضحاً أن جارسيا أصبح قطعة أساسية لا يمكن التفريط بها.
ووفقاً لصحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية، لا يمثل جارسيا صاحب الـ24 عاماً عنصراً محورياً فقط في منظومة فليك الحالية، بل يدخل أيضاً ضمن خطط النادي للمستقبل.
وتعود أهمية جارسيا إلى تعدديته التكتيكية، إذ يشغل مركز الظهير الأيمن وقلب الدفاع أو لاعب الوسط المدافع بكفاءة عالية.
وينتهي عقد جارسيا الحالي في يونيو 2026، وقد بدأ برشلونة مفاوضات متقدمة لتجديده، مستهدفاً التوصل إلى اتفاق نهائي قبل نهاية العام وفقاً لما نقلته الصحيفة.
وأكد ديكو، المدير الرياضي للنادي، وجود “فكرة واضحة ببقاء اللاعب”، مع الإشارة إلى ضرورة مراعاة الوضع المالي لبرشلونة خلال المحادثات.
وتستند المفاوضات إلى تمديد لمدة تتراوح بين 4 أو 5 سنوات، بينما يميل جارسيا إلى الإبقاء على مدة أقصر بدلاً من إضافة سنة اختيارية، إلا أنه شدد على أن البقاء في سبوتيفاي كامب نو هو أولويته الأولى.
هذا التفاهم المتبادل بين الطرفين دفع عدداً من الأندية إلى التراجع عن تقديم عروض، وعلى رأسها باريس سان جيرمان بقيادة لويس إنريكي، والذي كان الأكثر اهتماماً بضم اللاعب.
ورغم أن اسم مدافع برشلونة ظهر في وسائل الإعلام الفرنسية، فإن المصادر المقربة تشير إلى أن اهتمام النادي الباريسي تراجع مؤخراً.
وكانت صحيفة “ليكيب” قد كشفت أن باريس درس شنّ هجوم قوي في سوق الشتاء، وفي حال فشل في ضمه يناير المقبل كان ينوي تقديم عقد مبدئي يضمن انتقاله في يونيو.
حلم المشاركة في كأس العالم
وأدرك برشلونة خطورة ترك الملف مفتوحاً، فسارع إلى تكثيف اتصالاته مع ممثلي اللاعب لإغلاق التجديد بأسرع وقت ممكن، لأن عدم حسم الاتفاق قبل نهاية العام قد يعيد باريس أو أندية أخرى إلى المشهد بقوة أكبر، وهو ما يسعى النادي لتجنبه عبر استغلال رغبة اللاعب الواضحة في الاستمرار.
وقد صرّح جارسيا مؤخراً بأنه يتمنى أن يتم التجديد “قريباً”، مؤكداً أن هدفه الأساسي هو مواصلة مشواره مع برشلونة.
ورغم أن المفاوضات وصلت إلى مراحل متقدمة، إلا أن النادي لم يعلن بعد عن اتفاق نهائي، ويأخذ جارسيا أيضاً في حسبانه حلم المشاركة في كأس العالم 2026، ورغم إدراكه لقلة خياراته في الوقت الحالي ـ بعد استبعاده من القائمة الأخيرة ـ إلا أنه يعلم أن ضمان اللعب أساسياً بقميص برشلونة هو الطريق الوحيد لتعزيز فرصه مع منتخب إسبانيا.
AFP
مسيرة معقدة
يُعد إريك جارسيا واحداً من أبرز المدافعين الإسبان الذين مرّوا بتجربة احترافية مبكرة ومعقدة، انتقل خلالها بين ثلاث محطات كبرى في مسيرته: برشلونة، مانشستر سيتي، ثم عودته إلى برشلونة قبل أن يبدأ مرحلة جديدة مع جيرونا. ورغم صغر سنه، فإن مسيرته تحمل ملامح لاعب ناضج تكتيكياً، يتمتع بذكاء كبير وقدرة واضحة على بناء الهجمات من الخلف.
وُلد جارسيا في برشلونة عام 2001، وبدأ مسيرته في “لا ماسيا” وهو في السابعة من عمره، ليبرز سريعاً بفضل قدرته الاستثنائية على قراءة اللعب واتخاذ القرار تحت الضغط. تطوّر جارسيا في مختلف فئات النادي العمرية، لكنه اتخذ قراراً مفاجئاً في 2017 حين غادر إلى مانشستر سيتي بعمر 16 عاماً فقط، بحثاً عن فرصة للانضمام إلى مشروع أكثر وضوحاً بالنسبة له.
تحت قيادة بيب جوارديولا، وجد جارسيا بيئة مثالية لتطوير مواهبه. فقد كان المدرب الإسباني يرى فيه النموذج العصري للمدافع القادر على التحكم في الكرة، والمساهمة في بناء اللعب، وضبط تمركز الخط الخلفي.
شارك جارسيا لأول مرة مع الفريق الأول في موسم 2018-2019، وسرعان ما أثبت نفسه كخيار موثوق رغم منافسته لمدافعين كبار. ومع ذلك، فإن ازدحام الخط الخلفي بأسماء عالمية حدّ من فرصة حصوله على دقائق لعب منتظمة.
في صيف 2021، قرر جارسيا العودة إلى برشلونة في صفقة انتقال حر. عودته إلى “كامب نو” جاءت نتيجة رغبة النادي في استعادة مدافع مثقف كروياً ومناسب لأفكار اللعب الاستحواذي. لكن الواقع لم يكن سهلاً، فقد وجد نفسه تحت ضغط جماهيري كبير، وانتقادات متكررة بسبب بعض الأخطاء الفردية التي أثّرت على صورته رغم امتلاكه أرقاماً جيدة في التمرير والدقة والتمركز.
ورغم ذلك، استمر برشلونة في الاعتماد عليه، ثم جاءت خطوة انتقاله إلى جيرونا على سبيل الإعارة في صيف 2023 لتصبح نقطة التحول الأهم في مسيرته. مع المدرب ميشيل، عاش جارسيا تجربة مختلفة تماماً، حيث تحوّل إلى لاعب أساسي، وأكثر نضجاً وثقة، وساهم في جعل جيرونا أحد أبرز الفرق في الليجا. قدراته في إخراج الكرة، وأدواره في ضغط الفريق، وبناء الهجمات، جعلته واحداً من أفضل المدافعين في الدوري خلال ذلك الموسم.
عودة جارسيا إلى برشلونة عقب انتهاء الإعارة جاءت مختلفة، حيث أصبح اللاعب لاعبا أساسيا في خط المدرب هانز فليك وخطط البارسا من أجل المستقبل.