أحيانًا تلعب كرة القدم أدوارًا تفوق الخيال، وتحوّل الأحلام إلى مفارقات لا تُصدق، وهو ما حدث عندما أعلن اتحاد جدة تعاقده مع المدرب البرتغالي سيرجيو كونسيساو.
وقرر الاتحاد تعيين سيرجيو كونسيساو ليتولى المهمة، خلفًا للفرنسي لوران بلان، بعد سلسلة من التعثرات على مستوى النتائج والشكل الفني للعميد.
وتنتظر جماهير الاتحاد أن يحدث كونسيساو فارقًا كبيرًا خلال الفترة المقبلة، نظرًا لأسلوبه المتوازن وقدرته الكبيرة على قلب المعطيات.
عودة بالزمن
سبق وأن خرج البرتغالي روبن نيفيز، لاعب وسط الهلال، بتصريحات قبل عام تقريبًا أشاد فيها بكونسيساو، وأعرب عن تمنيه قيادة الزعيم يومًا ما.
وقال نيفيز وقتها: “أرغب بالعمل مع سيرجيو؛ يبدو أنه يتمتع بمستوى احترافي وجودة مماثلة لجورجي جيسوس”.
وأضاف: “انضممت إلى ولفرهامبتون قبل قدومه إلى بورتو بأيام، لذلك لم أتواصل معه، لكنني أعلم بأنه مدرب رائع”.
واختتم: “تحدثت معه مرة واحدة فقط وكانت خلال عطلتي، وأتمنى له النجاح”.
Getty Images
حلم عكسي
اليوم، وبعد مرور عام على تلك الكلمات، يجد نيفيز نفسه في مشهدٍ كرويٍ مثيرٍ للسخرية والدهشة، إذ أصبح كونسيساو مدربًا لغريم فريقه اتحاد جدة، ليصبح الإعجاب القديم وقودًا لتحدٍ جديد.
وهكذا تحولت الأمنية القديمة إلى مشهد درامي جديد في الدوري السعودي، يجمع بين نيفيز وكونسيساو على أرض واحدة، لكن على طرفي صراع لا يعرف الرحمة.
ويحلم المدرب البرتغالي الجديد في تثبيت أقدامه من خلال تصحيح المسار، وسط منافسة شرسة مع النصر والهلال على جميع الألقاب.
تشابه في الروح البرتغالية
ينتمي نيفيز وكونسيساو إلى المدرسة البرتغالية الحديثة التي تقوم على الانضباط التكتيكي، والالتزام الذهني، والشغف الدائم بالانتصار.
فالأول يعزف بتمريراته الدقيقة ويقود الإيقاع من عمق الملعب، والثاني يوجّه الأوركسترا من على الخط بأسلوبٍ صارم وذكاءٍ تكتيكي حاد.
وربما هذا التشابه في الشخصية والرؤية هو ما جعل نيفيز يُبدي إعجابه به في المقام الأول، لأن كليهما يُجسد المعنى الحقيقي للقتال حتى النهاية.
لقاء قادم بطعم خاص
في حال اصطدم الهلال بالاتحاد خلال الأسابيع المقبلة، ستكون المواجهة أكثر من مجرد مباراة، بل لقاء رمزي يجمع بين أمنية قديمة وواقعٍ جديد.
نيفيز سيحاول إفساد خطط المدرب الذي لطالما حلم بالعمل معه، فيما سيحاول كونسيساو إثبات أنه قادر على التفوق حتى أمام أكثر معجبيه موهبة.
هي مواجهة بين “العقل” و”الروح”، بين مدرب يسعى لإعادة بناء فريقه، ولاعب يطمح لقيادة زعيمه نحو البطولات.
ماذا تنتظر جماهير الاتحاد من كونسيساو؟
منذ إعلان التعاقد مع كونسيساو، تعيش جماهير الاتحاد حالة من الترقب المشوب بالأمل، فالموسم الحالي لم يبدأ كما كانت تتمنى، والنتائج المخيبة على المستويين المحلي والقاري جعلت الشارع الاتحادي يطالب بالتغيير، على أمل أن يكون المدرب البرتغالي هو المنقذ المنتظر.
الاتحاد الذي عرفته الجماهير خلال المواسم الماضية كان فريقًا مرعبًا منظمًا، يعرف كيف يفوز ويغلق المساحات، لكن هذا اللمعان تلاشى تدريجيًا مع سوء التعاقدات، حتى بات الفريق بلا شكل واضح ولا روح.
كونسيساو يُنظر إليه كمدرب قادر على إعادة التوازن والانضباط، لما عُرف عنه من حزم تكتيكي وشخصية قوية على أرض الملعب.
العميد كان في الموسم الماضي صاحب واحدة من أقوى خطوط الدفاع والهجوم في الدوري السعودي، لكن هذا التفوق تراجع بشدة مؤخرًا.
ومع خبرة كونسيساو في تنظيم الخطوط الخلفية أثناء فترته مع بورتو، تأمل الجماهير أن يعيد الصلابة من جديد، إلى جانب استعادة الانسجام بين الدفاع والوسط الذي كاد أن يختفي.
الاتحاد يملك أسماء هجومية على أعلى مستوى بنزيما، ديابي، بيرجوين، وحسام عوار، لكنها لم تستغل بالشكل المطلوب.
المدرب البرتغالي عُرف بقدرته على استثمار المهارات الفردية داخل المنظومة الجماعية، ما يمنح الجمهور الأمل في أن يشاهد كرة هجومية ممتعة تجمع بين القوة والتوازن.
ويحتاج الاتحاد إلى رؤية طويلة المدى، تضع الفريق على خريطة المنافسة المحلية والآسيوية بشكل مستمر، لا أن تكون الحلول مؤقتة.
المدرب البرتغالي يمتلك سجلاً مليئًا بالتحديات الصعبة في أوروبا، وقد أثبت أنه لا يهرب من الضغط بل يتغذى عليه، وهذا ما يجعل الجماهير تراهن على شخصيته القوية في مواجهة الأزمات.
جدول صعب
ينتظر كونسيساو مهمة صعبة خلال الشهر الجاري، حيث سيخوض عدة مباريات تبدأ بمواجهة الفيحاء في الجولة الخامسة من الدوري السعودي.
ويطير الاتحاد بعدها إلى العراق لمواجهة الشرطة في الجولة الثالثة من نخبة آسيا، قبل أن يستضيف الهلال في الجولة السادسة من الدوري السعودي.
ويختتم الشهر باللعب ضد النصر، في إطار منافسات الدور ثمن النهائي من بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين.