في ملاعب كرة القدم، هناك لاعبون يتركون بصمتهم بالأهداف فقط، لكن فراس البريكان يختلف عن البقية، فهو موسيقار سعودي يعرف جيدًا كيف يعزف نغمة الانتصار، لا يتوقف عن الركض ولا يمل من البحث عن الشباك.
البريكان صاحب إيقاع سريع ولمسات حاسمة، فهو أحد أهم أسلحة المنتخب السعودي وأهلي جدة في الوقت الحالي، حيث واصل إبداعاته في ليلة الفوز الصعب على إندونيسيا (3-2)، خلال المباراة التي جمعت الطرفين، أمس الأربعاء ضمن منافسات الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم 2026.
وأصبح المنتخب السعودي على أعتاب التأهل للمونديال، وذلك قبل أن يواجه العراق في المباراة الثانية من الملحق، يوم الأربعاء المُقبل، بملعب “الإنماء” في جدة.
مهاجم حاسم
كان البريكان النجم الأول في ليلة الانتصار على إندونيسيا، بفضل الثنائية التي سجلها في الدقيقتين 36 و62 من عمر المباراة.
وبعيدًا عن الثنائية، ظهر البريكان بشخصية قيادية كبيرة، عندما قرر تنفيذ ركلة الجزاء في الدقيقة 36، رغم وجود سالم الدوسري، قائد المنتخب السعودي.
وبالفعل تمكن من وضعها في الشباك بصورة رائعة، قبل أن يسجل الهدف الثاني، بعد متابعة رائعة لتسديدة عائدة من حارس إندونيسيا.
وبحسب موقع “سوفا سكور” لإحصائيات كرة القدم، فإن البريكان حصل على أعلى تقييم في مباراة السعودية وإندونيسيا بواقع 9.2 درجة من 10، نظرًا لأنه اللاعب الأكثر تسديدًا على المرمى (4).
وأوضح أن “البريكان صنع 3 فرص محققة للتسجيل، وأكثر لاعب كسب أخطاء بواقع 5”.
وتعد هذه هي المرة الثانية التي يسجل فيها البريكان ثنائية خلال مباراة واحدة مع السعودية، حيث سبق وأن فعل ذلك ضد باكستان في يونيو/حزيران 2024.
أدوار أخرى
لم يقتصر تألق فراس البريكان أمام إندونيسيا على تسجيل هدفين فحسب، بل امتد ليشمل دورًا تكتيكيًا محوريًا داخل منظومة الأخضر، فقد تحرك بذكاء بين خطوط الدفاع الإندونيسي، جاذبًا الأنظار نحوه لفتح المساحات أمام القادمين من الخلف، وهو ما منح المنتخب مرونة هجومية أكبر.
كما تراجع في أوقات عديدة لمساندة خط الوسط في عملية الضغط، مسهمًا في افتكاك الكرات وبدء التحولات السريعة.
وبفضل قوته البدنية وقدرته على اللعب كمحطة هجومية، كان البريكان نقطة ارتكاز مهمة في بناء الهجمات، سواء عبر استلام الكرات العالية أو المساهمة في التمريرات القصيرة التي كسرت التنظيم الدفاعي للمنافس.
هذا التنوع بين الحسم أمام المرمى والعمل الجماعي جعله الورقة الأبرز في ليلة الانتصار، ورسخ مكانته كعنصر لا غنى عنه في التشكيلة الأساسية لرينارد.
شخصية قيادية
رغم وجود أسماء لامعة ونجوم أصحاب خبرة في صفوف المنتخب، برز فراس البريكان بثقة عالية جعلته يتقدم لقيادة الخط الهجومي دون تردد.
لحظة تقدمه لتنفيذ ركلة الجزاء أمام إندونيسيا جسدت شخصيته القيادية، إذ لم يتأثر بالضغط الجماهيري وصعوبة المشهد، بل أظهر جرأة وإصرارًا على تحمّل المسؤولية في موقف حساس.
هذه الروح القيادية انعكست على زملائه داخل الملعب، حيث بثّ فيهم طاقة إضافية، وجعل المنتخب أكثر شراسة هجومية.
البريكان لم يكتفِ بالتسجيل فقط، بل كان يوجه اللاعبين ويتحرك باستمرار لفتح المساحات، ليصبح بمثابة “قائد ثانٍ” في أرض الملعب.
صدى جماهيري
أداء فراس البريكان لم يقتصر على أرضية الملعب فقط، بل امتد أثره إلى المدرجات والشاشات، حيث تفاعلت الجماهير السعودية معه بحماس كبير.
الثنائية التي سجلها جعلته حديث مواقع التواصل، واعتبره كثيرون رمزًا لجيل جديد قادر على حمل راية الهجوم السعودي بثبات.
الجماهير رأت فيه صورة المهاجم الحاسم الذي طالما بحثت عنه، وزادت ثقتها بقدراته بعد أن برهن على شجاعته في المواقف الصعبة، لتتجدد الآمال بوجود هدّاف محلي قادر على صناعة الفارق في المباريات المصيرية.
موسيقار سعودي
لا يُلقّب فراس البريكان بـ”الموسيقار” من فراغ، فالاسم ارتبط به منذ أن ابتكر احتفاله الشهير بالعزف في الهواء بعد تسجيل الأهداف، وكأن كل لمسة قدم منه تتحول إلى نغمة موسيقية تُطرب الجماهير.
ومع مرور الوقت، لم يعد اللقب مجرد احتفال عابر، بل أصبح انعكاسًا لشخصيته داخل الملعب؛ هادئًا حين يحتاج الهدوء، وصاخبًا في لحظات الحسم، منظمًا في تحركاته، وقادرًا على قيادة الإيقاع الهجومي.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتألق فيها البريكان بتصفيات كأس العالم، حيث كان عنصرًا بارزًا في رحلة التأهل للمونديال السابق في قطر 2022، عندما سجل 3 أهداف، وذلك أمام اليابان والصبن وعمان، بجانب تمريرة حاسمة.
ولا يقتصر تألقه مع المنتخب السعودي فحسب، بل يعد أحد أهم الأسلحة التي يعتمد عليها مدربه الألماني ماتياس يايسله، سواء بوجوده كرأس حربة أو جناح أيسر.
ورغم وجود مجموعة مميزة من اللاعبين داخل صفوف الأهلي، أمثال الإنجليزي إيفان توني والبرازيلي ويندرسون جالينو والجزائري رياض محرز، إلا أن البريكان استطاع أن يضع نفسه بين هؤلاء النجوم.