قبل أشهر قليلة من انطلاق كأس العالم المقبلة، يشتعل الجدل داخل الأوساط الكروية الإسبانية حول هوية المهاجم الذي سيقود هجوم “لا روخا” في البطولة، في ظل غياب الاستقرار على الرقم 9 (المهاجم الأساسي) داخل تشكيلة المدرب لويس دي لا فوينتي.
وفي خضم هذا النقاش، برزت آراء اثنين من أبرز من شغلوا هذا المركز في تاريخ المنتخب، ديفيد فيّا وفرناندو مورينتيس.
وفقاً لصحيفة “آس” الإسبانية، فإن فيّا، الهداف التاريخي لمنتخب إسبانيا برصيد 59 هدفاً، قدّم تحليله الفني حول أزمة المهاجم الصريح في المنتخب، مؤكداً أن هذا المركز كان دائماً يمثل التحدي الأكبر في كرة القدم.
وقال فيّا: “قد يبدو غريباً أن أقوله أنا، لكن أصعب مركز هو إيجاد مهاجم يسجل الأهداف. في عصرنا كان لدينا مهاجمون كبار، ومع ذلك كان يُقال دائماً إن هناك نقصاً في الرقم 9، لذلك أعتقد أن الأمر يتعلق دائماً بالحاجة المستمرة لهذا المركز أكثر من عدم وجوده. في إسبانيا يوجد مهاجمون كبار يمكنهم شغل هذا المركز وهم يثبتون ذلك”.
ويشارك مورينتيس، أحد أبرز المهاجمين الكلاسيكيين الذين مروا على المنتخب الإسباني، نفس الرأي قائلاً: “أنا مؤيد للمهاجم الصريح. وإلا سيكون الأمر بمثابة انتقاد لي شخصيا بشكل غير مباشر”.
وفي حديثه عن هوية المهاجم الحالي، يرى فيّا أن فكرة المهاجم الكلاسيكي لم تختفِ من كرة القدم الإسبانية، موضحاً: “لا أعتقد ذلك. صحيح أن أويارزابال يلعب الآن أكثر، لكن موراتا وفيران توريس ولاعبون آخرون مختلفو الخصائص شغلوا هذا المركز أيضاً، الأمر يعتمد على متطلبات كل مباراة/ كرة القدم تتطور وهناك طرق مختلفة لتحقيق الفوز، سواء بمهاجم مرجعي أكثر أو أكثر حركة، في عصرنا كنا نفعل الشيء نفسه”.
وقالت الصحيفة: “يأتي هذا الجدل في وقتٍ لا تزال فيه هوية مهاجم المنتخب الإسباني الأساسي غامضة، فالبحث عن تعريف المهاجم الصريح على الإنترنت يكون نفسه دائماً (هو اللاعب الذي يتمركز في خط المقدمة قرب مرمى الخصم ومهمته الأساسية تسجيل الأهداف)”.
وأضافت: “على الرغم من وضوح المفهوم، فإن منتخب إسبانيا لم ينجح حتى الآن في تثبيت اسم محدد لهذا الدور. فالمدرب لويس دي لا فوينتي صرّح سابقاً بأن ألفارو موراتا، القائد، سيذهب إلى كأس العالم، لكن الواقع أظهر أن موراتا غاب عن آخر استدعائين للمنتخب”.
وخلال السنوات الأخيرة، ظل موراتا آخر مهاجم كلاسيكي حافظ على مركزه الأساسي في تشكيلة إسبانيا، لكن دي لا فوينتي استخدم أيضاً في هذا المركز عدداً من الأسماء مثل أويارزابال (الأساسي حالياً)، بورخا إيجليسياس، فيران توريس، خوسيلو، أنسو فاتي، رافا مير، داني أولمو وماركو أسينسيو، مع وجود بورخا مايورال ضمن قوائم الانتظار.
أما عن المهاجم الذي يراه فيّا الأنسب حالياً في المشهد العالمي، فقد كشف عن إعجابه بجوليان ألفاريز نجم أتلتيكو مدريد، قائلاً: “بالنسبة للاعبين الأجانب، أنا أحب حالياً جوليان ألفاريز كثيراً، أراه مهاجماً كاملاً”.
وعند سؤاله عن اختياره لمهاجم المنتخب الإسباني في كأس العالم، فضّل مورينتيس التحفّظ احتراماً للمدرب، قائلاً: “لدي احترام كبير للمدرب، وكل الأمور تسير بشكل جيد، لذا يمكنه أن يفعل ما يشاء”.
بينما أنهى فيّا حديثه بنفس الهدوء قائلاً: “أعتقد أن هناك العديد من الخيارات، لست المدرب الذي يقرر. في إسبانيا يوجد مهاجمون كبار للاختيار بينهم، وبالتأكيد سيختار الأنسب لتمثيل البلاد في كأس العالم”.
مسيرة مميزة
وُلد ديفيد فيا في الثالث من ديسمبر عام 1981 بمدينة لانجريو في مقاطعة أستورياس الإسبانية، ليبدأ رحلته من بيئة متواضعة جعلت منه أحد أبرز الهدافين في تاريخ كرة القدم الإسبانية.
عانى في طفولته من إصابة كادت تنهي حلمه مبكراً، بعد كسر في ساقه اليمنى، لكن والده، الذي كان لاعباً هاوياً، ساعده على التدريب بالقدم اليسرى، ليصبح لاحقاً أحد أكثر المهاجمين توازناً في التسديد بكلتا القدمين.
بدأ فيا مسيرته الاحترافية مع نادي سبورتينج خيخون عام 2001، حيث لفت الأنظار بقدراته التهديفية العالية، مسجلاً 38 هدفاً في موسمين بالدرجة الثانية. هذا التألق دفع نادي ريال سرقسطة لضمه عام 2003، وهناك واصل إثبات موهبته، إذ قاد الفريق لتحقيق لقب كأس ملك إسبانيا وكأس السوبر الإسباني عام 2004، ليصبح أحد أبرز المهاجمين الصاعدين في البلاد.
وفي عام 2005، جاءت النقلة الكبرى في مسيرة فيا بانضمامه إلى فالنسيا، النادي الذي شهد تألقه الحقيقي في الليجا. خلال خمس سنوات قضاها مع “الخفافيش”، سجّل أكثر من 100 هدف في جميع المسابقات، وأصبح المهاجم الأول للمنتخب الإسباني. تألقه اللافت مع فالنسيا فتح له الباب للانتقال إلى برشلونة في صيف 2010، في صفقة بلغت نحو 40 مليون يورو.
مع الفريق الكتالوني، عاش فيا واحدة من أزهى فتراته، حيث كان جزءاً من الجيل الذهبي بقيادة جوارديولا إلى جانب ميسي وتشافي وإنييستا. ساهم فيا في تتويج برشلونة بدوري أبطال أوروبا 2011، مسجلاً هدفاً رائعاً في النهائي أمام مانشستر يونايتد، كما حقق الدوري الإسباني مرتين وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية.
في 2013، انتقل إلى أتلتيكو مدريد وساهم في فوزه بلقب الليجا موسم 2013-2014، قبل أن يخوض تجربة احترافية مميزة في نيويورك سيتي الأمريكي، حيث أصبح الهداف التاريخي للنادي، كما لعب لفترة قصيرة في اليابان مع فيسيل كوبي قبل أن يعلن اعتزاله في 2019.