لم يكن فوز ريال مدريد على ريال أوفيدو بثلاثية نظيفة في الجولة الثانية من الليجا هو العنوان الأبرز لتلك الليلة في ملعب “كارلوس تارتيري”، بل خطف فينيسيوس جونيور الأضواء مجددًا بسبب رد فعله تجاه جماهير المنافس.
اللاعب البرازيلي الذي دخل كبديل صنع الهدف الثاني لكيليان مبابي ثم أضاف الهدف الثالث بنفسه، لكنه أشار بعدها بيده نحو المدرجات للجماهير بأنهم سيعودون مجددا لدوري الدرجة الثانية في رد واضح على الصافرات والشتائم التي طالته طوال الدقائق التي لعبها.
الواقعة تحولت سريعًا إلى جدل إعلامي واسع، في الصحف الإسبانية وحتى على وسائل التواصل الاجتماعي.
هذه ليست المرة الأولى التي يجد فيها فينيسيوس نفسه في قلب صراع مع الجماهير الإسبانية.
فمنذ بروزه مع ريال مدريد أصبح هدفًا رئيسيًا للهتافات الاستفزازية، بعضها وصل إلى حدود عنصرية فجة.
البداية البارزة كانت في سبتمبر/أيلول 2022 أمام أتلتيكو مدريد، حين سبقت الديربي حملة استهزاء برقصاته الاحتفالية، ودوت هتافات مسيئة من مدرجات “ميتروبوليتانو”.
كانت تلك الحادثة الشرارة الأولى التي دفعت رابطة الليجا لتقديم شكاوى متكررة إلى النيابة العامة بشأن السلوكيات العنصرية.
في الأشهر التالية، تصاعدت الأحداث بشكل درامي، ففي ديسمبر/أيلول 2022، أثناء مواجهة ريال مدريد وبلد الوليد، تعرض فينيسيوس لإهانات عنصرية مباشرة لحظة استبداله، ما دفع الليجا لتقديم شكوى رسمية جديدة.
وبعد نحو عامين كاملين، في مايو/أيار 2025، أصدرت محكمة إسبانية حكمًا تاريخيًا هو الأول من نوعه، بإدانة خمسة مشجعين من بلد الوليد بتهمة جريمة كراهية ضد اللاعب، في خطوة اعتُبرت نقطة تحول في تعامل القضاء مع هذه الظاهرة.
لكن الواقعة الأكثر شهرة جاءت في مايو/أيار 2023 بملعب “ميستايا” ضد فالنسيا، حيث توقفت المباراة بعد أن أشار فينيسيوس بنفسه للحكم إلى الإساءات العنصرية التي يتعرض لها.
Getty Images
القضية انتهت في يونيو/حزيران 2024 بإدانة ثلاثة مشجعين بالسجن ثمانية أشهر وحظر دخول الملاعب لعامين، لتصبح أول إدانة جنائية من هذا النوع في إسبانيا، قبل أن تتبعها أحكام بلد الوليد في العام التالي.
ولعل أكثر المشاهد صدمة على الإطلاق كانت في يناير/كانون الثاني 2023 حين عُلقت دمية مشنوقة ترتدي قميص فينيسيوس على جسر بالقرب من المدينة الرياضية لريال مدريد، في فعل ارتبط بمجموعة متطرفة من جماهير أتلتيكو.
وبعد تحقيقات استمرت طويلًا، أصدرت المحكمة في يونيو 2025 أحكامًا بالسجن ما بين 14 و22 شهرًا بحق أربعة أشخاص، مع منعهم من دخول الملاعب لسنوات ودفع غرامات وتعويضات.
ورغم أن العدالة بدأت تتحرك بشكل أكثر وضوحًا خلال العامين الأخيرين، فإن شخصية فينيسيوس التنافسية وردود أفعاله الحادة كثيرًا ما تثير الجدل.
اللاعب لا يتردد في الرد على الجماهير سواء بإشارات داخل الملعب أو بتصريحات حادة خارجه، وهو ما يضيف طبقة جديدة من التوتر إلى كل مباراة يخوضها، كما حدث مؤخرًا في أوفيدو.
هذا التفاعل المستمر يجعل العلاقة بينه وبين جماهير الخصوم معقدة، فهي لا تقتصر على العنصرية وحدها، بل تشمل أيضًا استفزازات متبادلة تضخّمها وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
في النهاية، باتت قضية فينيسيوس مع الجماهير الإسبانية تعكس وجهين مختلفين.
الوجه الأول يتمثل في الانتهاكات العنصرية التي بدأت الدولة أخيرًا في مواجهتها بأحكام قضائية رادعة، وهو تطور مهم لمستقبل كرة القدم الإسبانية.
أما الوجه الآخر فيتعلق بشخصية اللاعب نفسه، التي تدفعه إلى الرد والغضب سريعًا، لتظل العلاقة بينه وبين جماهير الخصوم ساحة صراع مفتوحة وبلا نهاية حتى الآن.