كتب- محمد عبدالهادي:
في واحدة من أغرب وأجمل القصص التي ربطت كرة القدم بتاريخ مصر الوطني، شهد يوم 6 أكتوبر 1973 مباراة لن تُنسى بين غزل المحلة والطيران ضمن منافسات الدوري المصري الممتاز، في نفس التوقيت الذي كانت فيه القوات المسلحة المصرية تعبر قناة السويس وتبدأ أعظم معاركها في العصر الحديث.
بدأت المباراة في تمام الساعة الثانية والنصف ظهرًا على ملعب الترسانة، أي بعد نصف ساعة فقط من انطلاق عمليات العبور. كانت الأجواء طبيعية في البداية، والمدرجات ممتلئة بالجماهير التي جاءت لمتابعة بطل الدوري آنذاك، غزل المحلة، الذي ضم بين صفوفه نخبة من نجوم الكرة المصرية مثل عمر عبد الله، عماشة، عبد الدايم، حنفي هليل، السعيد عبد الجواد وسيد محرز.
لكن مع مرور الدقائق، لاحظ لاعبو المحلة أمرًا غريبًا… جماهيرهم بدأت تهتف بحماس لفريق الطيران المنافس، في مشهد أثار دهشة اللاعبين داخل الملعب. وبين شوطي المباراة، سأل الجميع عن السبب، فجاءت الإجابة التي قلبت أجواء اللقاء رأسًا على عقب:
الجماهير كانت قد سمعت عبر الراديو البيان الرسمي الأول عن بدء الحرب وعبور القوات المصرية لقناة السويس بصوت الإعلاميين حلمي البلك ويحيى عبد العليم، فتعالت الهتافات للنصر ولـ”الطيران” تحيةً لدور القوات الجوية في تنفيذ الضربة الجوية الأولى.
يقول حنفي هليل، نجم غزل المحلة آنذاك:
“كنا نلعب بشكل طبيعي، وفجأة بدأ جمهورنا في الهتاف للطيران والجيش المصري بعد ما سمعوا خبر العبور، الفرحة كانت لا توصف، والملعب كله تحول إلى مظاهرة وطنية.”
ولم تكتمل المباراة، إذ قرر الحكم إيقافها فور تأكيد نبأ بدء الحرب، بعدما سادت الفرحة والدموع أرض الملعب والمدرجات.
أما السيد محرز، أحد نجوم المحلة في السبعينيات، فقد روى أنه طُرد من المباراة في الدقيقة 15 بعد احتكاك مع كابتن فريق الطيران، وعندما كان داخل غرفة الملابس سمع هتافات مدوية فظن أن فريقه سجل هدفًا، ليكتشف أن الجماهير تهتف “الله أكبر.. تحيا مصر!احتفالًا بعبور الجيش القناة.