تلقى برشلونة أنباء مقلقة من معسكر منتخب إسبانيا، بعدما كشفت الفحوصات الطبية عن إصابة لاعبه داني أولمو، الذي اضطر إلى مغادرة تدريبات “لا روخا” بسبب آلام عضلية في ربلة الساق اليسرى.
ووفقًا لبيان رسمي صادر عن الاتحاد الإسباني لكرة القدم، فإن لاعب وسط برشلونة سيغيب عن مباراتي المنتخب المقبلتين أمام جورجيا وبلغاريا، المقرر إقامتهما في إلتشي وبلد الوليد على التوالي، ضمن فترة التوقف الدولي الحالية.
تفاصيل الإصابة وبيان الاتحاد الإسباني
بدأت القصة عندما شعر أولمو بآلام خفيفة في ربلة الساق اليسرى، لكنه قرر المشاركة في حصة تدريبية خفيفة يوم الخميس، كانت مخصصة له بشكل جزئي فقط. غير أن الألم عاد بقوة خلال التدريب، ما دفع الجهاز الطبي للتدخل الفوري وإيقاف اللاعب عن الاستمرار.
أجرى أولمو على الفور فحوصات طبية دقيقة، شملت التصوير بالرنين المغناطيسي، وأظهرت النتائج إصابة عضلية تتطلب الراحة والعلاج خلال الأيام المقبلة.
وأكد الاتحاد الإسباني أن اللاعب سيبقى في مقر المنتخب في “لاس روزاس” بالعاصمة مدريد حتى يوم الجمعة، لتلقي جلسات علاج طبيعي بإشراف أخصائيي العلاج الطبيعي التابعين للمنتخب، قبل أن يعود إلى برشلونة يوم السبت، حيث سيخضع لمزيد من الفحوصات الدقيقة في مقر النادي يوم الإثنين المقبل لتحديد مدى خطورة الإصابة وفترة الغياب المتوقعة.
وأوضح البيان أيضًا أن أولمو وصل إلى معسكر المنتخب يوم الإثنين الماضي وهو يعاني من علامات إرهاق عضلي، وفقًا لتقارير الطاقم الطبي في برشلونة. ورغم تحسن حالته في البداية، إلا أن محاولته المشاركة التدريجية في التدريبات انتهت بانتكاسة جديدة، أجبرته على التوقف مجددًا.
وختم البيان بالتأكيد على أن خدمات برشلونة الطبية أُبلغت رسميًا بتفاصيل إصابة اللاعب، وأن التنسيق قائم بين الطاقمين الطبيين في النادي والمنتخب لضمان متابعة الحالة بأفضل شكل ممكن.
دي لا فوينتي يوضح الموقف
من جانبه، أكد لويس دي لا فوينتي، المدير الفني للمنتخب الإسباني، في المؤتمر الصحفي الذي عقده الجمعة قبل مواجهة جورجيا، أن داني أولمو انسحب من التدريبات بعد شعوره بآلام في ربلة الساق، مشيرًا إلى أن الطاقم الطبي قرر عدم المخاطرة باللاعب.
وقال دي لا فوينتي: “أولمو لاعب مهم جدًا بالنسبة لنا، لكنه شعر بآلام في نفس المنطقة التي كان يعاني منها من قبل، لذا فضلنا أن نكون حذرين. لا نريد خسارته لفترة أطول بسبب استعجال غير ضروري”.
وأضاف المدرب الإسباني أن الجهاز الفني يثق في عودة أولمو قريبًا، خاصة أنه كان في حالة بدنية جيدة خلال الأيام الأولى من المعسكر، لكن تراكم الجهد بعد موسم طويل قد يكون السبب وراء هذه الإصابة العضلية.
قلق في برشلونة
أثارت أنباء إصابة داني أولمو القلق في برشلونة، خصوصًا أن اللاعب عانى منذ بداية الموسم من عدة مشكلات بدنية متكررة حالت دون مشاركته بشكل منتظم مع الفريق.
ويرى أنصار النادي الكتالوني أن غياب أولمو – الذي يُعد من أبرز الصفقات التي أبرمها النادي في صيف 2024 – سيكون مؤثرًا على مشروع المدرب هانز فليك، الذي يعول على اللاعب الإسباني كثيرًا في صناعة اللعب والربط بين الوسط والهجوم.
من المنتظر أن يجري برشلونة فحوصات إضافية يوم الإثنين لتقييم حجم الإصابة وتحديد البرنامج العلاجي المناسب، وسط مخاوف من غيابه عن بعض المباريات المهمة بعد استئناف الليجا.
من “لا ماسيا” إلى زغرب.. بداية مختلفة لمسيرة استثنائية
ولد داني أولمو في مدينة تيراسا الكتالونية عام 1998، وبدأ مسيرته في أكاديمية نادي إسبانيول قبل أن ينتقل إلى أكاديمية “لا ماسيا” التابعة لبرشلونة وهو في التاسعة من عمره.
في “لا ماسيا”، أظهر أولمو منذ صغره موهبة فنية كبيرة وقدرة على اللعب في مراكز متعددة في الثلث الهجومي، لكنه اتخذ في عام 2014 قرارًا جريئًا بمغادرة برشلونة إلى دينامو زغرب الكرواتي وهو في السادسة عشرة فقط، في خطوة غير مألوفة لشاب نشأ في أكاديمية بحجم برشلونة.
كان هذا القرار نقطة تحول في مسيرته، إذ نجح سريعًا في فرض نفسه في صفوف الفريق الأول لدينامو زغرب، ليصبح أحد أبرز نجوم الدوري الكرواتي. ومع مرور الوقت، تحول أولمو إلى قائد فعلي للفريق، وقاده لتحقيق عدة ألقاب محلية في بطولتي الدوري والكأس.
بزوغ النجم في كرواتيا وأوروبا
في عام 2018، تُوّج أولمو بجائزة أفضل لاعب في الدوري الكرواتي، ليؤكد نضجه الفني وقدرته على قيادة فريقه في المواعيد الكبرى. وقد ساهم أداؤه المميز في بطولات أوروبا مع دينامو زغرب في جذب أنظار كشافي الأندية الأوروبية الكبرى.
وجاءت الخطوة الحاسمة التالية في يناير 2020، حين انتقل إلى لايبزيج الألماني مقابل نحو 22 مليون يورو. هناك، وجد نفسه في بيئة تنافسية عالية المستوى، فواصل التطور تحت قيادة المدرب الشاب آنذاك جوليان ناجلسمان.
مع لايبزيج، أصبح أولمو لاعبًا محوريًا بفضل مرونته التكتيكية وقدرته على اللعب في أكثر من مركز، سواء كجناح أيمن أو أيسر، أو كصانع ألعاب خلف المهاجمين. وساهم في وصول الفريق إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2020، كما فاز بكأس ألمانيا عام 2022.
نضج دولي مع “لا روخا”
تزامن تألق أولمو في ألمانيا مع ظهوره الدولي الأول مع المنتخب الإسباني في 2019. ومنذ ذلك الحين، أصبح من العناصر الثابتة في تشكيلة “لا روخا”، حيث شارك في يورو 2020 وساهم بتمريراته وحركته الذكية في بلوغ نصف النهائي، كما لعب في كأس العالم 2022 في قطر.
ويُعد أولمو من اللاعبين القلائل الذين يجمعون بين المهارة والذكاء التكتيكي، إذ يتميز بتسديدات قوية ودقة تمرير عالية، إلى جانب رؤيته الواسعة للملعب.
العودة إلى برشلونة.. حلم البيت الأول
في صيف 2024، وبعد سنوات من التألق الخارجي، عاد أولمو إلى برشلونة في صفقة طال انتظارها من قبل جماهير النادي، التي رأت فيها لمسة من “العودة إلى الجذور”.
بدأ اللاعب موسمه الأول مع الفريق بشكل إيجابي، لكن تكرار الإصابات العضلية أثر على استمراريته. ومع ذلك، لا يزال يُنظر إليه داخل النادي كأحد مفاتيح المستقبل، بفضل شخصيته الهادئة وخبرته الأوروبية الكبيرة.
ويرى كثيرون أن أولمو يمثل مزيجًا بين روح “لا ماسيا” التقليدية وخبرة الاحتكاك بالمدارس الأوروبية المختلفة، وهو ما يجعله قطعة فنية مهمة في مشروع برشلونة الجديد، إذا ما تمكن من التغلب على لعنة الإصابات.
تحدٍ جديد في رحلة مليئة بالمفاجآت
الإصابة الحالية ليست سوى محطة جديدة في مسيرة أولمو التي اتسمت دومًا بالقرارات الجريئة والقدرة على النهوض بعد الصعاب. وبينما يترقب جمهور برشلونة نتائج الفحوصات، يبقى الأمل في أن تكون هذه الوعكة عابرة، وأن يعود اللاعب سريعًا إلى الملاعب ليكمل فصلاً جديدًا من قصته مع النادي الذي خرج منه طفلًا وعاد إليه نجمًا ناضجًا.