لم تزعزع الهزيمة القاسية لريال مدريد بنتيجة (2-5) أمام مضيفه أتلتيكو مدريد، كل ما بناه الفريق الملكي بقيادة المدرب تشابي ألونسو حتى ذلك اليوم.
ولم ينج من التحليلات القاسية بعد الخسارة الأولى في الموسم، سوى كيليان مبابي وأردا جولر، حتى أن بعض الأصوات أصرت على توجيه الانتقادات إلى مستوى الحارس البلجيكي تيبو كورتوا.
ووفقاً لصحيفة “ماركا“، فقد جاء رد كورتوا سريعا على الانتقادات أمام فياريال، حين أضاف إلى سجله، واحدة من التصديات الخالدة التي يضمها “متحف” إنجازاته الشخصية.
وأشارت إلى أنه في الدقيقة 41، كان ريال مدريد يفرض سيطرته على فياريال، دون أن يتمكن من هز شباك أرناو تيناس، رغم فرصتين ثمينتين أضاعهما تشواميني وماستانتونو، لكن حينها مرر موليرو كرة رائعة في عمق الدفاع إلى المهاجم أولواسيي، الذي انطلق بسرعة كبيرة.
المهاجم النيجيري الذي يمثل منتخب كندا، تجاوز ميليتاو وكاريراس، وواجه كورتوا وجهاً لوجه في وضع مثالي للتسجيل، وكان كل شيء في صالحه باستثناء العقبة الأخيرة، حارس ريال مدريد، وقلص كورتوا المسافات، لكن المهاجم احتفظ بالأفضلية.
وسدد أولواسيي، الكرة منخفضة، غير أن كورتوا ارتمى أرضًا بسرعة مذهلة، ومد ذراعه اليسرى ليحرم فياريال من هدف محقق.
وكانت تصدية استثنائية بكل المقاييس، بسبب تفوق المهاجم، وصعوبة رد الفعل لحارس طوله يقارب المترين، والأهم أنها جاءت مجدداً في لحظة كان التعادل السلبي مسيطراً فيها.
Getty Images
وأوضحت الصحيفة أن قائمة المباريات التي جاء فيها الهدف الأول لريال مدريد بعد تصد حاسم من كورتوا، طويلة جداً، ويتصدر هذه القائمة، نهائي دوري أبطال أوروبا 2022، وكذلك نهائي 2024.
وذكرت أن أمام ليفربول، لم يكن تصديا واحدا، بل مجموعة من الإنقاذات المذهلة التي ألهمت المدرب يورجن كلوب، ليقول عبارته الشهيرة “اللعين كورتوا”.
وفي النهائي ضد بوروسيا دورتموند، حرم الحارس البلجيكي، سابيتزر وأديمي من التسجيل بعد تصديين رائعين لتسديدتين كانتا في طريقهما للشباك في ظروف عادية.
كما صنع كورتوا، معجزة أخرى أمام دورتموتد في مونديال الأندية 2025، حين أنقذ تسديدة في الثواني الأخيرة من اللقاء، مانحاً ريال مدريد، بطاقة التأهل دون الحاجة إلى خوض وقت إضافي.
ولا تقل قيمة كورتوا في حسم النقاط والمباريات لصالح ريال مدريد، عن قيمة نجوم الهجوم، حيث أن القائمة التي تضم المباريات التي بدأ فيها الفريق، طريق الانتصار، بعد تصدٍ حاسم من الحارس البلجيكي أثناء التعادل السلبي، تكاد لا تُحصى، فكورتوا يمثل ركيزة لا تقبل الشك أو الجدل.
صحيح أن بعض المباريات، مثل مواجهة باريس سان جيرمان في مونديال الأندية، لم تنتهِ بمعجزة من كورتوا، إلا أن الغالبية العظمى منها شهدت لحظات إنقاذه المذهلة التي تمهد لانتصارات ريال مدريد. وآخر مثال على ذلك كان أمام فياريال، حين كان أولواسيي آخر من اصطدم بـ “جدار كورتوا”.
EPA
بدايات كورتوا مع ريال مدريد
انضم كورتوا إلى ريال مدريد في صيف عام 2018، بعد رحلة ناجحة مع نادي تشيلسي الإنجليزي، جعلته أحد أبرز حراس المرمى في أوروبا.
وجاءت الصفقة بعد فترة طويلة من المفاوضات بين الناديين، إذ كان كورتوا يضغط من أجل الانتقال إلى العاصمة الإسبانية ليكون قريباً من عائلته المقيمة في مدريد، حيث تعيش ابنته التي وُلدت خلال فترة لعبه السابقة في أتلتيكو مدريد.
كورتوا كان يعرف مدريد جيداً قبل الانضمام إلى النادي الملكي، إذ تألق بين عامي 2011 و2014 في صفوف أتلتيكو، وحقق معهم لقب الدوري الإسباني، وكأس الملك، والدوري الأوروبي، كما خاض نهائي دوري أبطال أوروبا 2014 أمام ريال مدريد نفسه. تلك التجربة جعلته هدفاً واضحاً للميرنجي بعد رحيل كيلور نافاس عن التشكيلة الأساسية.
وأعلن ريال مدريد، التعاقد مع كورتوا، في صفقة بلغت قيمتها نحو 35 مليون يورو، وهو مبلغ وُصف حينها بأنه صفقة ممتازة بالنظر إلى إمكانيات الحارس البلجيكي.
وبعد توقيعه عقداً يمتد 6 مواسم، تم تقديمه في ملعب سانتياجو برنابيو، وسط حضور جماهيري كبير، حيث عبّر عن حلمه القديم باللعب للنادي الملكي قائلاً “منذ أن كنت طفلاً، كنت أحلم بأن أكون هنا”.
البداية لم تكن سهلة، إذ واجه كورتوا، انتقادات بسبب بعض الأخطاء في موسمه الأول، خصوصاً في ظل مقارنة دائمة مع نافاس، الذي كان يحظى بشعبية كبيرة بين جماهير الفريق.
ومع ذلك، سرعان ما فرض الحارس البلجيكي نفسه، بفضل مستواه الثابت وقدرته على حسم المباريات بتصدياته الحاسمة.
وتغيرت النظرة إليه تمامًا في موسم 2019-2020، حين لعب دورا محوريا في فوز ريال مدريد بلقب الدوري الإسباني، بفضل أرقامه المذهلة في التصديات ونظافة الشباك.
لكن اللحظة الفارقة في مسيرته جاءت في نهائي دوري أبطال أوروبا 2022 أمام ليفربول، حين قدم أداءً خارقاً وصفه كلوب بكلماته الشهيرة، مؤكداً أن كورتوا أصبح جزءاً من تاريخ ريال مدريد الذهبي إلى الأبد.