خطف البرتغالي أوتافيو مونتيرو، لاعب وسط القادسية، الأنظار بقوة خلال مواجهة فريقه أمام أهلي جدة، مساء اليوم الجمعة، في الجولة التاسعة من دوري روشن للمحترفين، رغم خسارة القادسية بنتيجة (1-2) على ملعب “الإنماء”.
وظهر أوتافيو في عدة لقطات جدلية شكّلت محاور الحديث بعد المباراة.
لاعب لا يعرف الهدوء
دخول مباراة للقادسية يعني بالضرورة الاستعداد لمواجهة أوتافيو؛ اللاعب الذي أصبح حالة خاصة في الدوري، ليس لأنه الأفضل فنيًا أو الأكثر تسجيلًا، بل لأنه الأكثر قدرة على التحكم في إيقاع المنافس وجرّه إلى مناطق التوتر.
ويحضر اللاعب بثقة مفرطة، يضغط ويحتج ويضحك، ويحوّل الاحتكاكات البسيطة إلى مواجهات عصبية لا يخرج منها عادة إلا منتصرًا أو على الأقل مستفزًا خصمه.
أوتافيو لا يمارس كرة القدم فقط، بل يخوض مباراة نفسية موازية، يجيد فيها افتعال الضغط، واستغلال تفاصيل صغيرة لكسب بطاقات أو خلق حالة توتر، وهي “مشاغبة محسوبة” أصبحت جزءًا من تكوينه.
وحتى حين يفقد الجميع أعصابهم، يكون هو الأكثر هدوءًا، وكأنه خطط للمشهد منذ البداية.
هذا الأسلوب ليس جديدًا، فقد ظهر به سابقًا مع النصر ودخل في مشادات مع أبرز النجوم، وعلى رأسهم كريم بنزيما.
ورغم شخصيته النارية، يمتلك البرتغالي جانبًا فنيًا مهمًا؛ فهو يستلم تحت الضغط بامتياز ويُحسن التمرير والتنظيم، ما يجعله عنصرًا محوريًا في وسط القادسية.
كأس مرير للأهلي
واعتمد أوتافيو على أسلوبه المعتاد أمام الأهلي، فحوّل وجوده إلى عبء نفسي على لاعبي الخصم. تسبب في طرد زياد الجهني قبل نهاية الشوط الأول بدقائق ليكمل الأهلي المباراة منقوصًا، كما حصل على احتكاكات مؤثرة أسفرت عن إنذارات أبرزها لأتانجانا، وارتكب محمد سليمان ضده مخالفة واضحة انتهت ببطاقة أخرى.
ولم يتوقف تأثيره عند حدود البطاقات، بل نجح في الحصول على أخطاء خطيرة قرب منطقة الجزاء، ليؤكد أن قوته لا تكمن في تمريرة أو مراوغة فقط، بل في تفكيك أعصاب المنافس وتحويل الملعب إلى مساحة تُدار بقوانينه الخاصة.
قيمة كبيرة رغم الجدل
ورغم الجدل الكبير حول سلوكياته في الملعب، يبقى أوتافيو من أهم لاعبي الدوري في مركزه، لما يمتلكه من حضور ذهني وشخصية قادرة على فرض الإيقاع النفسي والفني على الخصم. قليلون هم اللاعبون الذين يجعلون وجودهم عبئًا لا يمكن تجاهله، وأوتافيو من هذه الفئة النادرة.
خروج من النصر… وبداية جديدة
مع بداية الموسم، خرج أوتافيو من حسابات مدرب النصر جورجي جيسوس، الذي فضّل تشكيلًا أكثر هدوءًا وتنظيمًا في وسط الملعب، بعيدًا عن أسلوب الاحتكاك والصراع الذي يجيده اللاعب. ومع رؤية جيسوس الجديدة، أصبح استمرار أوتافيو غير ممكن، ليقرر الرحيل.
انتقاله إلى القادسية بدا للبعض خطوة للخلف، لكنه تحوّل سريعًا إلى انطلاقة جديدة أعادت بريقه وأبرزت قيمته الحقيقية. عاد ليصبح أحد أهم لاعبي الفريق، لاعبًا يضغط ويستفز ويحوّل كل مباراة إلى مواجهة نفسية، وكأنه وجد المساحة التي تناسب شخصيته المشتعلة.
ومع القادسية، يكتب أوتافيو فصلًا جديدًا في الدوري السعودي، فصلًا يعيد رسم حضوره بقوة ولكن هذه المرة بثوب أصفر مختلف.