أثار النجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي جدلًا واسعًا حول مستقبله مع برشلونة بعدما صرح مرتين، الأولى قبل مواجهة كلوب بروج في دوري الأبطال (3-3)، والثانية لدى انضمامه إلى معسكر منتخب بولندا، بأنه “لا يتعجل تجديد عقده” الذي ينتهي في يونيو/حزيران 2026.
صاحب الـ37 عامًا أوضح أنه يفضّل انتظار نهاية الموسم لتقييم حالته البدنية والنفسية قبل اتخاذ القرار، ومع هذه التصريحات، بدأت تظهر على الساحة أسماء أندية مهتمة بخدماته، أبرزها فنربخشة التركي وميلان الإيطالي.
ورغم أن بقاءه في برشلونة يظل احتمالًا قائمًا بفضل مستواه المميز، والذي تجلى في هاتريك رائع أمام سيلتا فيجو (4-2)، فإن عروضًا أخرى قد تعيده للتفكير في المستقبل.
فبحسب تقارير صحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية، تلقى ليفاندوفسكي الصيف الماضي عرضًا خياليًا من السعودية للانضمام إلى أحد عملاقيها، الهلال أو النصر، مقابل نحو 100 مليون يورو، إلا أنه رفض الانتقال آنذاك، كما كشف وكيله بيني زهافي.
وأوضحت الصحيفة، أن فنربخشة استفسر بالفعل عن الشروط التعاقدية للاعب، لكنه لم يتخذ خطوات رسمية بعد حفاظًا على استقرار الفريق، مشيرًا إلى أن العرض المقترح يمتد لعام ونصف، أي حتى يونيو 2027، مع نية بيع المهاجم المغربي يوسف النصيري الذي يحلم بالرحيل إلى الدوري السعودي.
أما في إيطاليا، فقد كشف تقرير عبر شبكة “سكاي سبورتس” أن ميلان يدرس فكرة ضم ليفاندوفسكي الصيف المقبل في صفقة انتقال حر، موضحًا أن المدير الرياضي للنادي إجلي تاري تواصل مؤخرًا مع محيط اللاعب، على أن يعقد اجتماعًا قريبًا مع وكيله لبحث تفاصيل مالية تتناسب مع ميزانية النادي.
ويبدو أن للأسطورة زلاتان إبراهيموفيتش دورًا محوريًا في هذا الملف، إذ يمارس ضغطًا داخليًا قويًا لإتمام الصفقة، مؤمنًا بأن النجم البولندي سيشكل إضافة مثالية للفريق.
ووفقًا للتقارير، فإن ليفاندوفسكي منجذب لفكرة اللعب في الدوري الإيطالي وخوض تجربة جديدة في نادٍ عريق يتيح له الاستمرار في دوري أبطال أوروبا.
اللاعب نفسه أكد بهدوء أنه لا يشعر بأي استعجال، قائلًا: “أنا مرتاح، الأهم الآن هو إحساسي بنفسي في نهاية الموسم. أركز على تسجيل الأهداف ومساعدة الفريق على الفوز بالألقاب”.
أما وكيله بيني زهافي فقد نفى تمامًا ما تردد عن نية المهاجم البولندي اعتزال اللعب قريبًا، مؤكدًا: “طالما هو في حالة بدنية جيدة – وهي كذلك بالفعل – فسيواصل مسيرته”.
أسطورة بولندية سطرت التاريخ في ملاعب أوروبا
يعد روبرت ليفاندوفسكي واحداً من أبرز المهاجمين في تاريخ كرة القدم الحديثة، وصاحب قدرة تهديفية استثنائية جعلت منه أحد أبرز الأسماء على مستوى الأندية والمنتخبات على حد سواء.
وُلد ليفاندوفسكي في 21 أغسطس/آب 1988 بمدينة وارسو البولندية، وبدأ مسيرته الكروية في أكاديمية كرة القدم المحلية، حيث أظهر منذ الصغر موهبة فريدة في تسجيل الأهداف والتفوق في تحركاته داخل منطقة الجزاء.
انطلقت مسيرته الاحترافية مع نادي زنيتش برزج، ثم انتقل إلى ليخ بوزنان البولندي، حيث بدأ يفرض نفسه كلاعب قادر على صناعة الفارق.
مع ليخ بوزنان، ساهم ليفاندوفسكي في تحقيق الفريق للقب الدوري البولندي، ولفت الأنظار بفضل معدلاته التهديفية العالية، مما جعله هدفاً للأندية الأوروبية الكبرى.
وفي صيف 2010، انتقل ليفاندوفسكي إلى بوروسيا دورتموند الألماني، ليبدأ مرحلة جديدة من التألق على الساحة الأوروبية.
تحت قيادة المدرب يورجن كلوب، تطور اللاعب بشكل مذهل، وبرز دوره في تحويل فريقه إلى قوة ضاربة في الدوري الألماني ودوري أبطال أوروبا.
كان ليفاندوفسكي رمزاً للثبات التهديفي، حيث سجل أهدافاً حاسمة في المباريات الكبرى، أبرزها في دوري أبطال أوروبا، وساهم في تتويج دورتموند بلقب البوندسليجا مرتين متتاليتين موسمَي 2010-2011 و2011-2012.
بعد سنوات حافلة بالنجاحات مع دورتموند، انتقل ليفاندوفسكي إلى بايرن ميونخ في صيف 2014، ليواصل رحلة التفوق ويصبح واحداً من أكثر المهاجمين فاعلية في تاريخ النادي البافاري.
خلال فترة تواجده مع بايرن، سجل أكثر من 300 هدف، محققاً أرقاماً قياسية في البوندسليجا، منها كسر الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف في موسم واحد، كما قاد الفريق للتتويج بعدة ألقاب محلية وقارية، أبرزها دوري أبطال أوروبا 2019-2020، حيث كان نجم الفريق الأول في البطولة وسجل أهدافاً حاسمة في الأدوار النهائية.
على الصعيد الدولي، كان ليفاندوفسكي العمود الفقري للمنتخب البولندي. شارك في بطولات كأس العالم وكأس أوروبا، وساهم بشكل مباشر في تأهل بولندا إلى النهائيات عبر تسجيله لأهداف حاسمة، مما جعله الهداف التاريخي للمنتخب البولندي.
خبرته وحضوره القيادي داخل الملعب جعلاه نموذجاً للاعبين الشباب في بولندا وخارجها، فضلاً عن قدرته على اللعب تحت الضغط وتحقيق النتائج في اللحظات الحاسمة.
في صيف 2022، انتقل ليفاندوفسكي إلى برشلونة الإسباني، ليخوض تحدياً جديداً في الدوري الإسباني. على الرغم من اختلاف الأسلوب بين البوندسليجا والليجا، تمكن اللاعب من التأقلم سريعاً وإظهار تأثيره الكبير مع الفريق الكتالوني، مستمراً في كتابة فصول جديدة من مسيرته الحافلة بالأهداف والإنجازات.
تميز ليفاندوفسكي خلال مسيرته بالقدرة على التهديف من جميع الزوايا، القوة البدنية، الذكاء التكتيكي، والقدرة على اللعب كمهاجم صريح، وهذه السمات جعلت منه أسطورة حقيقية، ليس فقط في ألمانيا وبولندا، بل على مستوى أوروبا والعالم، مؤكداً أن الأرقام القياسية والجوائز الفردية ليست سوى انعكاس لموهبته وعمله الجاد طوال مسيرته.