قدم الحارس البلجيكي تيبو كورتوا أداء بطوليا في ملعب “أنفيلد”، لكنه لم يتمكن من منع السقوط المؤلم لريال مدريد أمام ليفربول، في ليلة أثبتت أن معجزاته، مهما كانت باهرة، ليست بلا حدود.
وبرغم تصديات تيبو كورتوا الخرافية، تَصدّع جدار الفريق الملكي دفاعيا، تاركا مدربه تشابي ألونسو في حالة قلق واضحة بعد مواجهة من العيار الثقيل.
ووفقا لصحيفة “آس” الإسبانية، فإن كورتوا كان بمثابة البطل الوحيد في صفوف ريال مدريد، بعدما تألق بشكل لافت وأنقذ مرماه من 8 أهداف محققة بأشكال ومستويات مختلفة، بعضها اقترب من المستحيل. واحدة من أبرز تلك اللحظات كانت في مواجهة فردية مع سوبوسلاي، وصفها الحارس بنفسه قائلا: “كانت هجمة اثنين ضد واحد، وكان قادما وحده. في تلك الحالة، إذا بقيت في المرمى، فهي كأنها ركلة جزاء تقريبا، لذلك قررت أن أخاطر وأخرج. وبما أنني طويل القامة بذراعين طويلتين اندفعت بكل ما أملك. ربما ليس تصديا كلاسيكيا حسب كتب الحراس، لكنه أثمر”.
“نتيجة رحيمة”
وأشارت الصحيفة إلى أن مستوى كورتوا كان رائعا بالفعل، لكنه لم يكن كافيا، لأن الحارس البلجيكي سار وحيدا في المعركة.
وأوضحت أن أليكسيس ماك أليستر كان الوحيد الذي تمكن من هز شباك الحارس البلجيكي، لكن ريال مدريد بأكمله عانى كثيرا في اللقاء.
وقالت الصحيفة: “النتيجة النهائية بدت رحيمة بالنادي الملكي، إذ تقول الأرقام كل شيء: 2.6 هدف متوقّع لليفربول مقابل 0.45 فقط للريال، كما أن الحارس مامارداشفيلي لم يُختبر سوى مرتين، الأولى من بيلينجهام وكانت الأخطر، والثانية من جولر الذي سدد في منتصف المرمى، بينما سدد ليفربول 17 كرة، منها 9 بين القائمين والعارضة، أنقذ كورتوا منها 8، فيما دخلت التاسعة الشباك”.
وأضافت الصحيفة الإسبانية: “هذا الكم من العمل الدفاعي المرهق هو ما يقلق تشابي ألونسو بشدة. فصحيح أن ريال مدريد أظهر تحسنا واضحا على مستوى الصلابة الدفاعية، لكن الفريق لا يزال غير مكتمل، مهما حاول كورتوا إنقاذه من الانهيار”.
وأوضح المدرب الإسباني أن أكثر ما يثير قلقه هو الكرات الثابتة قائلا: “هي أكثر الجوانب التي منحنا فيها الخصم فرصاً. يمكن تفاديها. لقد سببت لنا أذى كبيراً لأننا ارتكبنا أخطاء كثيرة”.
مشكلة مضاعفة
معظم تلك الكرات انتهت بتسديدات، وكثير منها بركلات ركنية خطيرة، حيث تفوق فان دايك وهوجو إيكيتكي على ميليتاو وهويسين.
وأكدت “آس” أن المشكلة تتضاعف في دوري أبطال أوروبا، حيث واصل كورتوا تألقه ليحافظ على سجل رائع رغم كثافة الهجمات ضده. فبعد انتصارات متتالية مليئة بالمواقف الحرجة، مثل مباراة كيرات ألماتي التي بدأت بتصدٍ إعجازي في أول ثوانٍ، أو “التصدي المعجزة” أمام فلاهوفيتش في الفوز على يوفنتوس، والتي وصفها كورتوا بقوله: “كان تصديا مثاليا من الناحية التقنية”، أصبح البلجيكي بمثابة الركيزة الأولى لمشروع ألونسو.
كورتوا، الذي يتقاسم صدارة أكثر الحراس في التصديات بالبطولة مع رولي (رغم أن الأخير لعب مباراة أقل)، أنقذ مرماه من 20 كرة، وتلقى فقط هدفين: من ماك أليستر ووياه (في الفوز 2-1 على مارسيليا).
الخبر السار في ريال مدريد أن هذا الأداء الخارق لم يعد استثناءً، بل أصبح القاعدة، ففي دوري الأبطال، يجبر كورتوا منافسيه على التسديد 10 مرات قبل أن يتمكنوا من هز شباكه، وهو المعدل الأعلى بين كل الحراس الذين تلقوا على الأقل 8 تسديدات.
الموسم الماضي، كان كورتوا أيضا صاحب أكبر عدد من التصديات (52 مقابل 51 لسومر)، وكان يتلقى هدفا كل 2.9 تسديدة، أما الآن، فيحتاج الخصوم إلى 7 تسديدات إضافية لتسجيل هدف واحد.
وأقرت “آس” بأن هذا رقم جنوني، لكنه في الوقت ذاته ناقوس خطر، لأن اللعب بالنار خطر دائم، وفي “أنفيلد”، احترق ريال مدريد بالفعل.
وضع متكرر في الدوري الإسباني
لا يختلف الحال كثيرا في الدوري الإسباني، إذ يواصل كورتوا إنقاذ الفريق في اللحظات الحرجة، حيث ما زال جمهور “البرنابيو” يتذكر تصديه المذهل في المواجهة الفردية مع تاني أولواسيي مهاجم فياريال، أو إنقاذه الصعب أمام كامارا ضد خيتافي، رغم أنه لم يلمس الكرة قبلها طوال اللقاء، إذ جاءت اللحظة في الدقيقة 95:40، والنتيجة تشير إلى 1-0 لصالح الريال، والخصم منقوص العدد إلى تسعة لاعبين، حيث تراخى الفريق، لكن كورتوا كان مستيقظا دائما بتصدٍ مزدوج على خط المرمى أنقذ نقطتين ثمينتين.
واختتمت الصحيفة: “الأهداف تحقق الانتصارات والتصديات كذلك. ومع ذلك، يدرك تشابي ألونسو أنه يجب أن يعتمد أقل على هذا الجوكر، فمهما كان تألق كورتوا خبرا رائعا من بين الأفضل للريال، فإن قلة حاجته للتصدي ستعني الكثير للنادي الملكي. لأن ريال مدريد القوي حقا، هو ذاك الذي لا يحتاج لمعجزات كي ينجو في كل مباراة”.