ريال مدريد يصطاد نجوم المستقبل: من يامال إلى ماستانتونو ووزان
يواصل عملاق الكرة الأوروبية ريال مدريد، تعزيز استراتيجيته الطموحة لاحتضان المواهب الشابة، في محاولة لتكرار تجربة نجوم مثل فينيسيوس جونيور ورودريجو، اللذين انضما إلى الفريق في سن مبكرة وأصبحا من أبرز نجوم العالم.
اليوم، يبدو أن النادي الملكي قد وجه بوصلته نحو مواهب عالمية واعدة، مثل فرانكو ماستانتونو من ريفربليت وعبد الله وزان من أياكس، في خطوة تُشبه البحث عن “لامين يامال الجديد”، النجم الشاب الذي أبهر العالم مع برشلونة.
ويبدو أن فلورينتينو بيريز مستمر في سياسته القائمة على التوقيع مع مواهب شابة، فربما تعوض تلك السياسة عجز الكاستيا عن إفراز مواهب بنفس قوة لا ماسيا، ولعل النادي يعيد صياغة مستقبل كرة القدم من خلال الاستثمار في الشباب.
رحلة البحث عن يامال الجديد
أصبح لامين يامال، النجم البالغ من العمر 17 عامًا، رمزًا لجيل جديد من اللاعبين الذين يقتحمون الملاعب الكبرى في سن مبكرة.
وخلال موسم 2023-2024، كان يامال واحدًا من 11 لاعبًا فقط في الدوريات الخمسة الكبرى الذين لعبوا وهم دون سن 17 عامًا، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “ماركا”.
وفي الموسم التالي، تضاعف هذا العدد إلى 22، مما يعكس تأثير يامال على الأندية الأوروبية للبحث عن مواهب مماثلة.
Getty Images
واستلهم ريال مدريد، الذي يمتلك تاريخًا حافلاً في اكتشاف النجوم الشباب، هذا التحول لتكثيف جهوده في البحث عن الجواهر الخام.
وتتمثل رؤية النادي في استقطاب لاعبين يمتلكون إمكانيات استثنائية، مع التركيز على تطويرهم داخل منظومة النادي، سواء في فريق الرديف “كاستيا” أو من خلال الانتقال التدريجي إلى الفريق الأول.
هذه الاستراتيجية ليست جديدة تمامًا، فقد نجحت مع فينيسيوس ورودريجو، اللذين انضما إلى النادي قادمين من البرازيل وهما في سن 16 و17 عامًا على التوالي.
وبعد فترة تكيف وتطوير، أصبح الثنائي من أفضل اللاعبين في العالم، حيث ساهم فينيسيوس بشكل حاسم في تتويج ريال مدريد بلقبي دوري أبطال أوروبا 2022 و2024، بينما أثبت رودريجو موهبته في لحظات حاسمة، مثل نصف نهائي 2022 ضد مانشستر سيتي.
جوهرة الأرجنتين
Getty Images
أحدث الأسماء التي ارتبطت بريال مدريد هو فرانكو ماستانتونو، النجم البالغ من العمر 17 عامًا من نادي ريفربليت الأرجنتيني.
ووفقًا لوكالة “رويترز”، توصل النادي الملكي إلى اتفاق مع ريفربليت لضم اللاعب مقابل حوالي 40 مليون يورو.
وبرز ماستانتونو، الذي يطلقون عليه في بلاده “موهبة تحدث مرة في كل جيل”، بسرعة منذ ظهوره الأول في يناير/ كانون الثاني 2024، حيث أظهر مهارات استثنائية بقدمه اليسرى ونضجًا ملحوظًا يفوق عمره.
ويتميز ماستانتونو بقدرته على اللعب في مراكز هجومية متعددة، سواء كصانع ألعاب أو جناح أيمن، وسبق وأن برز بهدفه المذهل من ركلة حرة في “سوبر كلاسيكو” ضد بوكا جونيورز، وبات محط أنظار أندية أوروبية عديدة، بما في ذلك باريس سان جيرمان تشيلسي ومانشستر سيتي.
ومع ذلك، تحرك ريال مدريد بسرعة لتأمين خدماته، مع شرط يسمح لريفربليت بالاحتفاظ به حتى ديسمبر/ كانون الأول 2025 للمشاركة في كأس ليبرتادوريس وربما كأس العالم للأندية.
موهبة المغرب
على الجانب الآخر، يبرز عبد الله وزان، لاعب أياكس البالغ من العمر 16 عامًا، كجزء من استراتيجية ريال مدريد لاستقطاب المواهب من أكاديميات أوروبية مرموقة.
ولفت وزان، وهو لاعب وسط متعدد الاستخدامات من أصول مغربية، الأنظار خلال كأس الأمم الأفريقية للناشئين تحت 17 عامًا، حيث قاد المغرب للفوز باللقب وحصل على جائزة أفضل لاعب في البطولة.
ورغم مشاركته في 4 مباريات فقط مع فريق أياكس تحت 19 عامًا، إلا أن تسجيله 3 أهداف في 90 دقيقة يعكس إمكانياته الهائلة.
ووفقًا لتقارير “ESPN هولندا”، تحرك ريال مدريد بسرعة لضم وزان، متغلبًا على محاولات أياكس للاحتفاظ به، بما في ذلك تدخل مباشر من المدرب جون هيتينجا.
ووقع اللاعب الشاب عقدًا لمدة 3 سنوات مع ريال مدريد، حيث سينضم إلى فريق كاستيا للتأقلم مع متطلبات الكرة الإسبانية.
تكرار النجاح
تُظهر صفقتا ماستانتونو ووزان التزام ريال مدريد بتكرار تجربة فينيسيوس ورودريجو، وذلك عندما انضم فينيسيوس من فلامنجو عام 2018 مقابل 45 مليون يورو، كان عمره 16 عامًا فقط.
وواجه اللاعب البرازيلي تحديات في البداية، لكنه تطور ليصبح واحدًا من أفضل الأجنحة في العالم.
وسلك رودريجو، الذي انضم من سانتوس في نفس العام، مسارًا مشابهًا، حيث أثبت قيمته في لحظات حاسمة.
وتظهر هذه التجارب قدرة ريال مدريد على صقل المواهب الشابة من خلال بيئة تنافسية وأكاديمية متطورة، ويمثل الثنائي ماستانتونو ووزان، بإمكانياتهما الفريدة، استثمارًا طويل الأمد قد يؤتي ثماره بنفس الطريقة.
ويعتمد النادي على فريق كشافة عالمي، بالإضافة إلى رؤية إدارية واضحة بقيادة فلورنتينو بيريز، لضمان اختيار اللاعبين المناسبين.
تحديات وتوقعات
رغم التفاؤل، فإن استقطاب المواهب الشابة ينطوي على مخاطر، لأن لاعبين مثل ماستانتونو ووزان سيواجهون ضغوطًا هائلة للتأقلم مع بيئة ريال مدريد، حيث التوقعات مرتفعة دائمًا.
ويتطلب الانتقال من الأرجنتين أو هولندا إلى إسبانيا تكيفًا ثقافيًا ورياضيًا، بالإضافة إلى الصبر من الجماهير والإدارة، ومع ذلك، فإن سجل النادي في تطوير الشباب، كما يتضح من نجاح فينيسيوس ورودريجو، يمنح الأمل في أن هذه الاستثمارات ستؤتي ثمارها.
ويحاول ريال مدريد أن يعيد كتابة قواعد اكتشاف المواهب، من خلال صفقتي ماستانتونو ووزان، مستلهمًا من تألق لامين يامال وتجاربه الناجحة مع فينيسيوس ورودريجو، وربما أيضا أردا جولر، وقد نشهد قريبًا جيلًا جديدًا من النجوم يحملون شعار الملكي إلى آفاق جديدة تحت قيادة تشابي ألونسو.