من رونالدو إلى كانتي وفابينيو.. الأجندة الدولية تفسد الاغتيالات الأوروبية

BySayed

نوفمبر 10, 2025


في كرة القدم، لا تنتهي الحكايات، حين يظن الناس أنها وصلت إلى خاتمتها، فأحيانًا تبدأ الفصول الجديدة، في الوقت الذي توقع فيه الجميع، النهاية. 

هناك من قال إن الانتقال إلى الدوري السعودي، هو الممر الأخير قبل الاعتزال، لكن الأحداث في موسم تلو الآخر جاءت لتكسر تلك الصورة تمامًا.

في وقت كانت فيه أصوات التشكيك تأتي من محللين ومدربين وأسماء ثقيلة في كرة القدم العالمية، جاء الرد مجددًا من داخل المستطيل الأخضر، لينصر التجربة السعودية أمام الطعنات الأوروبية.

انتقادات أوروبية

منذ اللحظة الأولى التي بدأ فيها المشروع السعودي لكرة القدم، يغيّر قواعد السوق ويخطف الأنظار، انهالت الانتقادات من أوروبا كالأمطار في ليلة شتوية غاضبة، حيث بدا وكأن الكثيرين هناك لم يتقبلوا فكرة أن الشرق قد قرر أن يلعب اللعبة بطريقته الخاصة.

المدرب الألماني الكبير يورجن كلوب، خرج غاضبًا يصف المشهد بأنه “يهدد توازن اللعبة”، فيما اعتبر الأسطورة والمدير الفني الهولندي رونالد كومان أن “اللاعبين الذين يذهبون إلى السعودية ينتهون دوليًا”، وكأنّ الرحيل إلى هناك هو تذكرة باتجاه واحد نحو النسيان. 

أما النجم الألماني المعتزل توني كروس، فذهب أبعد من ذلك، حين وصف الانتقال إلى الدوري السعودي بأنه “قرار ضد كرة القدم”، وفجر ضجة لم تهدأ طويلًا.

وكانت تلك الأصوات، تمثل ما يشبه الجبهة الأوروبية الرافضة، التي رأت في الطفرة السعودية، تهديدًا لاحتكارها الطويل للمواهب والأضواء.

لكن الواقع، كعادته، كان أكثر تعقيدًا مما تخيلوا؛ فالملاعب السعودية لم تكن مقابر للنجوم كما توهم البعض، بل محطات ولادة جديدة لمن ظنّ الجميع أنهم وصلوا إلى نهاية الحكاية.

توهج سعودي

جاء الرد السعودي كالبرق على الانتقادات الأوروبية، حيث أثبت صناع القرار في موسم تلو الآخر، قدرتهم على صناعة الحدث، عبر ملاعب متطورة وبيئة تنافسية وقاعدة جماهيرية كبرى، وهو ما دفع جميع اللاعبين لتقديم ما لديهم.

وما يحدث في موسم تلو الآخر في السعودية ليس صدفة، بل تحوّل حقيقي في المفهوم الكروي العالمي، فمن كان يعتقد أن لاعبين ظنّ الكثيرون أن زمنهم انتهى، ومن الصعب عليهم العودة لتمثيل منتخباتهم الأوروبية، لكن الواقع كان مختلفًا.

الدوري السعودي، الذي وُصف في البداية، بأنه محطة “ما بعد المجد”، أصبح اليوم مصدرًا لتجديد الحياة في أوعية اللاعبين الدوليين.

وهناك بعض النجوم الذين نجحوا في استعادة لياقتهم، ووجدوا بيئة تنافسية تجمع بين الحماس الجماهيري والتحدي الفني العالي.

ووسط كل ذلك، يجب الحديث على ثنائي اتحاد جدة، المتمثل في الفرنسي نجولو كانتي والبرازيلي فابينيو، فهما أبرز مثالين على هذا التحول؛ لاعبان عادا من الظل إلى الضوء، ومن الغياب إلى الدعوة الدولية من جديد، ليؤكدا أن الاحتراف في السعودية لا يُقصي أحدًا عن العالمية، بل قد يفتح أبوابها من جديد.

كانتي

عودة من جديد

الرد لم يأتِ من البيانات أو التصريحات، بل من الميدان نفسه.. من العشب الأخضر، حيث تتكلم الكرة فقط، وحيث الصمت يصبح أبلغ من ألف جدال.

كانتي، الذي قالوا إنه ذهب إلى الاتحاد ليختم مسيرته، عاد مجددًا إلى قائمة منتخب فرنسا بعد أداء مذهل في وسط الميدان، بثباته المعتاد وروحه المقاتلة التي لم تخمد. 

وتحوّل كانتي، من لاعب يظنّه البعض في نهاية الطريق، إلى قائد يفرض نفسه مجددًا بين نخبة العالم.

المثير في الأمر، أنها لم تكن المرة الأولى التي لم يتم استدعاؤه لفرنسا من صفوف الاتحاد، حيث سبق وأن فاجأ المدرب الفرنسي ديدييه ديشامب، الجميع، بضمه في بطولة كأس الأمم الأوروبية الأخيرة.

وبالفعل استطاع كانتي، أن يقدم مستويات مذهلة، إذ حصد جائزة رجل المباراة في مباراتين من أصل 3 بدور المجموعات، وساهم في وصول بلاده للدور نصف النهائي.

وبالقرب منه، في الجهة ذاتها من جدة، أعاد فابينيو، اكتشاف نفسه مع الاتحاد، عائدًا إلى قائمة البرازيل بعد غياب دام 3 سنوات تقريبًا.

Al Ahli SFC v Al Ittihad - Saudi Pro LeagueGetty Images

فابينيو استعاد مستواه الدفاعي المميز، وقدرته على قراءة الملعب بذكاء يحسد عليه، فهو لم يكن مجرد لاعب في تجربة مالية كما اتُّهم المشروع السعودي، بل نموذجًا على أن الاحتراف الحقيقي لا تحدّه الجغرافيا.

وكان الثنائي أحد أهم العناصر التي قادت الاتحاد في الموسم الماضي، لتحقيق لقبي الدوري وكأس الملك معًا، للمرة الأولى منذ بداية عصر الاحتراف في الملاعب السعودية.

انفجار رونالدو

هناك أيضًا الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو، قائد النصر الذي لا يزال رغم كل الأعوام والألقاب، يكتب فصولًا جديدة من الحكاية، عبر أهدافه الغزيرة التي جعلت من اسمه، مرادفًا للعزيمة التي لا تعرف أفولًا، ورسالة صريحة للعالم بأن الدوري السعودي ليس محطة نهاية، بل بداية تحديات جديدة.

وواصل رونالدو، رحلته الذهبية مع المنتخب البرتغالي، رغم انضمامه للنصر في يناير/كانون ثان 2023، حيث قاد بلاده لتحقيق لقب دوري أمم أوروبا، بالإضافة لاستمراره في التسجيل والتربع على عرش قائمة هدافي المنتخبات تاريخيًا.

إضافة إلى ذلك، فإن البرتغال تعول على قدراته رغم تجاوز 40 عامًا، في تحقيق لقب كأس العالم خلال رحلته الدولية الأخيرة.

كل هذا يثبت نجاح التجربة السعودية، وتفوقها على الانتقادات الأوروبية التي كان هدفها الأول، كسر الطموحات والرغبة الخضراء في صناعة المجد ومقارعة الكبار.

كريستيانو رونالدوAFP

أجندة نارية

في نوفمبر/تشرين ثان 2025، تتجه أنظار العالم مجددًا إلى المنتخبات، حيث تُفتح صفحات جديدة من التصفيات والوديات الدولية، لكن هذه المرة بنكهة سعودية واضحة؛ فنجوم الدوري السعودي باتوا حاضرين في كل مكان، من أوروبا إلى أمريكا الجنوبية، وحتى في قلب المنتخب الأخضر نفسه.

في أوروبا، تحديدًا في باريس وكييف، يستعد منتخب فرنسا لخوض محطتين مصيريتين في طريقه إلى كأس العالم 2026.

الموعد الأول سيكون أمام أوكرانيا، مباراة تحمل كل ملامح التحدي، إذ يحتاج الديوك إلى فوز يؤكد صدارة المجموعة ويقرّبهم أكثر من بطاقة التأهل المباشر. 

وبعدها بأيام، سيواجهون أذربيجان في لقاء لا يقل أهمية، خصوصًا بعد عودة بعض الأسماء التي كانت بعيدة عن المشهد لفترة طويلة.

أما في الجانب الآخر من العالم، منتخب البرازيل يستعد لخوض محطتين وديتين بطابع عالمي، حيث سيلعب ضد السنغال في لندن، ثم تونس بمدنية ليل الفرنسية.

ورغم أنها مباريات ودية، إلا أنها تحمل أهمية كبرى للمدرب كارلو أنشيلوتي، الذي يسعى لاختبار وجوه جديدة وإعادة تقييم لاعبين استعادوا بريقهم مؤخرًا، من بينهم فابينيو.

وفي الجهة الثالثة من المشهد، هناك المنتخب السعودي الذي يدخل تجمعه الجديد في التوقف الدولي بين 10 و18 نوفمبر/تشرين ثان، استعدادًا لاستحقاقات قادمة في تصفيات كأس العالم وكأس آسيا.

المدرب الفرنسي هيرفي رينارد، سيستغل الفترة، لإجراء اختبارات على عناصر شابة بجانب الركائز الأساسية مثل سالم الدوسري، في محاولة للمزج بين الخبرة والطموح.

ورغم أن التفاصيل النهائية للمباريات لم تُعلن بشكل رسمي بعد، فإن التوقف يُعد فرصة مهمة لاستمرار النسق العالي للاعبين المحليين الذين يعيشون موسمًا مزدحمًا بالمنافسات المحلية والقارية.

وفي المجمل، يبدو الشهر الجاري، أكثر من مجرد فترة توقف دولي؛ إنه مسرح جديد لإثبات فكرة قديمة، أن من يملك الشغف والانضباط، يمكنه أن يتألق أينما لعب، وأن النجوم الذين اختاروا الدوري السعودي وجدوا فيه حياة جديدة، لا محطة وداع.



المصدر – كوورة

By Sayed