في كرة القدم الحديثة، لم تعد القرارات الكبرى تُتخذ بدافع الحدس أو الكاريزما، بل تُبنى على العلم والتحليل والبيانات. ومع ذلك، ما زال مانشستر يونايتد يثبت بين حينٍ وآخر أنه يعيش في حقبةٍ مختلفة عن منافسيه.
أحدث مثالٍ على ذلك كان عندما رفض ليفربول التعاقد مع روبن أموريم، المدرب البرتغالي الواعد، استنادًا إلى تحليلٍ دقيق للبيانات، بينما سار يونايتد في الاتجاه المعاكس تمامًا، مدفوعًا بالشخصية والقصص الجذابة أكثر من المنطق والأرقام.
من بين جميع العوامل التي تشرح الفجوة المتزايدة بين الناديين، لا شيء يوضحها بقدر اختلاف فلسفتهما في اختيار المدربين.
في ليفربول، جاء قرار التعاقد مع آرني سلوت بعد دراسةٍ مطوّلة أجراها فريق من علماء البيانات بقيادة الفيزيائي الأمريكي ويل سبيرمان، وهو خريج جامعة هارفارد ويشغل منصب “كبير علماء البيانات” في النادي. بينما في مانشستر يونايتد، كان القرار مدفوعًا بالانبهار بشخصية أموريم وحكايته الملهمة أكثر من أي تحليلٍ منهجي لمدى توافقه مع هوية الفريق.
يونايتد، كما يراه كثيرون، يحب القصص الجميلة. وقد كانت قصة أموريم مثالية لنادٍ تائه يبحث عن بطلٍ جديد: مدرب شاب أعاد الحياة لسبورتينج لشبونة وقاده إلى لقبٍ غائب منذ 19 عامًا. بدا الأمر كما لو أن السير جيم راتكليف وعمر برادة، صانعي القرار الرئيسيين في النادي، رأيا في أموريم مزيجًا من ميكيل أرتيتا وبيب جوارديولا — شغف الشباب، مع بريق الكاريزما.
محادثة قهوة وقرار مصيري
تحدث راتكليف مرارًا عن إعجابه بأموريم، واصفًا إياه بأنه “ذكي ومدروس”. روى أيضًا بفخرٍ لقاءً جمعهما على فنجان قهوة في ملعب كارينجتون التدريبي، حيث قال له أموريم ممازحًا بعد نقاشٍ حول أخطاء الفريق: “طلبت مني أن أذهب إلى الجحيم!”. بالنسبة لراتكليف، كانت تلك الجرأة دليلاً على شخصية قوية. لكن بالنسبة للمحللين، كانت علامة على قرار عاطفي أكثر منه مهني.
ما غاب عن تفكير إدارة يونايتد هو أحد أهم تفاصيل مسيرة أموريم التدريبية: إصراره الصارم على اللعب بخطة 3-4-3.
في المقابل، رأى ليفربول أن هذا الثبات التكتيكي علامة خطر لا يمكن تجاهلها. فقد أظهرت تحليلاتهم أن فلسفة أموريم لن تنسجم مع البنية التكتيكية للفريق الذي صُمم بعناية لأسلوب يعتمد على أربعة مدافعين.
لذلك تراجع النادي عن الفكرة، ووجّه بوصلته نحو آرني سلوت، مدرب فينورد، الذي أظهرت بيانات الفريق أنه الأكثر تشابهًا مع أسلوب كلوب من حيث التوزيع الهجومي، الضغط، وتمركز اللاعبين.