تتجه الأنظار إلى المواجهة المنتظرة بين تشيلسي وبنفيكا في الجولة الثانية من الدور الأول بدوري أبطال أوروبا، بعد غدٍ الثلاثاء، ليس فقط لأنها تجمع بين فريقين كبيرين، بل لأنها تحمل طابعًا خاصًا بوجود البرتغالي جوزيه مورينيو على رأس الجهاز الفني للفريق البرتغالي.
المدرب المخضرم الذي صنع تاريخًا بارزًا مع تشيلسي في فترتين مختلفتين، يجد نفسه هذه المرة خصمًا للنادي اللندني الذي ارتبط اسمه به لسنوات طويلة.
مورينيو يعرف أجواء ملعب ستامفورد بريدج جيدًا، ويعرف أيضًا نقاط قوة وضعف الفريق الأزرق، وهو ما يمنح المواجهة نكهة خاصة، خصوصًا أن بنفيكا يدخل اللقاء بطموحات كبيرة لمواصلة مشواره الأوروبي وإثبات قدرته على مقارعة الكبار تحت قيادة “السبيشال وان”.
وتولى مورينيو تدريب بنفيكا منذ أيام بعد رحيله عن فنربخشة، ويستعد مجددًا لخوض ليالي الأبطال بعد غياب سنوات، والبداية ستكون أمام فريقه القديم تشيلسي.
وتراجعت مسيرة مورينيو التدريبية كثيرًا خلال السنوات الأخيرة، فبعد مانشستر يونايتد ذهب إلى توتنهام ثم روما ثم فنربخشة، قبل أن يبدأ تحديًا جديدًا مع بنفيكا.
الحقبة الذهبية لتشيلسي مع مورينيو
حين تولى مورينيو قيادة تشيلسي لأول مرة في صيف 2004، أحدث ثورة حقيقية في الفريق. في موسمه الأول حصد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى منذ خمسين عامًا تقريبًا، وكرر الإنجاز في الموسم التالي ليؤكد أن نجاحه لم يكن صدفة.
لم يقتصر الأمر على الدوري، بل قاد الفريق للتتويج بكأس الرابطة الإنجليزية وكأس الاتحاد الإنجليزي، بالإضافة إلى الدرع الخيرية.
خلال فترته الثانية بين عامي 2013 و2015، عاد مورينيو ليمنح تشيلسي لقب البريميرليج مرة أخرى في موسم 2014-2015 إضافة إلى كأس الرابطة. بذلك أصبح البرتغالي أكثر مدرب جلب ألقاب الدوري للنادي في العصر الحديث، حيث جمع ثلاثة ألقاب بريميرليج، وهو ما جعل اسمه محفورًا في تاريخ البلوز.
أرقام مورينيو ضد تشيلسي
واجه مورينيو تشيلسي في أكثر من مناسبة مع فرق مختلفة، وأبرز أرقامه كانت كالآتي:
– مع إنتر ميلان: لعب مباراتين في دوري أبطال أوروبا موسم 2009/2010، فاز بهما (2-1 و1-0) ليقصي تشيلسي من دور الـ16.
– مع مانشستر يونايتد: في الدوري الإنجليزي لعب 5 مباريات ضد تشيلسي، حقق انتصارين وتعادلًا واحدًا وخسر مرتين. من أبرز انتصاراته الفوز 2-1 عام 2018، بينما من أثقل هزائمه الخسارة 4-0 في ستامفورد بريدج عام 2016.
– مع توتنهام: واجه تشيلسي في 4 مباريات رسمية، خسر 3 مرات وفاز مرة واحدة فقط.
إجمالاً، سجل مورينيو ضد تشيلسي متباين، حيث حقق انتصارات أوروبية كبيرة مع إنتر، بجانب لحظات صعبة مع مانشستر يونايتد وتوتنهام. لكن المؤكد أن مواجهاته مع البلوز دائمًا ما تكون مليئة بالرمزية والتاريخ المشترك.
تشيلسي في أزمة
يدخل تشيلسي المباراة وهو يمر بفترة صعبة للغاية على المستوى المحلي والأوروبي. الفريق خسر آخر مباراتين له في الدوري الإنجليزي الممتاز، أمام مانشستر يونايتد وبرايتون، وقبلهما التعادل مع برينتفورد.
هذا الأمر وضع مدرب البلوز إنزو ماريسكا تحت ضغط متزايد، خصوصًا أن الأداء لم يكن مقنعًا. الهزيمتان كشفتا عن مشاكل في التنظيم الدفاعي وغياب الفاعلية الهجومية، وهو ما جعل الفريق يتراجع في جدول الترتيب ويبتعد عن مراكز المقدمة.
ولم تتوقف المعاناة عند البريميرليج فقط، إذ تلقى الفريق ضربة موجعة بخسارته أمام بايرن ميونخ في البطولة الأوروبية، لتزداد الشكوك حول قدرة البلوز على الذهاب بعيدًا هذا الموسم. هذه النتائج السلبية أعادت للأذهان صورة الفريق غير المستقر الذي يعاني من غياب الهوية الواضحة رغم الاستثمارات الضخمة في سوق الانتقالات.
مورينيو يبحث عن إثبات جديد
في المقابل، يبدو بنفيكا بقيادة مورينيو في حالة معنوية أفضل. الفريق البرتغالي يعتمد على خبرة مدربه الكبيرة في إدارة المباريات الأوروبية، وعلى الانضباط التكتيكي الذي يميزه دائمًا.
مورينيو يعرف أن مواجهة تشيلسي تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة فريقه على مقارعة الكبار، كما أنها بالنسبة له فرصة شخصية لإثبات أنه ما زال قادرًا على ترك بصمته في كرة القدم الأوروبية.
نجاح بنفيكا في استغلال نقاط ضعف تشيلسي الحالية سيكون مفتاحًا لعبور هذه المرحلة. ومع تراجع أداء البلوز، فإن أي خطأ قد يكلف الفريق اللندني الكثير أمام خصم يعرف كيف يعاقب في اللحظات الحرجة.
ما بين الماضي والحاضر
المواجهة بين تشيلسي وبنفيكا ليست مجرد مباراة عادية، بل هي صراع بين تاريخ مشترك وحاضر متباين. مورينيو، الذي صنع أمجاد تشيلسي في الماضي، يقف الآن في صف الخصم، فيما يحاول النادي اللندني استعادة هويته المفقودة وسط تراجع النتائج.
البلوز يحتاجون للفوز لاستعادة الثقة وكسب دفعة معنوية في وقت حساس، بينما يسعى مورينيو لتكرار عادته في إرباك الفرق الكبيرة وتحقيق نتيجة تكتب اسمه مجددًا في سجلات البطولات الأوروبية. في النهاية، ستكون المباراة بمثابة اختبار حقيقي لقدرة تشيلسي على النهوض، ولإصرار مورينيو على إثبات أنه ما زال السبيشال ون.