احتاج المنتخب السعودي إلى مصدر أمان وصخرة قوية في الخط الخلفي لكي يمنحه الطمأنينة من كُرات الغدر التي كان من المُمكن أن تعصف بأحلام التأهل المباشر من دور الملحق الآسيوي إلى نهائيات كأس العالم.
واكتفى منتخب السعودية بالتعادل سلبيا مع نظيره العراقي ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور الملحق، على ملعب الإنماء في جدة، ليستفيد من فارق الأهداف مع العراق بعد فوز كل منهما على إندونيسيا في الجولتين الماضيتين.
لكن أمام أسود الرافدين، كان تمبكتي بمثابة “أسد” في دفاع الأخضر، واستطاع أن يصد الكثير من الهجمات بتدخلات حاسمة في الوقت المناسب، وكان بمثابة حائط صد أمام الحارس المتألق أيضا نواف العقيدي.
وفي مثل هذه المباريات التي لا يكون فيها المنتخب السعودي مطالبا بالفوز بقدر ما يرغب في الحفاظ على النتيجة أطول وقت ممكن، ومن ثم منع المنافس من الوصول لمرماه، فإن دور الدفاع يزداد أهمية، ولا يكون هناك مجالا للخطأ.
أداء ثابت
ربما لم يكن تمبكتي أعلى لاعبي المنتخب السعودي تقييما، إذ تصدر القائمة صالح أبو الشامات بدرجة 8 وفقا لمنصة “سوفا سكور”، بينما حصل مدافع الهلال على درجة 7.3، ليكون بين أعلى اللاعبين تقييما أيضا.
وقام حسان بإبعاد 7 كرات على مدار 90 دقيقة وهو معدل كبير قياسا بأن المنتخب العراقي لم يكن هو المبادر بالهجوم.
كما أن توقيتات تدخلاته كانت حيوية للغاية ومؤثرة في سير المباراة، ومنعت مهند علي مهاجم المنتخب العراقي من أن يكون صاحب خطورة أو لمسة تؤدي إلى هدف.
كذلك فاز بـ 2 من 3 تدخلات أرضية داخل فيها تمبكتي، وأيضا فاز بـ 2 من أصل 4 التحامات هوائية.
واسترد حسان الكرة 5 مرات، ما يعكس تركيزه الشديد على عدم منح أي فرصة أو ثغرة للجانب العراقي لاستغلالها.
وارتكب المدافع السعودي خطأ واحدا فقط، ما يعكس أيضا أن تركيزه ينصب على افتكاك الكرة دون ارتكاب مخالفات.
فرصة مستحقة
وحصل تمبكتي على فرصة مستحقة للعب والتألق سواء مع فريقه الهلال أو منتخب بلاده ليثبت جدواه بالنسبة للفريق، ويكسب ثقة مدربيه.
وعاني تمبكتي من التهميش لبعض الوقت خاصة من جانب المدرب السابق في الهلال جورجي جيسوس، والذي كان لا يثق في قدراته ويرى أنه لا يملك المقومات البدنية التي تساعده على اللعب، لكن اللاعب أحرجه بأداء قتالي ومستوى ثابت منذ نهاية الموسم الماضي، وكذلك مشاركته في بطولة كأس العالم للأندية إلى جانب السنغالي كاليدو كوليبالي.
ويُعد حسان تمبكتي أحد أبرز المدافعين السعوديين في السنوات الأخيرة، ونموذجًا متكاملًا للمدافع العصري الذي يجمع بين القوة البدنية، والصلابة الدفاعية، والقدرة على بناء اللعب من الخلف بثقة وذكاء.
ومنذ انتقاله إلى نادي الهلال، أثبت تمبكتي أنه إضافة نوعية لدفاع الزعيم، سواء على مستوى الأداء الفردي أو التنظيم الجماعي للخط الخلفي.
يتميز تمبكتي بقدرات دفاعية متكاملة، حيث يمتلك قراءة ممتازة للمباريات تجعله دائمًا في الموضع الصحيح للتدخل أو التغطية، إلى جانب سرعة استثنائية تساعده على التعامل مع المهاجمين أصحاب الانطلاقات العالية. كما يتمتع بقدرة كبيرة على استخلاص الكرات دون ارتكاب أخطاء، بفضل توازنه الجسدي ودقته في التوقيت أثناء الالتحامات.
على الصعيد الفني، يُعد تمبكتي من المدافعين القلائل في الكرة السعودية الذين يجيدون بناء الهجمة من الخلف بثقة، إذ يمتلك رؤية مميزة للملعب وقدرة على تمرير الكرة بدقة سواء في المساحات القصيرة أو الطولية نحو الأطراف والمهاجمين.
هذا الجانب يجعله عنصرًا أساسيًا في أسلوب لعب الهلال الذي يعتمد على الاستحواذ والضغط العالي، حيث تبدأ الكثير من الهجمات من أقدام تمبكتي.
أما على مستوى المنتخب السعودي، فقد أصبح تمبكتي أحد الأعمدة الأساسية في تشكيل الأخضر، وزاد حضوره بوجود المدرب هيرفي رينارد، لما يقدمه من استقرار في الخط الخلفي وقيادة واضحة داخل الملعب. يتمتع بشخصية قوية وثقة عالية تجعله قادرًا على تحمل الضغط في المباريات الكبرى، سواء في تصفيات كأس العالم أو البطولات القارية.
ومن أبرز نقاط تميزه أيضًا قدرته على التعامل مع الكرات الهوائية، إذ يُعد من أفضل المدافعين في السعودية في هذا الجانب بفضل تمركزه الجيد وقوته في الارتقاء. كما يملك ميزة التهديف من الكرات الثابتة، حيث يمثل تهديدًا دائمًا في الركلات الركنية والفرص الهوائية داخل منطقة الجزاء.
بشكل عام، يجسد حسان تمبكتي الجيل الجديد من المدافعين السعوديين الذين يجمعون بين الصلابة الدفاعية واللمسة الفنية، ما يجعله ركيزة أساسية في الهلال والمنتخب، وعنصرًا مؤهلًا للعب دور قيادي في مستقبل الكرة السعودية.