يدرس مانشستر يونايتد إقامة مباراة ودية منتصف الموسم في المملكة العربية السعودية، ضمن مساعيه لتعويض الخسائر الكبيرة التي لحقت بخزائنه خلال الفترة الماضية، في خطوة تعكس الأزمة المالية العميقة التي يمر بها النادي الإنجليزي.
وقد تفتح الرحلة إلى السعودية الباب أمام مواجهة مرتقبة مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، لاعب مانشستر يونايتد السابق الذي انتقل إلى النصر السعودي عام 2022، بعد خلافات كبيرة مع الإدارة والمدرب السابق إريك تين هاج.
مواجهة من هذا النوع ستكون أشبه بـ”حدث عالمي”، نظرًا للقيمة التسويقية والجماهيرية لرونالدو في المنطقة، وقد تمنح النادي إيرادات ضخمة يحتاجها بشدة.
وبدأت إدارة الشياطين الحمر محادثات أولية مع عدد من الشركاء التجاريين لرسم الخطوط العريضة لهذه الخطة، بما في ذلك تحديد المواعيد والأندية المحتملة، وفقا لما ذكرته صحيفة “ذا صن” الإنجليزية.
ورغم أن هناك أسماء مطروحة مثل ميلان وإشبيلية ولايبزج ولاتسيو، إلا أن مواجهة رونالدو ستبقى الورقة الأهم وفقا للصحيفة ذاتها.
أزمة مالية خانقة
النادي يعاني منذ سنوات من أزمة ديون خانقة تقترب من 750 مليون جنيه إسترليني، وهو ما جعل المالك الجديد السير جيم راتكليف مضطرًا لاتخاذ إجراءات قاسية، شملت الاستغناء عن نحو 450 موظفًا.
راتكليف نفسه وصف الموقف بأنه “مشكلة كبيرة لا يمكن دفن الرأس في الرمال أمامها”، مؤكدًا أن التغيير مؤلم لكنه ضروري لإنقاذ مستقبل النادي.
وغياب مانشستر يونايتد عن البطولات الأوروبية هذا الموسم شكّل ضربة قوية للنادي، خصوصًا بعد خسارته نهائي الدوري الأوروبي أمام توتنهام في مايو/ أيار الماضي، ما أفقده جائزة مالية ضخمة تصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني.
يضاف إلى ذلك الخروج المبكر من كأس الرابطة الإنجليزية أمام فريق مغمور هو جريمبسي تاون، ما جعل جدول مباريات الفريق أقل ازدحامًا ويتيح له التفكير في تنظيم مباريات ودية لتعويض الفراغ المالي.
يونايتد في مواجهة الأزمة المالية
تاريخيًا، لطالما كان مانشستر يونايتد من أغنى الأندية في العالم، مستفيدًا من شعبيته الجارفة حول العالم، وخصوصًا في آسيا والشرق الأوسط.
لكن تراجع النتائج على أرض الملعب خلال العقد الأخير بعد رحيل السير أليكس فيرجسون العام 2013 انعكس بشكل مباشر على العوائد المالية والتجارية.
وتراجعت قيمة النادي السوقية مقارنة بمنافسين مثل ريال مدريد ومانشستر سيتي وبايرن ميونيخ، الذين استغلوا نجاحاتهم الميدانية لتعزيز مكانتهم الاقتصادية.
وفي الوقت الذي أبرم فيه النادي عقود رعاية بمئات الملايين في العقد الماضي، مثل صفقة “شيفروليه” الشهيرة، فإن انخفاض المشاركة في دوري أبطال أوروبا بشكل متكرر قلّل من جاذبية النادي لدى المستثمرين.
خطط مان يونايتد البديلة
لمن بين الأفكار التي طرحتها الإدارة في الأشهر الماضية إنتاج فيلم وثائقي من نوع “Fly-on-the-wall”، أسوةً بتجارب أندية مثل مانشستر سيتي وآرسنال في منصة “أمازون برايم”، إلا أن المشروع ألغي في اللحظات الأخيرة، ما فوّت على النادي فرصة كسب ملايين إضافية.
وقد يكون البرتغالي روبن أموريم مدرب مانشسر يونايتد، منفتحًا على فكرة الرحلة إلى السعودية، ليس فقط من الجانب المالي، وإنما أيضًا باعتبارها فرصة لإقامة معسكر تدريبي في أجواء دافئة خلال الشتاء، ما قد يساعد اللاعبين على رفع لياقتهم البدنية في فترة مزدحمة بالمباريات في إنجلترا.
إلى جانب الجانب الفني، فإن إقامة مباراة ودية في السعودية ستجذب اهتمامًا جماهيريًا هائلًا، خاصة في ظل الطفرة التي يشهدها الدوري السعودي بعد استقطاب أسماء كبرى مثل رونالدو، كريم بنزيما، نيمار ورياض محرز. وبالنسبة ليونايتد، فإن السوق السعودية والخليجية تمثل رافدًا مهمًا لتعزيز شعبيته عالميًا.
ولا يعتبر مانشستر يونايتد أول نادٍ أوروبي يلجأ إلى مثل هذه الخطط. فقد سبق لأندية مثل برشلونة وريال مدريد أن أقامت مباريات ودية مدفوعة في الشرق الأوسط والولايات المتحدة لتعويض العجز المالي. كما أن فرقًا مثل يوفنتوس وميلان لجأت إلى جولات آسيوية لتعزيز عوائدها في أوقات صعبة.
ورغم كل ذلك، يظل القرار محل جدل بين جماهير يونايتد. البعض يرى أن مثل هذه الخطوات تجارية بحتة وتبتعد عن هوية النادي، بينما يؤكد آخرون أن الأزمة المالية الخانقة لا تترك مجالًا للرفاهية، وأن النادي مضطر للبحث عن أي مصدر دخل للحفاظ على قدرته التنافسية.
وتبقى معرفة رد فعل رونالدو نفسه، في حال تم الاتفاق مع النصر لإجراء مباراة ودية، فهو اللاعب الذي انتقد النادي بشدة في مقابلته الشهيرة مع الصحفي البريطاني بيرس مورجان، قبل تركه مانشستر يونايتد، وهي المقابلة التي أحدثت شرخا كبيرا في العلاقة بين الطرفين.
بيد أن جماهير مانشستر يونايتد في أنحاء العالم كافة، ما تزال تعشق رونالدو الذي قاد الفريق الإنجليزي لإحراز لقبه الأخير في مسابقة دوري أبطال أوروبا العام 2008.