عاش نادي برشلونة أسبوعًا مضطربًا عقب الهزيمتين المتتاليتين أمام باريس سان جيرمان في دوري أبطال أوروبا بنتيجة (1-2)، وإشبيلية في الدوري الإسباني بنتيجة (4-1).
وتجمد رصيد برشلونة في الليجا عند 19 نقطة في وصافة جدول ترتيب الليجا، بفارق نقطتين عن المتصدر والغريم التقليدي ريال مدريد، حيث تجرع الفريق الكتالوني مرارة الهزيمة الأولى له محليًا هذا الموسم.
وبدأ المدرب الألماني هانز فليك عملية مراجعة شاملة داخل جدران المدينة الرياضية “خوان جامبر”، بحثًا عن حلول تعيد للفريق شخصيته المعهودة في الضغط، والتمركز، والفاعلية الهجومية.
فليك، الذي تلقى انتقادات واسعة من الإعلام الكتالوني بسبب تراجع الأداء الجماعي وغياب الانسجام بين الخطوط، يستغل فترة التوقف الدولي لبحث سبل تصحيح المسار، وخرج بجملة من الملاحظات التكتيكية التي قد تغير شكل الفريق في الأسابيع المقبلة.
أبرز هذه الملاحظات تتعلق بمركز رأس الحربة، حيث يفكر المدرب في تجربة ماركوس راشفورد كمهاجم صريح (رقم 9) في محاولة لإعادة الحيوية إلى الخط الأمامي.
لماذا راشفورد؟
المدرب الألماني، وفقًا لصحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية، يرى في راشفورد المواصفات التي افتقدها الفريق في المباريات الأخيرة، مثل: السرعة في التحول، الضغط العالي من الخط الأول، والقدرة على فتح المساحات خلف دفاعات الخصوم.
فليك يعتقد أن المهاجم الإنجليزي يملك المرونة الكافية للعب في العمق، بعد أن ظل لفترة طويلة جناحًا على الجهة اليسرى، حيث يمكنه من هذا الموقع استغلال سرعته للانقضاض على الكرات الثانية واستثمار التمريرات العمودية من لامين يامال أو فيرمين لوبيز.
لكن هذه الفكرة التكتيكية لا يمكن تنفيذها قبل أن يستعيد برشلونة بعض أوراقه الهجومية الأساسية.
فحتى الآن، يعاني الفريق من غياب كل من رافينيا، لامين يامال، وفيرمين بسبب الإصابات، وهم من العناصر التي تشكل القاعدة الهجومية في خطة فليك.
وبحسب التقديرات الطبية، فإن الثلاثي قد يكون جاهزًا للمشاركة ضمن قائمة الفريق في مواجهة جيرونا يوم السبت 18 أكتوبر/تشرين الأول على ملعب “لويس كومبانيس”، في حال سارت عملية التعافي بشكل إيجابي.
خطة التنفيذ التدريجي
وفي حال لم يتمكن هؤلاء من المشاركة بصورة أساسية أمام جيرونا، يخطط فليك لتجربة هذه التركيبة الجديدة في المباراة التالية أمام أولمبياكوس اليوناني يوم 21 أكتوبر في الجولة الثالثة من دوري أبطال أوروبا، وهي مباراة تُعد مثالية لاختبار التشكيلة قبل الكلاسيكو المرتقب ضد ريال مدريد في ملعب سانتياجو برنابيو يوم 26 أكتوبر.
فليك يريد من هذا التغيير أن يعيد لبرشلونة قدرته على الضغط المتقدم من الخط الأمامي، بعدما لاحظ تراجعًا واضحًا في هذا الجانب أمام سان جيرمان وإشبيلية.
ففي المباراة الأولى ضد باريس سان جيرمان، بدا الفريق عاجزًا عن مجاراة التفوق البدني والتكتيكي للفريق الفرنسي، خصوصًا في الشوط الثاني، بينما افتقد الفريق الكتالوني أمام إشبيلية للحدة والانضباط في وسط الميدان منذ الدقائق الأولى.
ويعتقد الطاقم الفني أن استعادة روح الضغط الجماعي هي المفتاح للعودة إلى المسار الصحيح، خاصة أن طريقة فليك تعتمد على دفاع متقدم جدًا ومحاولة جر الخصوم إلى الوقوع في مصيدة التسلل.
وهي الطريقة التي منحت برشلونة النجاح في الموسم الماضي حين توج بثلاثية محلية ووصل إلى نصف نهائي دوري الأبطال.
وضعية ليفاندوفسكي وفيران توريس
التفكير في راشفورد كمهاجم صريح يأتي بعد عدة تجارب لم تحقق النتائج المرجوة. فيران توريس لم ينجح في تقديم الإضافة المطلوبة في هذا المركز، بينما يُخطط فليك لاستخدام روبرت ليفاندوفسكي بشكل جزئي، أي للمشاركة في الشوط الثاني أو في الأوقات التي يحتاج فيها الفريق إلى خبرته في إنهاء الفرص.
يرى المدرب أن الاعتماد الكامل على المهاجم البولندي لم يعد ممكنًا من الناحية البدنية، خاصة مع وتيرة المباريات المرتفعة وضغط البطولات، ولذلك يسعى إلى توزيع الأدوار بين اللاعبين للحفاظ على الجاهزية الجماعية.
العودة إلى الهوية الأصلية
الرسالة التي وجهها فليك إلى لاعبيه خلال الحصص التدريبية الأخيرة كانت واضحة: “علينا أن نستعيد هوية برشلونة في اللعب السريع والضغط من الأمام”.
المدرب الألماني يدرك أن فلسفة النادي لا تُبنى على الدفاع فقط، بل على المبادرة، والسيطرة، والجرأة في التمرير.
لذا، يسعى إلى الموازنة بين الانضباط التكتيكي والحرية الهجومية التي تميز الفريق الكتالوني في أفضل نسخه.
ويأمل فليك أن تكون فترة التوقف الدولي بمثابة محطة لاستعادة الثقة والطاقة الذهنية قبل الدخول في سلسلة مباريات مصيرية ستحدد شكل الموسم.
وفي حال نجحت تجربة راشفورد كمهاجم صريح، فقد يكون هذا التحول هو الخطوة التي ينتظرها برشلونة لإعادة إشعال شرارة الانتصارات، وإثبات أن كبوة الأسابيع الماضية لم تكن سوى سحابة عابرة.