نجح المنتخب المغربي في كسب رهانه الكبير، بالفوز على ضيفه البحريني وديًا (1-0)، اليوم الخميس.
وسجل هدف فوز “أسود الأطلس” المدافع جواد الياميق، في الدقيقة 94، ليعادل المغرب الرقم القياسي العالمي لعدد الانتصارات المتتالية على مستوى المنتخبات، والمسجل باسم إسبانيا بـ15 انتصارًا.
كما شهدت المباراة تجربة عدد من البدلاء، الذين عوضوا الغيابات الأساسية المهمة. واستهل المنتخب المغربي المباراة ضاغطًا، ولم يترك أي مجال لدفاع البحرين لالتقاط الأنفاس، مدعوما بأكثر من 55 ألفًا من مناصريه، الذين هبّوا لدعمه في استاد مولاي عبد الله بالرباط.
دور حكيمي
وتقلد القائد أشرف حكيمي دورًا جديدًا تمثل في صناعة اللعب، رغم كونه ظهيرًا أيمن، وظهر في بداية المباراة بصورة القائد الذي يربط بين الخطوط، وكان منطلقًا لمعظم الهجمات التي توالت بشكل مكثف على منطقة البحرين الدفاعية.
وكان الترقب كبيرًا بخصوص التشكيلة التي سيدفع بها الركراكي، في ظل الغيابات البارزة التي طالت خطوط الفريق، بداية من نصير مزراوي ونايف أكرد في الدفاع، وسفيان أمرابط وعز الدين أوناحي في الوسط والهجوم.
وقد أوكل الركراكي مهمة تعويض مزراوي للاعب الرجاء، يوسف بلعمري، بينما عوّض جواد الياميق، المحترف في الدوري السعودي، غياب نايف أكرد لاعب مارسيليا.
كما كان للأولمبيين بلال الخنوس وعبد الصمد الزلزولي شرف الظهور الرسمي، لتعويض أمرابط وأوناحي في خط الوسط.
ودفع الركراكي كذلك بإسماعيل الصيباري المتألق مع أيندهوفن الهولندي، ونائل العيناوي المحترف في صفوف روما الإيطالي، الذي اختار تمثيل المغرب على حساب فرنسا. وهكذا ظهر خمسة من اللاعبين الذين أحرزوا الميدالية البرونزية، مع المنتخب الأولمبي في أولمبياد باريس، منذ ضربة البداية.
سيطرة مغربية
اشتعلت المباراة بسرعة من جانب المنتخب المغربي، الذي ضغط على دفاع البحرين بانطلاقات متكررة من أشرف حكيمي، الذي مرّر في الدقيقتين 3 و6 كرات خطيرة، لكن الدفاع البحريني وحارسه كانا في الموعد.
وظهر المدافع جواد يميق في الدقيقة 9 بتسديدة مرت جانب المرمى، تلتها في الدقيقة 12 محاولة من إبراهيم دياز، من زاوية شبه مستحيلة، أبعدها الحارس البحريني إلى ركنية.
وواصل منتخب المغرب ضغطه الهجومي، لكن التسرع حال دون ترجمة السيطرة إلى أهداف، كما ظهر في تسديدة أيوب الكعبي السهلة في الدقيقة 25، بعد تمريرة رائعة من أشرف حكيمي، وسط غضب واضح من المدرب وليد الركراكي، الذي طالب لاعبيه بالهدوء أمام المرمى البحريني.
وأمام الاندفاع القوي من لاعبي البحرين، اضطر الحكم التونسي صادق السالمي للتدخل أكثر من مرة لإيقاف اللعب، والتحذير من إمكانية إشهار البطاقات.
صمود الحافلة
نجح المنتخب البحريني في “ركن حافلته” بإتقان، ما اضطر أشرف حكيمي لتجربة حظه بالتسديد من بعيد دون توفيق، بينما كرر الزلزولي المحاولة واصطدمت إحدى تسديداته بالعارضة.
وواصل دفاع البحرين صموده طيلة الشوط الأول، في ظل توتر واضح على ملامح الركراكي، الذي كان مصممًا على تحقيق الانتصار التاريخي لمعادلة رقم إسبانيا.
ومع ذلك، تأثر اللاعبون ذهنيًا، وظهر عليهم التسرع في أكثر من هجمة، لينتهي الشوط الأول بالتعادل السلبي، وسط تراجع في الأداء.
وكما كان متوقعًا، جاء الشوط الثاني بمد هجومي مغربي جديد، لكن التكتل الدفاعي البحريني عقد الأمور. وأشرك الركراكي لاحقًا كلًا من أخوماش والطالبي وبن الصغير، تأكيدًا لرغبته في خوض مغامرة هجومية، انعكست في نسبة استحواذ بلغت 79%، بينما بقي المنتخب البحريني متراجعًا في مناطقه، ولم يتجاوز منتصف الملعب إلا نادرًا.
وأضاع النصيري فرصة سهلة في الدقيقة 89، فيما طالب لاعبو المغرب أكثر من مرة بركلة جزاء، قبل أن يتصدى الحارس لرأسية خطيرة من النصيري، ويُخرج الكرة من على خط المرمى، في الدقيقة 93.
وجاء الحل من حيث لم يتوقع الركراكي، عندما سجل ياميق هدف الفوز القاتل في الدقيقة 94، برأسية قوية إثر ضربة ركنية، مانحًا المغرب انتصارًا قيصريًا ومعادلة تاريخية للرقم الإسباني العالمي.
عصر ذهبي
ويعيش المنتخب المغربي واحدة من أفضل فتراته الكروية، في السنوات الأخيرة، إذ يجمع بين الاستقرار الفني تحت قيادة وليد الركراكي، والعمق الكبير في قائمته التي تضم أسماء بارزة، تنشط في أكبر الأندية الأوروبية.
ويقدم “أسود الأطلس” أداءً متوازنًا بين الصلابة الدفاعية والمرونة الهجومية، ويُنظر إلى المغرب حاليًا كأحد أبرز المرشحين للتتويج بكأس الأمم الإفريقية المقبلة، المقررة على أرضه، خصوصا بعد الصورة المبهرة التي قدمها في مونديال قطر، بوصوله إلى نصف النهائي، وهو إنجاز تاريخي أعاد هيبة الكرة الإفريقية على الساحة العالمية.
ويعتمد المنتخب على روح جماعية وانضباط تكتيكي عالٍ، مما يجعله قادرًا على مواجهة أقوى المنتخبات بثقة كبيرة، وسط طموح جماهيري واسع لإنهاء انتظار دام عقودًا، والتتويج باللقب الإفريقي الغائب منذ عام 1976.