عاد جمهور المنتخب المغربي مجددًا ليساوره الشك، بشأن قدرة منتخبه الأول على تحقيق الرهان الكبير، المتمثل في الظفر ببطولة كأس الأمم الإفريقية على أرضه دون صعوبات، بعد المعاناة المتكررة بلغة الأرقام والإحصاءات التي يعشقها وليد الركراكي، أمام المنتخبات التي تدافع بخطة “الحافلة”.
فقد جاء الانتصار الودي الصعب أمام منتخب البحرين بهدف متأخر، سجله المدافع جواد الياميق في الدقيقة 94، من المباراة التي أُقيمت في العاصمة الرباط أمس الخميس، ليُعيد الهواجس والشكوك من جديد، خصوصًا أن المنتخبات التي سيواجهها “أسود الأطلس” في البطولة الإفريقية، ستلجأ غالبًا إلى نفس الأسلوب الدفاعي القائم على التكتل في الخلف.
وهو التكتيك الذي لم ينجح الركراكي في فك شفرته بنفس الفاعلية، التي يُظهرها عندما يواجه منتخبات قوية تلعب بشكل مفتوح.
وقد تكرر هذا السيناريو في عدة مباريات، حيث دخل المنتخب المغربي العديد من المواجهات مرشحًا فوق العادة على الورق، لكنه وجد نفسه يعاني في الميدان لتحقيق الانتصار، وهو ما قد يشجّع الخصوم على تكرار نفس النهج الدفاعي أمامه في كأس الأمم.
هاجس منتخبات الحافلة
لغة الأرقام تؤكد أن الركراكي يجد صعوبات حقيقية أمام المنتخبات التي تلجأ لأسلوب دفاعي مكثف، مشابه لذلك الذي استخدمه هو نفسه بنجاح في مونديال قطر 2022، عندما واجه منتخبات من طينة بلجيكا وإسبانيا والبرتغال وكرواتيا، وتفوق على معظمها بفضل التنظيم الدفاعي والانضباط التكتيكي.
فقبل مباراة البحرين، التي حسمها المنتخب المغربي في الوقت بدل الضائع، كان الركراكي قد واجه نفس المعضلة في مباراة ودية أمام موريتانيا، بمدينة أكادير قبل عام، وانتهت المواجهة بالتعادل السلبي رغم مشاركة كل نجوم “الأسود”، مع عجز واضح في اختراق الدفاع الموريتاني، ليكون ذلك أول تعادل في تاريخ مواجهات موريتانيا على الأراضي المغربية.
وتكرر السيناريو ذاته ضد الرأس الأخضر بالرباط، وأمام 60 ألف متفرج، وبالتشكيلة نفسها التي تألقت في كأس العالم بقطر.
كما فاز المنتخب المغربي بصعوبة على ليسوتو في تصفيات المونديال، بهدف متأخر لإبراهيم دياز في الدقيقة 93، ثم كرر السيناريو ذاته ضد النيجر، حين انتصر 2-1 بهدف حاسم في الثواني الأخيرة.
ويظهر سجل المباريات أن المنتخب المغربي يحقق نتائج قوية، أمام منتخبات الصف الأول في القارة، لكنه يعاني أمام منتخبات التصنيف الأدنى، إذ واجه صعوبات كبيرة كذلك أمام الكونغو وبوركينافاسو وأنجولا، حيث تتشابه جميعها في أسلوب اللعب الدفاعي المغلق.
الركراكي يترافع عن نفسه
وفي رده على سؤال لموقع “كووورة” حول هذا الوضع، قال وليد الركراكي: “هذا الأمر قد يحدث معنا في الكان، وأنا أفضل أن يحدث في المباريات الودية، حتى نجد الحلول ويستفيق اللاعبون، ويدركوا أنه لا يوجد نصر أو تتويج على الورق”.
وأردف: “التتويج يتطلب الكثير من العرق والتضحيات واحترام الخصوم وعدم استسهالهم.. لقد جربنا نحن أنفسنا خطة ركن الحافلة في المونديال، وقادتنا للمجد كما يعلم الجميع، وأتوقع أن كل من سيواجه المغرب في الكان سيحاول تطبيقها أمامنا”.
وأضاف الركراكي: “لقد سنحت لنا 25 فرصة وسددنا 20 كرة، وتحصلنا على أكثر من 21 ركنية، واستحوذنا بنسبة 80 بالمئة، فماذا يمكن أن نفعل أكثر من ذلك؟ الأمر ارتبط بسوء الحظ والضغط الذهني، ومهمتي أن أساعد اللاعبين على التخلص من هذه الهواجس قبل انطلاق البطولة بمشيئة الله”.
وقال إن المنتخب المغربي أنهى تصفيات الكان والمونديال “بأقوى خط هجوم”، معتبرًا أن “التهويل” غير مبرر، لأن مثل هذه الأمور تحدث لجميع المنتخبات، وسيتم إيجاد حلول لها.
الطوسي والزاكي يدعمانه
من جانبهما، عبّر المدربان السابقان للمنتخب المغربي، رشيد الطوسي وبادو الزاكي، عن دعمهما الكامل لوليد الركراكي، معتبرين أن التركيز المفرط على الأرقام السلبية، قد يُدخل المنتخب في دائرة الشك قبل انطلاق البطولة.
وقال الطوسي في تصريح لـ”كووورة”: “حضرت مباراة البحرين من داخل الاستاد، المنتخب المغربي سيطر كما يجب، لكن الحظ لم يكن معه. الركراكي قام بكل ما يمكن فعله، وحارس البحرين ودفاعه تألقا بشكل لافت، لذلك أنا واثق بأن الركراكي سيستفيد من هذه التجربة، وهو يحتاج فقط للدعم، حتى لا تضيع الثقة التي نحتاجها جميعًا”.
وأضاف الزاكي: “أرقام الركراكي تدافع عنه وتنصفه، وأنا لست مضطرًا للدفاع عنه، لأن سجله في التصفيات يتحدث.. ما تحقق حتى الآن لا يبرر الانتقاد المبالغ فيه، بل يستحق الدعم، خاصة أن الأرقام القياسية التي حققها المنتخب في فترته، تؤكد أنه يسير في الاتجاه الصحيح، نحو المنافسة على اللقب الإفريقي المنتظر”.