حدد الحارس الإسباني خوان جارسيا موعدًا مبدئيًا لعودته إلى الملاعب، بعد الإصابة الخطيرة التي تعرّض لها مؤخرًا، مؤكدًا أن فترة غيابه قد تمتد لنحو شهر آخر قبل أن يكون جاهزًا لاستعادة موقعه بين خشبات مرمى برشلونة.
ووفقًا لصحيفة “سبورت” الكتالونية، يُعد جارسيا أحد أبرز المصابين في صفوف برشلونة تحت قيادة المدرب الألماني هانز فليك، بعدما تعرّض لإصابة قوية في الركبة خلال اللحظات الأخيرة من مواجهة أوفييدو، وهو ما استدعى خضوعه لعملية جراحية دقيقة.
وتأتي إصابة جارسيا في توقيت حساس بالنسبة للنادي الكتالوني الذي يعاني من سلسلة إصابات متتالية، جعلت قائمة الغيابات تضم عددًا من العناصر الأساسية. ويُنظر إلى غياب جارسيا تحديدًا كأحد أبرز الخسائر، نظرًا للثقة التي حصدها سريعًا من الجهاز الفني والجماهير منذ انضمامه في الصيف الماضي.
وخلال فترة التعافي، حرص الحارس الإسباني على الظهور في بعض المناسبات الرياضية والاجتماعية، إذ استغل وقت فراغه لحضور مباراة فريق برشلونة لكرة السلة أمام فالنسيا باسكت في بطولة اليوروليج، التي أقيمت في قاعة “بالاو بلوجرانا”، رفقة زميله المدافع إريك جارسيا.
ويُعرف الثنائي بشغفهما الكبير بلعبة السلة، وقد سمح لهما عدم استدعائهما إلى المنتخب الوطني خلال فترة التوقف الدولي بالحضور من المدرجات لتشجيع الفريق.
وفي حديثه لشبكة “موفيستار بلس” على هامش تلك المباراة، بدا خوان جارسيا متفائلًا بشأن حالته الصحية، قائلاً: “الركبة تسير على ما يرام، كل شيء جيد. أعتقد أنني سأحتاج إلى نحو شهر آخر، وسنرى كيف تتطور الأمور، لكن حتى الآن كل شيء يسير بشكل إيجابي”.
وبحسب هذا التصريح، فإن الحارس الشاب سيغيب على الأرجح عن الكلاسيكو المرتقب أمام ريال مدريد، المقرر في 26 من الشهر الجاري على ملعب سانتياجو برنابيو. وكان برشلونة يأمل في لحاقه بالمواجهة الكبرى، إلا أن تصريحاته الأخيرة تشير إلى أن عودته ستتأجل قليلًا.
وتحدث جارسيا أيضًا عن شغفه بكرة السلة خلال المقابلة ذاتها، موضحًا: “أحب كرة السلة، لكن ليس بقدر إريك، فهو أكثر شغفًا مني. لم أكن يوماً قريبًا من الملعب إلى هذا الحد، وأنا أستمتع كثيرًا بالأجواء”.
من جانبه، عبّر زميله إريك جارسيا عن ولعه الكبير بلعبة السلة، مشيرًا إلى أنه يحرص دائمًا على حضور المباريات عندما تسمح له الظروف. وقال: “أحب مشاهدة كرة السلة كثيرًا، ودائمًا أحاول المجيء عندما أستطيع، فالأجواء هنا رائعة وآمل أن نحقق الفوز”.
وأضاف بابتسامة حين سُئل عن صداقته بلاعب فالنسيا باسكت إسحاق نوجيس: “نعم، أنا صديقه، لكن لا شك في الأمر، أنا برشلوني، لا ألوان أخرى هنا”.
EPA
صفقة من الجار اللدود
يُعد خوان جارسيا أحد الصفقات التي أثارت اهتمامًا واسعًا في الصيف الماضي، بعدما أعلن برشلونة تفعيل الشرط الجزائي في عقده مع إسبانيول، البالغ 25 مليون يورو إضافة إلى نسبة التضخم، ليظفر بخدمات الحارس الواعد في واحدة من أكثر الصفقات حساسية بالنظر إلى العلاقة التاريخية المتوترة بين الناديين الكتالونيين.
ووقّع جارسيا عقدًا طويل الأمد مع برشلونة يمتد حتى 30 يونيو 2031، ليضمن النادي بذلك أحد أهم المواهب الصاعدة في حراسة المرمى الأوروبية.
وُلد خوان جارسيا في مدينة ساينت دي يوبريجات التابعة لإقليم باخيس لوبريغات، ولم يبدأ مسيرته في مركز حراسة المرمى، بل بدأ كلاعب ميداني قبل أن يتأثر بشقيقه الأكبر الذي كان حارسًا، ليقرر اتباع نفس الطريق.
ومن هناك، انطلقت رحلته نحو عالم الاحتراف، متنقلاً بين أندية ساينت ومانريسا ودام، إلى أن التقطه كشافو إسبانيول وهو في الخامسة عشرة من عمره.
وفي صفوف إسبانيول، تألق جارسيا بشكل لافت، وأصبح من العناصر الثابتة في منتخبات إسبانيا للفئات السنية، بداية من منتخب تحت 17 عامًا وحتى منتخب تحت 21 عامًا.
كما توّج بميدالية ذهبية مع المنتخب الأولمبي الإسباني في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024، وهو إنجاز رفع من أسهمه على الساحة الأوروبية.
ورغم أنه لم ينل بعد فرصة الظهور مع المنتخب الإسباني الأول، فإن المراقبين يتوقعون أن تكون هذه الخطوة قريبة، خاصة مع انتقاله إلى برشلونة وتطوره السريع تحت قيادة فليك ومدرب الحراس في النادي.
أما على صعيد مسيرته مع إسبانيول، فقد شارك جارسيا للمرة الأولى مع الفريق الأول في نهاية عام 2021، لكنه لم يصبح الحارس الأساسي إلا في موسم 2023-2024، حين قاد الفريق للبقاء في دوري الدرجة الأولى الإسباني بعد موسم مميز، تصدّر خلاله قائمة حراس الليجا من حيث عدد التصديات (146 تصديًا)، وكان الأكثر منعًا للأهداف المتوقعة وفق الإحصاءات الرسمية.
ذلك الموسم الاستثنائي جعل منه أحد أكثر الحراس المطلوبين في السوق الأوروبية، حيث أبدت أندية كبرى في إنجلترا وألمانيا اهتمامها بضمه، قبل أن ينجح ديكو، المدير الرياضي لبرشلونة، في إقناعه بالانضمام إلى مشروع النادي طويل الأمد، ليُصبح جارسيا صفقة استراتيجية تمثل ضمانة للمستقبل وحلًا آمنًا للحاضر.
إشادة من زميل الخبرة
وفي تطور يعكس مكانته داخل غرفة الملابس الكتالونية، تلقى الحارس الشاب إشادة خاصة من زميله البولندي فويتشيك تشيزني، الذي يُعد الحارس الأساسي للفريق في الوقت الحالي.
وخلال حضوره العرض الأول للفيلم الوثائقي الخاص بمسيرته “تشيزني”، الذي أنتجته منصة برايم فيديو في العاصمة البولندية وارسو، تحدّث الحارس المخضرم عن إعجابه الكبير بزميله الشاب قائلاً: “ربما ينتهي به الأمر ليصبح خوان جارسيا أفضل حارس مرمى في العالم، فهو يمتلك موهبة استثنائية، وإذا كان لي نصيب في المساهمة في تطوره فسأكون سعيدًا وفخورًا بذلك”.
ويُنظر إلى كلمات تشيزني بوصفها رسالة دعم معنوية كبيرة لزميله، خاصة في فترة التعافي التي يمر بها، كما أنها تعكس مدى الاحترام الذي يحظى به داخل الفريق رغم حداثة عهده بالنادي.
ويُدرك برشلونة أن عودة جارسيا ستكون دفعة هائلة للفريق في النصف الثاني من الموسم، خصوصًا مع ازدحام جدول المباريات بين الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا، وحاجة فليك إلى تدوير المراكز للحفاظ على الجاهزية البدنية للفريق.
ومع اقتراب موعد عودته تدريجيًا، يترقب جمهور برشلونة رؤية الحارس الشاب مجددًا وهو يدافع عن ألوان الفريق، بعدما ترك انطباعًا قويًا في بداياته القصيرة، وقدم مؤشرات واضحة على أنه قد يكون الوريث الشرعي لجيل عمالقة الحراسة في النادي.